)، و قبل أن تتطور المدينة كانت عبارة عن قبائل و عشائر تعيش على الفلاحة البسيطة و تربية المواشي على طول واد مكرة. لتكون حقلا لتجربة نموذجية أرادها الاستعمار مثالا لانتصار له في أرض الجزائر، فإن نجاحها في سهل مكرة هو بمثابة نجاح فرنسا المتحضرة كما كانت تدعيه الكتابات الفرنسية الرسمية. أما المدينة على شكلها الحالي فهي نتاج شخصيات استعمارية بارزة "كلامورسيار"Lamoricière، و هذا على غرار ما كتب حول المدن الأخرى في البلاد من طرف المؤرخين الجزائريين. أهمها واحدة ضرورية قرب الولي الصالح سيد بلعباس الذي يقع في أعلى تلة على المكرة في أرض قبيلة العمارنة ( فرقة من قبيلة أولاد إبراهيم)، بعد مرحلة المقاومة للغزو الفرنسي يأتي دور المغتصين، أنشأ قانون 19 سبتمبر 1848م عدد من المراكز الإستيطانية :12 في عمالة الجزائر، قام الجينرال "لاموريسيار" قائد منطقة وهران بكتابة تقرير حول أسباب اهتمامه بالمنطقة التي غادرها بني عامر، قبل الرد على هذا التقرير من طرف الماريشال "بيجو" إتخذ هذا الأخير قرارا يعتبر المناطق التي غادرتها قبيلة بني عامر مناطق تابعة للدولة . و ذلك بناءا على تقارير "لاموريسيار" و" بيجو " للتحكم في طرق المواصلات بين المناطق الغربية مع تحويل هذه الحامية العسكرية إلى مركز استيطاني. الجدول التالي يوضح أهم المراكز الاستيطانيةو عدد العائلات التي يحتويها كل مركز و بعض مساحات الأراضي المغتصبة: عدد العائلات(1) مساحات المغتصبة(2) سيدي لحسن 100 2041هـ(1200 هـ من النوع الجيد) روشي - 400 هـ سيدي خالد - 1256 هـ (60 هـ مسقية) مولاي عبد القادر - 500 هـ سيدي إبراهيم 100 1558 هـ ( 60 هـ مسقية ) سيدي حمادوش 100 2221 هـ الضاية - 662 هـ فرودة 31 1013 هـ المجموع 478 9651 هكتار سمح إتمام الأشغال العمومية للسكان الأوربيين، و حسب الإحصائياتالتالية نلاحظ أن عدد السكان الأوروبيين في ارتفاع مستمر: السنة 1849 1850 1851 1852 1853 1854 1855 1856 1857 1862 1867 1872 1877 عدد السكان 516 855 1234 1728 2177 2585 3315 3968 4334 5101 7588 12417 14456 - تطور عدد السكان الأوروبيين - أنواع البلديات البلديات تأسيسها مساحتها مجموع سكانها الأهالي الصلاحيات سيدي بلعباس 31-12-1856 10276 هـ 13185 1409 سدي لحسن 25-03-1874 3207 هـ 941 65 تسالة 25-03-1874 11012 هـ 1291 825 سيدي حمادوش 25-03-1874 9875 هـ 1920 655 سيدي ابراهيم(1) 15-05-1880 2287 هـ 742 101 مكرة(2) 01-01-1873 - - - المختلطة بوشبكة 30-07-1875 68832 هـ 6829 5161 جدول يوضح بلديات دائرة سيدي بلعباس في سنة 1875 لم تكد تدخل سنة 1931م حتى بدأ ميزان القوى يتغير لصالح الحركة الوطنية، ترى جريدة "النيويورك تايمز" أن الوضع في الجزائر أصبح يثير القلق نتيجة تصاعد التيار المعادي للفرنسيين، تجسد من خلال تواجد تيارات سياسية مختلفة تفاوت تأثيرها في المنطقة من تيار إلى آخر، مستغانم و عين تموشنت مظاهرات مماثلة نادى أصحابها بسقوط فرنسا و حياة هتلر، حتى أن الكاتب "جوزيف ديبارمي" وصفها بأنها مظاهرات تخفي ورائها كراهية للفرنسيين، كما أكد أن المظاهرات كان ظاهرها عداء لليهود و باطنها عداء للفرنسيين، هذا نفسه ما أكده مراسل النيويورك تايمز الأمريكية السيد "ب. ج. فيليب" الذي قال أن الحركة الأهلية في الجزائر كانت من ناحية ضد اليهود و من ناحية أخرى ضد الفرنسيين. حيث قام بالدعاية ضدها مؤيدين لهتلر أمثال "الحاج أحمد خليل" المرتبط بالأحزاب المعادية لفرنسا، وجد بحوزتهم أسلحة خفيفة (بندقية صيد + ثلاثة مسدسات) مع صور