سفر اللاويين هو سفر حياة الجماعة المقدسة بالله القدوس يقوم أساسًا على الذبيحة التي يقدمها الكاهن، فلا اقتراب لله ولا قبول للعبادة إلاَّ من خلال المصالحة بالدم الذي يقدمه الكاهن باسم الجماعة. وكأنه لا دخول إلى أحضان الآب القدوس ولا راحة أبدية إلاَّ بدم ربنا يسوع المسيح الذي يُطهرنا من كل خطية (1 يو 1: 7)، بكونه ذبيحة الصليب الفريدة والكاهن الأعظم في نفس الوقت.ولما كانت ذبيحة الصليب فريدة في نوعها وفي إمكانياتها لهذا لم يكن ممكنًا لنوع واحد من الذبائح أو التقدمات أن يكشف عنها، فقدم لنا سفر اللاويين خمسة أنواع من الذبائح والتقدمات كل منها يعلن عن جانب أو جوانب معينة من جوانب الصليب، ومع هذا يمكننا أن نقول بأن هذه الأنواع جميعها بطقوسها الطويلة والدقيقة المتباينة قد عجزت عن كشف كل أسرار الصليب لذا قدم لنا العهد القديم رموزًا وتشبيهات وأحداث كثيرة عبر الأجيال لعلها تدخل بنا إلى أعماق جديدة لهذا السر الفائق: سر الصليب والذبيحة.أما الذبائح والتقدمات المذكورة هنا فهي: تقدمة القربان يرى بعض الدارسين أن الأصحاحات (1- ص 7: 7) تمثل دليلًا عن الذبائح موجهًا لجماعة المتعبدين مع الكهنة، أما الجزء الأخير (6: 8، 7: 38) فيمثل دليلًا للكهنة عن طقس الذبائح والتقدمات(5).ترتيب الذبائح وارتباطها معًا:جاء ترتيب الذبائح والتقدمات عجيبًا فقد بدأ بذبيحة المحرقة وانتهى بذبيحة الإثم الأمر اللائق من جهة نظرة الآب للذبيحة لا نظرة الإنسان. فالمؤمن في لقائه مع الصليب يراه أولًا كذبيحة إثم وذبيحة خطية إذ يرى فيه كلمة الله المتجسد وقد حمل آلامه وإثمه ليرفع غضب الآب عنه، خلال هذه النظرة يتلمس في الصليب ذبيحة سلامة وشكر فيقدم حياته في المسيح يسوع المصلوب حياة شاكرة عوض طبيعته الجاحدة التي دبت فيه خلال السقوط، كما يرى في الصليب تقدمة قربان فيه ينعم بحياة الشركة في المسيح يسوع المصلوب، وأخيرًا يدرك الصليب كذبيحة محرقة إذ يكتشف فيه طاعة الابن الوحيد للآب حتى الموت موت الصليب مقدمًا هو أيضًا حياته ذبيحة طاعة ومحرقة حب لله في ابنه. هذا هو ترتيب الذبائح والتقدمات خلال انتفاعنا كمؤمنين، أما الآب فيتطلع إلى الصليب أولًا - إن صح التعبير- كمحرقة طاعة يشتّم فيه رائحة ابنه المحبوب محرقة حب كامل، وينتهي بالنظر إليه كحامل لخطايانا وآثامنا يدفع عنا الدين ويحمل عنا الغضب الإلهي. لسنا بهذا نميز بين جانب أو آخر في نظر الله الآب أو المؤمن إذ هي جوانب متكاملة غير منفصلة قط، لكن ما نود توضيحه أن الصليب يُعلن - في نظر الآب- بأكثر بهاء لا في انتزاع آثامنا وخطايانا قدر ما في حملنا طبيعة المصلوب فنصير به محرقة طاعة وحب، وحب بلا نهاية. صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت" (في 2: 5-8).في اختصار يمكننا أن نقول بأن الله الآب يشتّم رائحة المسيح فينا خلال الصليب هكذا:1. محرقة الحب الكامل والطاعة له في ابنه (ذبيحة المحرقة).2. شركة الحياة معه في ابنه الوحيد الجنس (تقدمة القربان).3. حياة السلام الداخلي والشكر الدائم (ذبيحة السلامة).4. التمتع بالغسل المستمر من خطايانا اليومية العامة وضعفاتنا التي لا تنقطع (ذبيحة الخطية).