وبكل ما يحيط بها لتمكين الفصل فيها والوقوف على حقيقة وضعها لبلوغ الحل المرجو بشأنها، فالمعاينة وسيلة من وسائل التحقيق التي تعتمد على الواقع الموجود فعلا وهي انتقال هيئة المحكمة أو أحد أعضائها لمشاهدة محل النزاع، لكن تبقى وسيلة المعاينة إجراء أساسي للتحقيق في الدعوى الإدارية خاصة إذا ما صعب المجيء بالأشياء وعرضها أمام القضاء كبعض الملفات الإدارية التي يتعذر نقلها كما هو الحال بالنسبة المرفق الشرطة، ففي هذه الحالة ينتقل القاضي إلى عين المكان قصد المعاينة ويمكن الأمر بالمعاينة في جميع المنازعات حتى ما يتعلق منها بالمسائل المالية، كما أن مجلس الدولة قد أجاز مباشرة هاته المعاينة باعتبارها من طرق الإثبات المباشرة، المعاينة الإدارية وذلك من خلال القواعد العامة للمعاينة المطبقة أمام المحاكم العادية، نظرا لفائدتها في تحقيق العدالة الإدارية ولعدم تعارضها مع طبيعة الإجراءات الكتابية ومن ثمة فلا يوجد ما يمنع من الاستعانة بها أمام القاضي الإداري تختلف المعاينة عن الخبرة في مجال الإثبات حيث يقصد بالأولى الحصول على دليل مادي مستقى من الطبيعة فحين أن الثانية وسيلة للتقدير الفني للأدلة المادية والمعنوية عن طريق استخدام ملكني الإدراك والحكم، إذ أن أعمال الخبرة تتم بواسطة شخص له مؤهلات وذو خبرة فنية لا علاقة له بتشكيلة المحكمة، أما المعاينة فإن القيام بها يكون من طرف هيئة المحكمة أو أحد أعضائها. ونص المشرع الجزائري في ق إ م ا في المادة 861 منه ، انطلاقا من أن المعاينة والانتقال إلى الأماكن في الإجراءات الإدارية القضائية تسمح للقاضي إعادة تقييمه وبصفة دقيقة للواقعة محل النزاع . وقد ورد إجراء المعاينة والانتقال في المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي الذي استوحى منه المشرع جل أحكام القانون 08-09 والتي أدرجت تحت إطار تحقيق من نوع خاص يصطلح عليه المشرع الفرنسي بالتحقق الشخصي للقاضي la vérification personnelle du juge وهو ما يتمثل في مجموعة من إجراءات التحقيق التي يباشرها القاضي شخصيا كالمعاينات، الانتقال إلى الأمكنة . ويبقى القاضي الموضوع كامل الصلاحية في قبول طلب إجراء المعاينة والانتقال إلى الأماكن متى اقتنع بضرورة الاعتماد على هذا التدبير أو يقابلها بالرفض متى وجد أنها تدبير غير لازم في إجراءات التحقيق ونظرا لوجود ما يكفي التكوين عقيدته في الدعوى إذا ما كانت الأدلة والوثائق التي بين يديه، ما يغنيه عن الأمر بالمعاينة لتوقيع الحل القانوني المناسب للقضية المعروضة عليه وذلك ناتج ومتعلق باقتناع القاضي الإداري وبأهمية وضرورة المعاينة . ويجب على القاضي عند الأمر بإجراء المعاينة تحديد مكان ويوم وساعة الانتقال ويدعو الخصوم الحضور العمليات 20، كما قد يعهد للقاضي المقرر تنفيذ إجراء الانتقال إلى الأماكن الذي يكون من طرف تشكيلة جماعية المتمثلة في رئيس الجلسة ومستشارين اثنين تطبيقا للفقرة (3) من نص المادة 146 من ق إ م !. يجب أن توثق الأعمال المتعلقة بالمعاينة والانتقال إلى الأماكن في محضر المعاينة، وأي إغفال أو إعمال لهذا ام تكون المعاينة حينها قابلة للإبطال متى تمسك به صاحب المصلحة من أطراف المنازعة الإدارية، وإذا ما حكم ي الإداري معتمدا في حكمه أو قراره على نتائج محضر هذه المعاينة، يحق لكل ذي مصلحة من أطراف الدعوى بطلان حكمه أو قراره الذي اعتمد على المعاينة التي كانت في الأصل قابلة للإبطال . وتتناسب المعاينة والانتقال إلى الأماكن للتحقيق في منازعات القضاء الكامل لاتصالها في حالات كثيرة بوقائع ومسائل مادية ومثال ذلك دعاوى المسؤولية والعقود الإدارية ، فهو المجال الأكثر خصوبة الذي تستجد فيه تدابير المعاينة والانتقال إلى الأماكن،