للدعاية. لقد لعب دورا نشيطا في الجزائر ليس فقط في الميدان السياسي بل كذلك في الميدان النقابي، ففي سنة 1921م اتخذت جميع فروعه بالإجماع موقفا مناوئا لجميع أشكال الوطنية الأهلية. يندد بمشروع ثورة الجماهير الجزائرية على أنه حماقة خطرة لا تريد أن تتحمل مسؤوليتها أمام حكم التاريخ الشيوعي . إن انتخاب بلدية شيوعية في منطقة ذات نفوذ استيطاني أعتبر شيء غريب، إلا أن هذا الأمر يفسر في سيدي بلعباس من خلال التكوين الإجتماعي للهيئة الناخبة الأوروبية، فقد كان عمال السكة الحديدة ثم عمال البناء في مقدمة الصراع الذي خاضه الشيوعيون ضد الاستغلال و اللامساواة و الإمبريالية بسيدي بلعباس. أقامت لجنة الإضراب بسيدي بلعباس تجمعا كبيرا في قاعة السينما "كليبر" Kleber حضره 1500 شخص، أما ابن عيش "أمين العام للإتحاد الجهوي لنقابات الجزائر" فقد حذر العمال من البطالة، و ذكر أن الحكومة الفرنسية تستمر اتجاه الأهالي في استعمال سياسة نزع الملكية و اغتصاب الأراضي لمنحها إلى كبار المستوطنين، وإن أجور العمال الأهالي تتراوح ما بين 04 و 05 فرنك في اليوم لـ 16 ساعة عمل. عرفت الجزائر منذ تأسيس الجبهة الشعبية هيجانا سياسيا في سنة 1936م و بعد ميلاد الحزب الشيوعي الجزائري، تطورت تدريجيا في مختلف القطاعات مطالبة برفع الأجور. الجداول التالية توضح مختلف الإضرابات في مقاطعة سيدي بلعباس في سنة 1936:(19) إضرابات دون الاستيلاء على الورشات أو المحلات . الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب البناءBatiment 193 287 23-06-1936 28-07-1936 دهانPeintre 60 -- 26-06-1936 02-07-1936 الخبازينBoulanger 61 10 09-07-1936 28-07-1936 المجموع 314 297 -- -- إضرابات عن طريق الإستيلاء بالعمال الهيئة عدد المضربين بداية الإضراب نهاية الإضراب البناءBâtiment 57 63 23-06-1936 28-07-1936 الوقودCarburant 09 08 23-06-1936 01-07-1936 مذبحAbattoirs 15 20 24-06-1936 28-06-1936 الحدادةForgerons 15 20 24-06-1936 29-06-1936 المحاجرCarrieres 20 53 25-06-1936 29-06-1936 مؤسسة التطبيقية للكهرباء 17 03 25-06-1936 25-06-1936 المجموع 142 188 - - في الداخل دون الإستيلاء على الورشات أو المحالات البلديات عدد المضربين بدايةالإضراب نهايةالإضراب حاسي زهانة - 100 20-06-1936 23-06-1936 سليسن - 70 05-07-1936 06-07-1936 سيدي علي بن يوب - 100 09-07-1936 13-07-1936 المجموع - 270 - - و قد جاءت هذه الإضرابات هي أيضا في سياق اعتلاء الجبهة الشعبية الحكم بفرنسا. سجلت الاحتجاجات أكثر من 25 إضراب و حوالي 6000 مشارك، مرت هذه الحركة الإضرابية بمرحلتين: المرحلة الأولى: إضراب 02 مارس 1937م: إلى انخفاض الأجور التي كانت بين 08و09 فرنك يوميا و استغلالها من طرف زعماء الحركة الاحتجاجية و على رأسهم "بوطالب فقيه" ولد محمد (40 سنة) نقابي بالكونفدرالية العامة للشغل C. فإن أحداث سفيزف تسبب فيها الشيوعيون على رأسهم السيد "فكتور أريغي" VictorArrighi(عضو اللجنة المركزية) و دوره في التحريض من منطقة لأخرى ضد المستوطنة الفرنسية، إلا أن جريدة Oran- Républicain و في عنوان لمقال لها "صحافة الكذب شوهت أحداث سفيزف" تقول أن لا وجود لأي شخص أجنبي في البلدية اتصل بالعمال الزراعيين، الجدول التالي يلخص أهم الأحداث التي رافقت الاضرابات ضد ممتلكات المعمرين بمقاطعة سيدي بلعباس: التاريخ المستوطن المنطقة الحدث 08-01-1937 شالSchall تسالة حرق كومة من التبن Meuledepaille 29-01-1937 FlorensonAuguste طابية حرق كومة من التبن و