الذبائح الدموية والتقدمات الطعامية:كقاعدة عامة كانت الذبائح تتمركز حول الدم بكونه يمثل نفس الحيوان، وكأن الإنسان وقد فسدت نفسه تمامًا احتاج إلى نفس بريئة تحمل عنه أجرة إثمه وتفتديه من الموت بعد أن تفيّ عنه الدين. ولم يكن هذا العمل إلاَّ رمزًا لسفك دم السيد المسيح المخلص الذي وحده قادر أن يفدي البشرية ويدفع دينها لدى الآب بالكامل. وقد آمن اليهود بفكرة إفتداء النفس بالنفس، فنذكر بعض عبارات من مفسري اليهود(6):* ترتبط نفس كل خليقة بدمها، وتكفِّر عنها (راشي)(7).* تحل نفس محل الأخرى (ابن عزرا).* أقدم لك النفس على المذبح، فتكفِّر نفس حيوان عن نفس إنسان (موسى بن ناخمان).وقد عبّر كثير من اليهود عن شعورهم بعجز دم الحيوان عن الإيفاء بدين الإنسان أمام الله، الأمر الذي لأجله كانت القلوب في العهد القديم متطلعة بشوق إلى مجيء المسيا كمخلِّص حقيقي لهم. الحمام. إلخ، وكانت هذه التقدمات غير منفصلة عن الذبائح الدموية.الذبائح والكهنوت:التحم العمل الذبيحي بالكهنوت، فإن كان الإنسان بعد سقوطه احتاج إلى ذبيحة تفديه وتحمل عنه موته، فالحاجة ملحة إلى كاهن يشفع بهذه الذبيحة لدى الله عن الخاطئ. وقد جاء السيد المسيح إلينا بكونه الذبيحة الحقة ليُقدمها بنفسه بكونه الكاهن الأعظم القادر وحده أن يشفع في الخطاة بدمه أمام الآب، إذ هو حيّ جالس على يمينه، يعمل لحسابنا وبإسمنا. وكما قدم السيد لكنيسته حق تقديم جسده المبذول لا كتكرار للذبيحة بل امتداد لها هي بعينها طريقة سرية هكذا وهو الكاهن الأعظم السماوي وهب كنيسته الكهنوت المقدس بكونه العامل في كهنته والمختفي فيهم، فيعملون باسمه ولحسابه وإمكانياته لا بإمكانيتهم البشرية مهما سمت!هذا وفي العهد القديم نجد للشعب دوره الإيجابي في الذبيحة، ويرى بعض الحاخامات أن للشعب أن يقدموا الذبيحة ويضعوا أيديهم عليها معترفين بخطاياهم أو آثامهم أو معترفين بالشكر لله. بجانب هذا يسمح لهم أحيانًا بذبحها وسلخها وتقطيعها وغسل أحشائها. لكن هناك أعمال كهنوتية لا يستطيع أن يمارسها أحد غير الكاهن مثل صب الدم من الذبيحة ورشه وإشعال المذبح بالنار إلخ.تنوع الذبائح وغايتها:للقديس يوحنا الذهبي الفم تعليق على تنوع الذبائح وغايتها، فمع كثرة أنواعها لا يجد ذبيحة واحدة تقدم ضد عدو بقصد الانتقام، إنما جميعها تهدف لبنيان الإنسان خلال غفران الخطايا، وأنواع أخرى متعددة، ومع ذلك لا نجد ذبيحة واحدة ضد الأعداء، إنما يُقدم الكل بقصد نزع الخطايا وتقدم الإنسان(8)].ذبيحة المحرقةيبدأ دليل الذبائح والتقدمات بذبيحة المحرقة بأنواعها الثلاثة إن كانت من البقر أو الغنم أو الطيور، مقدمًا حياته كلها محرقة حب ملتهبًا، فأشتمه الآب رائحة سرور ورضى باسم الكنيسة ولحسابها.1. مقدمة 2.رابعًا: مقدمهاسادسًا: فاعلية المحرقة سابعًا: التفسير الرمزي 3. محرقة من الغنم 4.الكنيسة القبطية الأرثوذكسيةالكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي من الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، وهي مؤسسة على تعاليم القديس مرقس الذي رافق مار بطرس وبولس وكان يساعدهما في الخدمة و‌التبشير وكان بطرس يسميه ابنه كما ورد في رسالة بطرس الأولى: يسلم عليكم مرقس ابني في بطرس الرسالة الأولى، الأصحاح 5 الآية 13، ومرقس بشَّر بالمسيحية في مصر، خلال فترة حكم الحاكم الروماني نيرون في القرن الأول، بعد حوالي عشرين عاما من انتهاء بشارة المسيح وصعوده إلى السماوات، وقد كان أول شخص يؤمن بالمسيح في مصر إسكافيًا ذهب إليه القديس مرقس بمجرد وصوله إلى مصر لإصلاح حذائه الذي اهترأ من السفر، فصرخ الإسكافي إلى الله عندما دخلت الإبرة التي يعمل بها في يده، وهنا بدأ القديس مرقس يشرح له من هو الله وكيف أتى المسيح لخلاص البشر فآمن الإسكافي وأهل بيته.