صناعة الخوف والإرهاب المفيد في النظم العسكرية والديكتاتورية دائما ما تسبق الأفعال الأقوال، بل على العكس يعتمد التخطيط والاستراتيجية الأساسية لتلك الأنظمة على ضرب الاستقرار وتمزيق النسيج المجتمعي ونشر الغلاء وقلة إنفاق الحكومة على حقوق ومتطلبات وهذا ما لن يحدث أبداً فلو حاربها ستنشب حرب عالمية لا تبقي ولا تذر ولن ينتصر بأي حال من فالمطلوب هو استمرارية العدو وليس مواجهته بالحرب ولا التصالح معه، يجب عليك الصمت والعمل والانصياع للنظام الشمولي الحاكم وإلا أصبحت خائناً عميلاً مارقاً وجب القضاء عليك حتى تكون عبرة لغيرك ولا يحاول الآخرون تقليدك، تسوق الشعب وتخرسه. فالبشر بطبيعتهم لديهم الاستعداد وفي منطقتنا العربية برعت وتفننت أنظمة القمع والاستبداد في خلق الأعداء وصناعتهم للاستمرار في التسلط والحكم المنفرد، وأفضل مثال على هذا ما وقع في مصر بعد الانقلاب العسكري، حيث خلق السيسي عدواً كان محتملاً بتصريحه هو نفسه في 24 يوليو/ تموز 2013 بعيد انقلابه على الرئيس محمد مرسي ليصبح عدواً مؤكداً وقد بذل النظام الانقلابي قصارى جهده لإيجاده وتضخيمه، بل القيام بدوره في كثير من الأحيان لو دعت الحاجة لهذا، فهذا للنظام بمثابة عصا موسى التي ستبتلع كل مطالب الشعب المصري وتطلعاته، نحن في غمار حرب ضروس فاصمت وإلا فأنت من "أهل الشر" الذين لا يريدون دحر العدو "الإرهاب" فهو العائق الوحيد والسد الذي يحول بيننا وبين الرخاء والخير الوفير الذي يلوح في الأفق، وهو يُمَنِي النفس ببلوغه للارتواء، وكلما اقترب منه يبتعد لتبقى المسافة كما هي دون تغير، دوامة الإرهاب وطوفان الدم والعنف والعنف المضاد واللا منطقي والشرس من النظام هم طرفا معادلة لا بقاء لأحدهما دون الآخر، عبر نظام قضائي مسيس وموجه بشقيه المدني والعسكري والتصنيفات المبهمة والقضايا الملفقة وغير الواضحة المعالم ضد أشخاص أبرياء تم إلقاء القبض على الكثيرين منهم والزج بهم في غياهب المعتقلات قبل وقوع أحداث تلك القضايا من الأصل، وتصوير كل من توجه إليه أصابع الشك قبل الاتهام على أنه عدو الشعب والدولة بدون الإرهاب لا حاجة للقوانين الاستثنائية والإجراءات القمعية والأحكام العرفية وليس من سبب ولو سقط النظام القمعي والديكتاتوري، وعمت أسس الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وساد القانون، ما دامت تتم بحق وضد قطاع من الشعب غيرهم تم تمييزه وفصله عنهم ووصمه صناعة الخوف هي الامتداد الطبيعي والمنطقي القاعدة ميكافيلي فقد سبق استخدامها على مر التاريخ كحريق الرايخستاج الشهير في 27 فبراير/ شباط 1933 والقبض على شيوعي هولندي ثم استصدار هتلر لقانون طارئ من الرئيس الألماني هند نبيرغ وإعلان الحرب على الشيوعية،