أما موضوع صحة هذا الشعر فأمر من الطبيعي أن يختلف فيه الناس . اذ من المؤكد أن شعر الاعراب في الجاهلية العربية لم ينتقل بالكتابة ، وكانت القبيلة تعد القصائد التي نسجل التصاراتها أغلى ما الملك ، فكانت ترويها جيلا بعد جيل، وبالإضافة إلى هذه المعرفة العامة المنتشرة في القبيلة ، وعمله أن يحتفظ بمذخور الشعر الذي تعيه ذاكرته ، بحيث كانت أكثر قدرة على الاستيعاب منها في العصر الحديث وليس من الغريب أن تناقل القصائد بهذه الطريقة قرنين أو ثلاثة . ومن الطبيعي أن يفترض المرء أن هذه القصائد اخراها بعض التنغير : أناء هذا التناقل فقد تستبدل بعض الكلمات المترادفة بغيرها ، وقد يؤدى عدم ثبت الذاكرة الى اسقاط أبيات، غير انا حين لفحص القصائد ذاتها تجد فيها من الشخصية الفردية ما يكفينا للاستدلال على أن القصائد ، فالمعلقات السبع مثلا كلها قصائد ذات شخصية وخصائص واضحة ، ونجد الأمر نفسه في القصائد الثلاث الباقية ( للاعلى والنابغة وعيد ) التي عدها بعض النقاد من المعلقات . فقد تركت شخصية امرى الفيس وزهير ولبيد والنابغة والأعشى طابعها على شعرهم ، ومن جموع الخيال أن نظن أن معظم القصائد المنسوبة الهم مصنوعة في عصر متأخر ، هو أن شعر القرن الأول الهجرى يتضمن وجود هذا الشعر الجاهلي ويفترض سبقه عليه : فقد استمر شعراء القرن الأول المشهورون : الفرزدق وتحرير والاسطل وذو الرمة ، وليس هناك من شك في أنه قد وصدا شعر هؤلاء الشعراء صحيحا فقد عادوا في عصر هم استخدام الكتابة فيه لتدوين الشعر وان كانت الرواية ما تزال أداة نشره بين الجمهور. لا بالرجوع الى لغة الخطاب التي لم تعد تحوى الالفاظ التي يبحثون عن معناها ،