إن الكنيسة القبطية –وهي عمرها الآن أكثر من تسعة عشر قرناً من الزمان وبالرغم من الاتحاد والاندماج الكامل للأقباط، فقد استمروا ككيان ديني قوي، وكوَّنوا شخصية مسيحية واضحة في العالم رغم انفصالهم عن معظم الكنائس برفضهم مجمع خلقدونية. والكنيسة القبطية تعتبر نفسها مُدافِعاً قوياً عن الإيمان المسيحي.أصل التسميةكلمة قبطي تأتي جذورها الأولى من كلمة "حاكبتاح" الهيروغليفية والتي هي بحسب بعض الآراء تشير إلى مدينة ممفيس أو إله مدينة منف، كون الإله بتاح هو إلهها، فقد أطلق على هذه المدينة اسم الإله خاصتها " الإله بتاح ". ولما كانت المدينة إحدى عواصم مصر القديمة فقد ساد اسمها في المنطقة المحيطة واستبدلت بعض أحرفه على مر العصور، وهما لازمتان لجميع أسماء العلم في اليونانية وكنتيجة للتحوير أصبح المصطلح "إيجيبتوس (باليونانية: Αιγύπτιος)". وساد هذا المصطلح لفترة طويلة، لوصف مصر وسكانها. هناك نظرية ثانية، تقول أن عاصمة مصر العليا في السابق كانت تدعى جيبتو ومنها اشتقت التسمية، وفي جميع الأحوال فإن الموئل واحد، بكون المصطلح ذو جذر يوناني واستخدم لوصف سكان مصر.بعد أن نقلت اللغة الديموطيقية إلى الأبجدية اليونانية، تكونت بذلك أولى أساسات اللغة القبطية وأصبحت التسمية اليونانية هي الشائعة لوصف مصر ومنها انتقلت إلى مختلف اللغات الحديثة كالإنجليزية؛ أما داخل البلاد فقد تحوّلت في أعقاب الفتح الإسلامي لمصر إلى لقب مخصوص بالكنيسة المصرية، أما كلمة أرثوذكسية فهي قادمة من اليونانية (باليونانية: Ορθοδοξία) بمعنى الإيمان المستقيم أو الإيمان القويم، وقد شاع استخدام هذا المصطلح لدى شتّى الطوائف المسيحية منذ القرون الأولى، وبات رسميًا في أعقاب مجمع نيقية وغايته الأساس التفريق بين الهراطقة الذين ضلّوا حسب رأي الكنيسة عن الإيمان القويم وبين الطوائف المسيحية التي لا تزال متمسكة به. بناءً على ما سبق،بحسب التقاليد الكنسية المتوارثة فإن القديس مرقس هو مؤسس الكنيسة القبطية ولذلك تسمى "الكنيسة المرقسية". وقد ورد ذكره في سفر أعمال الرسل كأحد مرافقي القديس بولس في أنطاكية[؟] وقبرص، وأحد أتباع القديس بطرس وتلامذته، ومن ثم هو أيضًا كاتب الإنجيل الثاني في العهد الجديد والمنسوب لشخصه عن ذكريات نقلها إليه بطرس. أصل القديس مرقس غير معروف، وإن كانت بعض التقاليد وبعض كتابات آباء الكنيسة تعيده إلى مدينة برقة في ليبيا. وصل القديس مرقس إلى الإسكندرية حسب ما يتفق عليه المؤرخون الأقباط حوالي عام 61 ويرجع البعض الآخر ذلك لعام 55، وفيها كانت أولى أعماله اجتراح أعجوبة شفاء إنيانوس الذي كان يعمل إسكافيًا، ومن ثم اعتنق إنيانوس المسيحية وغدا أسقفًا ومن ثم البابا الثاني في الإسكندرية. وفق معتقدات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فإن عجائب القديس مرقس قد تعددت، ما ساهم في انتشار المسيحية في المدينة، ومن ثم حوّل إحدى المنازل لأول كنيسة فيها، عرفت فيما بعد باسم بوكاليّا، وأقام أيضًا مدرسة لاهوتية صغيرة كان القديس يسطس أول مدرسيها، وينسب للقديس مرقس في الإسكندرية أيضًا القدّاس المعروف باسم "القدّاس الكيرلسي" الذي لا يزال معمولاً به إلى اليوم.