قول الحكماء الإنسان مدني ʪلطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدينة في اصطلاحهم وبيانه أن الله سبحانه خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياēا وبقاؤها إلا ʪلغذاء وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته منه ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار وفاخوري وهب أنه ϩكله حبا من غير علاج فهو أيضا يحتاج في تحصيله أيضا حبا إلى أعمال أخرى أكثر من هذه من الزراعة والحصاد والدراس الذي يخرج الحب من غلاف السنبل ويحتاجكل واحد من هذه من الزراعة والحصاد والدارس الذي يخرج الحب من غلاف السنبل ويحتاج كل واحد من هذه آلات متعددة وصنائع كثيرة أكثر من الأولى بكثير ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد فلا بد من اجتماع القدر الكثيرة من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم فيحصل ʪلتعاون قدر الكفاية من الحاجة لأكثر منهم ϥضعاف. وكذلك يحتاج كل واحد منهم أيضا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة ϥبناء جنسه لأن الله سبحانه لما رّكب الطباع في الحيواʭت كلها وقسم القدر بينها جعل حظوظ كثير من الحيواʭت العجم من القدرة أكمل من حظ الإنسان فقدرة الفرس مثلا أعظم بكثير من قدرة الإنسان وكذا قدرة الحمار والثور وقدرة الأسد والفيل أضعاف من قدرته. فالواحد من البشر لا تقاوم قدرته قدرة واحد من الحيواʭت العجم سيما المفترسة فهو عاجز عن مدافعتها وحده ʪلجملة ولا تفي قدرته أيضا ʪستعمال الآلات المعدة لها فلا بد في ذلك كله من التعاون عليه ϥبناء جنسه وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته لما ركبه الله تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في حياته ولا يحصل له أيضا دفاع عن نفسه لفقدان السلاح فيكون فريسة للحيواʭت ويعاجله الهلاك عن مدى حياته ويبطل نوع البشر وإذاكان التعاون حصل له القوت للغذاء والسلاح للمدافعة وتمت حكمة الله في بقائه وحفظ نوعه