الرضا من الصفات والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الإنسان البصير والمؤمن، فهي صفة تجلب له الهدوء والتوازن النفسي، والقدرة على مكابدة الحياة والعيش فيها بأحسن ما يمكنه ذلك، فيكون فعّالاً نتيجة لتوازنه الداخلي وتسليمه لمجريات القدر، عم احتفاظه بعزيمته وإصراره وهمته، والرضا ثمرة من ثمرات المحبة، وجنة الدنيا، ملأ الله صدره غنىً ومنًا وقناعة. ورضا الله عن العبد أكبر من الجنة وما فيها، لأن الرضا هي صفته والجنة هي من خلقه، 1] عدلالرِّضا لغةً: ضد السُّخط، والرضا بالشيء الركون إليه وعدم النفرة منه. وارْتَضَيْتُهُ فهو مَرْضِيٌّ ومَرْضُوٌّ أيضا على الأصل ورَضِيَ عنه بالكسر رِضَاً مقصور مصدر محض والاسم الرِّضَاءُ ممدود، عن الأخفش: (وعيشة رَاضِيَةٌ) أي مَرْضِيَّةٌ، لأنه يقال رَضِيْتُ معيشته على ما لم يسم فاعله ولا يقال رَضِيَتْ ويقال رَضِيَ به صاحبا وربما قالوا رضي عليه في معنى رضي به وعنه وأرْضَيْتُهُ عني ورَضَّيْتُهُ أيضا تَرْضِيَةً فَرَضِيَ وتَرَضَّاهُ أرْضَاهُ بعد جهد واسْتَرْضَيْتُهُ فَأَرْضَانِي. وترضَّاه: أي طلب رضاه. 2] والرضا اصطلاحًا: هو طيب النفس بما يصيبه ويفوته مع عدم التغير. وقيل: هو ارتفاع الجزع في أي حكم كان، وقال الجنيد: الرضا هو رفع الاختيار. وقال الحارث المحاسبي: الرضا هو سكون القلب تحت مجاري الأحكام. وقال ابن عطاء: (الرضا: نظر القلب إلى قديم اختيار الله للعبد وهو ترك السخط). 3] ويقول الراغب الأصفهاني: (رضا العبد عن الله؛ ورضا الله عن العبد؛ أن يراه مؤتمراً بأمره منتهياً عن نهيه). 4] ولمَّا كان أعظم رضا هو رضا الله سبحانه؛ عدلالصبر هو أن يمنع الإنسان نفسه من فعل شيء، أو قول شيء يدل على كراهته لما قدره الله، ولما نزل به من البلاء، وعن الشكوى لغير الله، ويمسك جوارحه عن كل ما يدل على الجزع وعدم الصبر، فالراضي صابر، لا يتألم به. قال ابن القيم بعد أن ذكر الصبر والرضا: " عبودية العبد لربه في قضاء المصائب الصبر عليها، إذا تمكن حبه من قلبه، 6] قابض على قلبه، فيرضى بقضاء الله. والفرق بين الرضا والصبر: أن الراضي لم يتألم قلبه بذلك أبدا، فهو يسير مع القضاء (إن إصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له)، ولا يرى الفرق بين هذا وهذا بالنسبة لتقبله لما قدره الله عز وجل،