تنقل التقاليد الكنسيّة، أن القديس مرقس غادر الإسكندرية في رحلة تبشيرية إلى ليبيا وروما من جديد، ومن ثم عاد إليها وقد نما وتكاثر عدد المسيحيين فيها، تزامن ذلك مع حقبة من اضطهاد المسيحيين على يد الإمبراطورية الرومانية بدأت في روما نفسها على يد نيرون، كان أحد ضحاياه عام 68 القديس مرقس نفسه. طريقة موت القديس مرقس، حسب التقاليد القديمة للكنيسة القبطية والكنائس المصريّة بشكل عام، وقد تلاه في رئاسة أساقفة الكنيسة الإسكندرانية إنيانوس، ويقول المؤرخ الروماني يوسابيوس القيصري، أنه في السنة الثامنة في حكم نيرون أصبح إينانوس بطريركًا على الإسكندرية. أبرز أحداث حبريته، ثورة اليهود عام 70 ضد الحكم الروماني والتي أفضت إلى تدمير القدس وهجرة الكثير من اليهود القاطنين بها نحو الإسكندرية أكبر المراكز الاقتصادية في حوض البحر الأبيض المتوسط، فنقلوا معهم قلاقل وعدم استقرار سياسي واقتصادي؛ ولا يمكن القول أن فترة حبريته كانت خالية من الاضطهاد للمسيحيين، لكن وكما حصل في مواقع أخرى من العالم الروماني كان عدد المسيحيين آخذ بالتنامي، حتى رسم البابا إينانوس أساقفة وشمامسة جدد بنتيجة تزايد عدد المسيحيين. وإثر وفاته عام 83 أصبح ميليوس ثالث البطاركة في الإسكندرية، وقد وصف ابن المقفع في كتابه "تاريخ البطاركة" ميليوس بكونه: «ذا عفاف وقد ثبت الشعب على معرفة المسيح، وكثر الشعب الأرثوذكسي بمصر والخمس مدن وأفريقية في حبريته التي امتدت اثني عشر عامًا على الكرسي.» فيمكن استنادًا إلى وصف ابن المقفّع السابق، القول بنمو المطرد للمسيحيين في الإسكندرية وضواحيها أواخر القرن الأول، فإثر وفاة هذا البابا عام 93 لم ينتخب خلفه حتى عام 95 بسبب الاضطهادات وملاحقة المسيحيين، الأمر الذي استتبع في عهد رابع البطاركة كردونوس والمعروف باسم اضطهاد تراجان والذي بدأ عام 98 وكان من نتائجه قتل البطريرك نفسه عام 106. وعلى الرغم من ذلك فقد توافق الأساقفة على بطريرك جديد، ما يدلّ، أنه وعلى الرغم من الاضطهاد الذي لحق بالمسيحيين بعض نصف قرن تقريبًا على تواجدهم في الإسكندرية، إلا أن أساس كنيستهم كان من القوّة بحيث لم ينقرض أو يباد باختلاف أنواع الاضطهاد، بما فيه قتل البابا نفسه.يقدم ويل ديورانت بعض المميزات الاجتماعية للجماعات المسيحية في القرون الأولى، بما فيها جماعة مصر. فقد كانت الجماعات المسيحية الأولى مؤلفة بشكل رئيسي من البسطاء وطبقات الشعب الوسطى والفقيرة دون أن تضم علية القوم ومثقفيهم، رغم وجود المنتقلين إلى المسيحية باكرًا من مثل هذه الطبقات غير أنهم ظلوا أقلية. تساعد الجماعة العائلات الأكثر فقرًا فيها وتمدّ بالوقت نفسه حركات التبشير بالأموال؛ حتى باتت لفظة قروي في بلاد الشام ومناطق مختلفة من الإمبراطورية الرومانية توافق كلمة وثني. كان التزام الزوج والزوجة في المسيحية دورًا هامًا في تقوية أركان الجماعة المسيحية، سوى ذلك، فإن الآرامل والعازبات من النساء كان يستفاد من خدماتهنّ بالأعمال اليدوية البسيطة وفي خدمة الكنائس والعناية بالمرضى ورعاية العجزة وإدارة