العلف قيمتها 1500 فرنك 01-02-1937 شارميChermi تنيرة حرائق في اكوام من التبن 07-02-1937 شافينرSchafener طابية حرق كومة من التبن بقيمة 1200 فرنك 05/ 07-02-1937 Roquefer Louis بقايد بلعربي تخريب 22 شجرة زيتون + 11 شجرة فواكه + 400كومات تبن قيمة الخسائر 750 فرنك 28-02-1937 زادشZech بقايدبلعربي تخريب 200 شجرة فواكه 14-02-1937 جاكلJacquel تيليوين حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك 28-02-1937 براديةPradier بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 2500 فرنك 04-03-1937 السيدةبرنارBernand بقايدبلعربي حرق كومة من التبن بقيمة 300 فرنك 10-03-1937 بيلامBelem زروالة تكسير اشجار الفواكه 11-03-1937 اربيرولاArberola زروالة حسائر بأشجار الزيتون 11-03-1937 مارسولوMarcelot زروالة حريق في محجرة carriére 11-03-1937 كوريCouret زروالة حرق وسائل زراعية 16-03-1937 بورياسBories سيديعليبنيوب حرق كومتين من التبن بقيمة 1000 فرنك 19-03-1937 بيرياPerea واد مبتوح حرق وسائل زراعية 26-03-1937 شامبوليفChamboulive بقايد بلعربي حرق 30 كومة من التبن بقيمة 3000 فرنك Antoine طابية محاولات حرق التبن 30-03-1937 PalduplinBabriel طابية محاولة حرق، 05-04-1937 فارنيVarnier سيدي علي بن يوب تحطيم وسائل زراعية 08-04-1937 ساردو Cerdan سيدي على بن يوب تخزين 130 كرمة و اشجار الزيتون 09-04-1937 بايريPayri سفيزف حرق مخزن للتبن و العلف بقيمة 60. 09-04-1937 CerveraJoseph سفيزف حرق كومة من التبن بقيمة 10. 12-04-1937 جاكالJacquel حاسي زهانة محاولة حرق 03 كومات من التبن 20-04-1937 توشTeuche بوشبكة تخريب 132 شجرة من الكروم 23-04-1937 الاخوة رفالRavelFréres طابية تخريب 134 شجرة من الفواكه 02-05-1937 بليسيونPelission تلاغ المختلطة حرق كمية من التبن بقيمة 500 فرنك المرحلة الثانية: إضراب 05جويلية1937م: و بسبب ما حصل من أحداث في الإضراب السابق تخوف المستوطنون حيث غادروا المنطقة متجهين إلى مدينة سيدي بلعباس لقضاء ليلتهم. أرسل سكرتير النقابة "عدو" مجموعة مطالب العمال إلى رئيس البلدية فتحققت معظمها، • بالنسبة للأشغال العمومية: تطبيق المقاولون قانون 40 ساعة مع الحفاظ على الأجور السابقة و منح العطل المأجورة بطلب من العمال . – الأجور : الأجور التي تدفع من طرف المستوطنين محددة بمراسيم ولائية، - حرية النقابة :احترام أرباب العمل للحرية النقابية، من جهة أخرى لا يجب على النقابيين أن يمارسوا ضغوطا أو تهديدا ضد العمال الأحرار. - تنظيم أوقات العمل من السادسة صباحا إلى السادسة مساءا. - إعادة إدماج العمال المفصولين المشاركين في الحركة الاحتجاجية. و لم يكن القطاع الوهراني عامة و سيدي بلعباس خاصة بمنأى من هذه الموجه العنيفة نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة، فضعفت القدرة الشرائية بالنسبة للعمال و الطبقة المتوسطة من الأوروبيين و الجزائريين على حد السواء. خلق وضعا جديدا في الجزائر و أعتبر من العوامل المشجعة لزيادة حدة المواجهات . كما أصبحت منظمة جماهيرية حقيقية للعمال تساهم في تكوين الوعي الطبقي و التأطير السياسي للطبقة الشغيلة الجزائرية. في عملية مناهضة الاستعمار لأن نظرته كانت مقيدة للتحرر الوطني و مهملة للأبعاد الأساسية للحركة القومية، و عليه ليس غريبا أن تلتقي أفكار الحزب الشيوعي الجزائري و السياسة الاستعمارية الرافضة لتكوين أمة جزائرية. لقد كشفت الثورة التحريرية و أظهرت حقيقة التناقض الجوهري بين النظري و التطبيقي،