الصدقة للمسيحيين وغيرهم، ما ساهم بانتشار المسيحية، وتأسيس غير مباشر للرهبنة، ووصف المؤرخ الروماني الوثني لوقيان الجماعة المسيحية، بأنها تقتسم جميع ممتلكاتها المادية مع بعضها البعض، كائنين بذلك على صورة العهد الجديد. وازدجارًا لقيم المجتمع الإغريقي، ووضعًا لقانون يهذب حياة الإنسان،أما على صعيد الكنيسة، فقد كان القرن الثاني بدوره حافلاً: انتخب إبريموس عام 106 وأصبح لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية شأنًا هامًا في أيامه وتكاثر عدد الكنائس في مصر وخارجها، غير أن الإمبراطور هادريان أمر باضطهاد المسيحيين ونفيهم خارج المدن، ومن ثم أمر بهدم الكنائس. وبعد وفاته عام 118 اختير يسطس بطريركًا والمعلومات حول بطريركيته قليلة للغاية رغم ذكره في كتابات المؤرخين الأقدمين كيوسابيوس النيقموميدي وذكره كذلك في كتابات المؤرخين الأقباط خلال مرحلة القرون الوسطى وما بعدها؛ ولم يستراح المسيحيون في أيامه من الاضطهاد وكذلك في أيام خلفه أومانيوس عام 129 وحتى 141، وقد كان هذا البابا رئيسًا للمدرسة اللاهوتية في الإسكندرية، إذ اشتدّ اضطهاد هادريان خلال حبريته، وقتل خلاله مئات الأقباط ومن بينهم القديسة صوفيا، التي نقل جثمانها لاحقًا إلى القسطنطينية وشيدت آيا صوفيا خلال أيام قسطنطين الأول فوق ضريحها هدأت الاضهادات في عهد خليفته مرقيانوس وكذلك في عهد كالاديانوس، ومنذ منتصف القرن الثاني قدّمت الكنيسة القبطية عددًا وافرًا من آباء الكنيسة ومعلميها الأوائل الذين لا تزال مؤلفاتهم يدرسها طلاب اللاهوت حول العالم يدرسونها حتى اليوم: منهم أوريجانوس الذي ألف أكثر من ستة آلاف كتاب حول تفسير الكتاب المقدس، والقديس إكليمندس الإسكندري الذي زاوج خلال دراسته في المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية بين الفلسفة اليونانية واللاهوت المسيحي، ما ساهم في نقل مبادئ الدين إلى لغة مثقفي ذلك العصر من ناحية، وانفتاح المسيحية على العلوم من الناحية الثانية، ويضاف إليهم أثينا غوراس والقديس بنتينوس. يذكر أن بعضًا من أهم آباء الكنيسة اللاحقين في الغرب المسيحي كالقديس أوغسطين والقديس جيروم قد تأثروا بكتابات آباء المدرسة اللاهوتية في الإسكندرية وكتاباتهم سر الميرون يعنى سر التثبت أو دهن مقدسيتم رشم على كل أنحاء الجسم عند المعمدية حتى لا يكون الإنسان ملكا للشيطانالميرون كلمة يونانية معناها دهن أو طيب أو رائحة عطرة، وهو بديل لوضع اليد لحلول الروح القدس علي المعمدين ويسمى أيضاً زيت البهجة وهذه الكلمة تطلقها الكنائس الرسولية الشرقية والغربية منذ القرن الأول الميلادى على سر المسحة المقدسة.وسر الميرون (أو سر التثبيت) هو سر من أسرار الكنيسة السبعة ويتم بعد سر التعميد. وطبقاً لإيمان الكنيسة – كما ذكر الأنبا بنيامين في كتاب “اللاهوت الطقسي” الذي يتم تدريسه في الكلية الاكليريكية – فإنه “بالمعمودية يتم ينطرد الشيطان من الإنسان لا يكون الإنسان مِلكا للشيطان. الإنسان يُولد ملك للشيطان، وفي المعمودية يخرج من مملكة الشيطان، و عن طريق الميرون تغلق كل المنافذ التي من الممكن أن يدخل الشيطان مرة أخرى عبرها”.ولذلك يتم بعد التعميد رشم (مسح) الشخص في جميع منافذ جسمه بزيت الميرون (زيت مقدس في المسيحية) كما وصف الأنبا بنيامين في كتابه رداً على سؤال “أي أجزاء الجسم التي ترشم؟”: “هى تشمل كل منافذ الجسم بدءاً من النافوخ والمنخرين والفم والأذنين والعينين والكاهن يرشم هؤلاء في الأول على شكل صليب ثم يرشم عند القلب والسرة وأمام القلب من الظهر حتى آخر العمود الفقرى وهو صلب الإنسان فوق فتحة الشرج والزراعين (الكتف وتحت الإبط) والرجلين يأخذ مفصل الحوض والورك والركبة من فوق ومن تحت ومفصل المشط من الناحيتين.وقد كان لهذا السر أهميه قصوى لآباء العهد القديم فقد ان يستخدم في مسح الكهنة والأنبياء والملوك: وهكذا حل الروح القدس بالمسحة المقدسة علي ملوك إسرائيل مثل شاول بن قيس و داود بن يسي و سليمان بن داود.وفى العهد الجديد فإن سر الميرون المقدس في العهد الجديد فقد ارتبط سر الميرون مع سر المعمودية .وترجع أقدم شهادة وثائقية عن تاريخ تكريس الميرون في كنيسة الإسكندرية في الألف سنة الأولي للميلاد إلي أسقف من أساقفة الكنيسة القبطية, وهو أنبا مقاره أسقف منوف العليا, وكان أيضاً سكرتير البابا قزمان الثالث (920-932م) البطريرك ال85 من باباوات الإسكندرية, هذه الشهادة الوثائقية هي رسالة هامة للأنبا مقاره حُفظت له في مخطوط كانت بحوزة أنبا يوساب أسقف إبرياشية منوف العليا في القرن الثالث عشر, ثم انتقلت هذه المخطوطة إلي المكتبة الأهلية بباريس تحت (رقم 100 عربي) ونشرها الأب لويس فيلكور (Dom Louis Villecourt) بالفرنسية في لوفان سنة 1923م في مجلة لوميزيون (Le Muséon) تحت عنوان "رسالة مقاره أسقف ممفيس (منوف) عن الليتورجية القديمة للميرون والمعمودية في الإسكندرية وقد أورد الأب لويس فيلكور النص الكامل لهذه الرسالة باللغة الفرنسية مترجمة عن اللغة العربية, وتُعد هذه الرسالة من أقدم الشهادات الوثائقية المعروفة حتي الآن عن ليتورجية تقديس الميرون المقدس, وأيضاً عن ليتورجية المعمودية في كنيسة الإسكندرية, نقل القس أبو البركات ابن كبر (1324م) من هذه الرسالة كثيراً ووضعها في الفصل التاسع من كتابه "مصباح الظلمة وإيضاح الخدمة".مكان تكريس الميرون المقدس عرفنا من رسالة أنبا مقاره أسقف منوف العليا في القرن العاشر الميلادي أنه ما بين القرنين السابع والعاشر للميلاد كان تكريس الميرون يتم في الإسكندرية في البيعة الجامعة التي تُسمي الإنجيلين أو البشيرين. ثم انتقل تكريس الميرون بعد ذلك إلي القاهرة مع انتقال المقر البطريركي إليها, وقد جري تكريسة فيها في كنيسة العذراء التي تُعرف بالكنيسة المُعلقة بمصر القديمة, وفي كنيسة القديس مرقريوس أبي سيفين بمصر القديمة, وفي كنيسة العذراء بحارة زويله, وفي الكاتدرائية المرقسية القديمة بالأزبكية, ومؤخراً كُرس الميرون المقدس في عهد قداسة البابا شنودة الثالث في دير أنبا بيشوي ببرية شهيت. وقد طُبخ الميرون المقدس في كنيسة القديس مرقريوس أبي سيفين بمصر القديمة في الجانب القبلي من الكنيسة, أما طبخه في دير القديس أنبا مقار فكان دائماً في قبة الميرون والتي تقع في الجهة البحرية من كنيسة أنبا مقار بديره, وتم طبخ الميرون المقدس في دير أنبا بيشوي في الخوروس الأخير من الكنيسة, وهو الخوروس الثالث لها.وقد احتفظ الطقس القبطي منذ البداية بتقليد لم يتزحزح عنه بخصوص طقس تكريس المعمودية, وهو أن تبدأ هذه المراسيم في يوم الجمعة السادسة من الأسبوع السادس من الصوم المقدس الكبير.بحث عن عملية طبخ الميرون واستخداماته - أهميتة – وتاريخه"الميرون" أحد أسرار الكنيسة القبطية ويتكون من 28 مادة 27 نباتية والأخيرة من زيت الزيتونيتكون الميرون المقدس في الكنيسة القبطية من 28 صنفاً من الأفواه, وهي جمع لكلمة أفاويه, والفوه بضم الفاء هي التوابل أو نوافح الطيب, ويتكون الميرون المقدس أيضاً من الأطياب والمواد العطرية. في الكنيسة البيزنطية يتكون الميرون المقدس من حوالي 57 نوعاً تُخلط بزيت الزيتون النقي, كانت الكنيسة الأرمينية تستخدم زيت السمسم بدلاً من زيت الزيتون لأن كهنتهم كانوا يزرعون السمسم بأيديهم ثم يحصدوه ويعصروه, أما الآن فيستخدموا زيت الزيتون النقي, ويخلطوا معه البلسم وخُلاصة أكثر من 40 نوعاً من الزهور والأطياب والبذور. أمتزاج كل هذه العناصر معاً له معني روحي في طقس الكنيسة الأرمينية, فهو يرمز إلي رائحة حياة السيد المسيح الحقيقية, وتقول صلوات التكريس في هذا الصدد "برائحتك الزكية امتلأت الخلائق المنظورة وغير المنظورة", ثم يُبارك ويُقدس المزيج ببقايا الصليب المقدس والحربة التي طُعن بها جنب المسيح, وببقايا الذراع الأيمن للقديس غرغوريوس المنورمكونات الميرون المقدس في التقليد القبطي قصب الذريرة ويُعرف أيضاً باسم "قصب الطيب" أو "عود الوج", وهذا النبات ينبت في الهند أصلاً لذلك يُدعي أيضاً "عود هندي ، وهو نبات ينمو بكثرة في المراعي, وقد ورد ذكره في سفر النشيد (نشيد الأنشاد 16:2), أزهاره مختلفة الألوان ، و السليخة وهي القرفة الخشبية ، دار شيشعان ويُسمي أيضاً "نوار القندول ، وتين الفيل واللآفندر ، وقُسط هندي والقرفة والقرنفل و ورد عراقي وحصا لبان و البسباسة وجوزة الطيب والمُر وهو نبات ذو أشواك كثيرة, وعندما تُجرح هذه الأشجار يخرج منها عصير صمغي و زيت الزيتونطريقة عمل (طبخ الميرون المقدس) :تُعتبر طريقة عمل (طبخ) الميرون المقدس في عهد البابا يؤانس السادس عشر (1676-1718م), البابا ال 103 من بطاركة الكنيسة القبطية هي الطريقة النموذجية التي سار عليها جميع البابوات الذين قاموا بعمل الميرون من بعده, حيث استُخدمت فيها كل العناصر الثمانية والعشرين بما فيها دُهن البلسان, إلا أن دُهن البلسان لم يُستخدم في عهد البابا كيرلس السادس البابا ال(116),قبل طبخ الميرون تُقسم الدُرور والأطياب إلي خمسة أقسام, أما القسم الخامس فيُضاف إلي زيت الميرون بعد أن يبرد في نهاية الطبخة الرابعة, وهناك بعض الأطياب تُضاف في أكثر من طبخة.تم عمل الميرون خمس مرات في عهد البابا شنودة الثالث في دير القديس أنبا بيشوي في الصوم المقدس الكبير ولكن الآن يُستخدم خلاطات كهربائية قوية, أما الصندل المقاصيري, والعود القافلي فيُنشرا بمنشار كهربي, لأن خشبهما صلب جداً, ثم يتم تنعيمهما بمطحن كهربائي, ولا داعي لتنعيم مواد الطبخات الأربع إلي درجة كبيرة. أما الدُرور والتي تًضاف بعد نهاية الطبخة الرابعة بعد أن يبرد الزيت, فيجب تنعيمها جيداً, حيث أن الزيت بعد إضافة هذه الدُرور عليه لا يتم تصفيته كما يحدث في الطبخات الأربع.وكان اليوم قد بدأت الكنيسة القبطية الارثوذكسية برعايا البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للمرة 38 فى تاريخ الكنيسة القبطية بدير الانبا بيشوى بوادى نظرون .وقال البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ان اليوم " الثلاثاء " نبدأ عمل الميرون بدير الانبا بيشوى بوادى نظرون موضحا ان الميرون يعد من اسرار الكنيسة وهو السر الثانى ويسمى بسر التثبيت .واوضح بابا تواضروس انه الميرون يتكون من 28 مادة 27 مادة نباتية والمادة 28 تكون زيت الزيتون وسوف نعد 600 كيلو من الميرون المقدس،صلاة باكر يارب بارك. آمين.المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.أبانا الذي في السموات. لتكن مشيئتك. كما في السماء كذلك على الأرض. لكن نجنا من الشرير. بالمسيح يسوع ربنا لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد.صلاة الشكرفلنشكر صانع الخيرات الرحوم الله، نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال، وأعنتنا، وحفظتنا، وعضدتنا، وأتيت بنا إلى هذه الساعة. كل حسد، وكل تجربة وكل فعل الشيطان ومؤامرة الناس الأشرار، وعن موضعك المقدس هذا. لأنك أنت الذي أعطيتنا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو. ومثل كثرة رأفتك تمحو إثمي. اغسلني كثيرا من إثمي ومن خطيتي طهرني، لأني أنا عارف بإثمي وخطيتي أمامي في كل حين. لك وحدك أخطأت، وبالخطايا ولدتني أمي. لأنك هكذا قد أحببت الحق، إذ أوضحت لي غوامض حكمتك ومستوراتها. تغسلني فأبيض أكثر من الثلج. تسمعني سرورا وفرحا، قلبا نقيا اخلق في يا الله، وروحا مستقيما جدده في أحشائي. امنحني بهجة خلاصك، وبروح رئاسي عضدني فأعلم الأثمة طرقك والمنافقون إليك يرجعون، فيبتهج لساني بعدلك. فيخبر فمي بتسبيحك. ولتبن أسوار أورشليم. حينئذ تسر بذبائح البر قربانا ومحرقات ويقربون على مذابحك العجول.بدء الصلاة (هلم نسجد - البولس - من إيمان الكنيسة):-هلم نسجد: هلم نسجد، هلم نطلب من المسيح ملكنا. هلم نسجد، هلم نتضرع إلى المسيح مخلصنا. بشفاعة القديسة مريم وجميع قديسيك، احفظنا ولنبدأ بدءا حسنا. بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة، وإيمان واحد. ومعمودية واحدة. منبثق من الآب، يعلمنا أن نسجد للثالوث القدوس بلاهوت واحد وطبيعة واحدة، نسبحه ونباركه إلى الأبد. آمين.صلاة باكر من النهار المبارك، أقدمها للمسيح ملكي وإلهي، وفى طريق الخطاة لم يقف، وفى مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب إرادته، لكنهم كالهباء الذي تذريه الريح عن وجه الأرض. ولا الخطاة في مجمع الصديقين. وأما طريق المنافقين فتباد.المزمور الثاني الساكن في السموات يضحك بهم، أنا أقمته ملكا على صهيون جبل قدسه، الرب قال لي: أنت ابني، لترعاهم بقضيب من حديد. طوبى لجميع المتكلين عليه هلليلويا. كثيرون قاموا علي. ليس له خلاص بإلهه. مجدي ورافع رأسي. فلا أخاف من ربوات الجموع المحيطين بي القائمين على. لأنك ضربت كل من يعاديني باطلا. هلليلويا. في الشدة فرجت عنى. تراءف على يا رب واسمع صلاتي.يا بني البشر، حتى متى تثقل قلوبكم؟ لماذا تحبون الباطل وتبتغون الكذب؟ اعلموا أن الرب قد جعل صفيه عجبا. اذبحوا ذبيحة البر، أعطيت سرورا لقلبي أوفر من الذين كثرت حنطتهم وخمرهم وزيتهم. أصغ إلى صوت طلبتي يا ملكي وإلهي، لأني إليك أصلى. أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك، من أجل أعدائي سهل أمامي طريقك. لأن ليس في أفواههم صدق. باطل هو قلبهم. حنجرتهم قبر مفتوح.