قصة حكم داود وسليمان في الحرث أنعم الله -عزّ وجلّ- على سُليمان -عليه السّلام- بالذّكاء، فلمّا نفشت غنم الرّاعي في الحرث حكم في الأمر، كما حكم فيه أبوه داود، وكان حكم سليمان -عليه السلام- هو الحكم الصّحيح، ١][٢] والقصة أنّ هناك رجلان أتيا إلى داود -عليه السّلام- ، وخرجا من عند داود -عليه السلام- وتوجّها إلى سليمان -عليه السلام-، وبعد أن علم بالقصّة قال: "لو كان الحكم لي لحكمت بغير ذلك"، وكان حكم سليمان أن يأخذ صاحب الأرض الأغنام فينتفع بها ويبذر بها أرضه حتى تعود مثلما كانت، فقضى داود بقضاء سليمان كونه لا يضرّ بأحد من أطراف الخلاف. ٣] قصة تولية سليمان الملك تولّى سليمان -عليه السّلام- الحكم على بني إسرائيل بعد وفاة داود -عليه السّلام-، وكان له من العمر حين تولّى الحكم ثلاثة عشر عاماً، فكان إذا خرج من بيته متوجهاً إلى مجلسه أقبل إليه الطّير، ٤] وقد ورث سليمان من داود -عليهما السّلام- العلم والملك؛ والذين قال فيهم قتادة والكلبي أنّ أبناء داود تسعة عشر ولداً، وتخصيص سليمان بالورثة دلّ على أنّها ليست ورثة المال، ٧] قصة سيدنا سليمان مع الهدهد وبلقيس أنعم الله -تعالى- على سليمان -عليه السّلام- بأن جعله يفهم لُغة الطّير، ومن هذه الطّيور الهدهد الذي تفقّده بيوم من الأيام فلم يجده، ممّا دفع سليمان -عليه السّلام- أن يتوعده بالعذاب أو القتل إن لم يكن له عذر بغيابه. فأخبره أنّه رأى أهل سبأ وملكتهم بلقيس ذات الحكم والملك العظيم يسجدون للشّمس ويعبدونها، وأنّهم رأوا أنّ ذلك الفعل صحيح، فلمّا سمع سليمان بذلك أراد أن يتيقّن من الخبر وليعود عن إرادته في عذاب الهدهد، وأعطاه للهدهد وأمره أن يُلقيه عليهم ويُراقب ما يفعلون به. ٨] فتحرّى الهدهد نافذة من قصر بلقيس كانت قد فتحتها لتدخل منها الشّمس لتعبدها، فلمّا رأته الملكة جمعت القوم واستشارتهم في الأمر، ٨] فقالوا لها أنّهم قوم ذو قوّة وبأس شديد، فكان اقتراحها أن تُرسل لسليمان هدية لتليّن الأمر فلا تقوم الحرب، فقرّرت أن تُذعن لأمره وتذهب إليه. ٩] وعندما علم سليمان -عليه السّلام- بأمرها جمع حاشيته وطلب منهم أن يحضروا عرشها إليه، فأخبره عفريت من الجن أنّه قادر على أن يأتي به قبل أن يقوم من مقامه، واقترح عالم من علماء قومه أنّ يأتي به قبل أن يرتدّ إليه طرفه، وأمر الحاشية أن يُغيّروا فيه قليلاً، ١١][١٢] قصة سيدنا سليمان مع النملة قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، ١٣]فقد رأت النّملة سليمان وجنوده وخافت على بقيّة النّمل من أن تيدهسها الجنود، فصاحت تنبّه النّمل ليدخلوا البيوت، وشكر الله على ما أنعم به عليه وعلى والديه، ١٤][١٥] قصة وفاة سيدنا سليمان قضى الله -تعالى- بموت سليمان -عليه السّلام-، حتى أكلت دودة الأرضة العصا فسقط على الأرض، فلم تعلم الجنّ بموت سليمان -عليه السّلام- إلّا بعد أن سقط على الأرض، ١٨] وقد كان الجنّ في هذه الفترة ينشغلون ببناء بيت المقدس. ٢٠] وقد شكر الله -تعالى- بما أنعم عليه من هذه المعجزات، ٢٢] فقد كانت الرّيح تسير بأمره، قال -تعالى-: (وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)، ٢٤] فقد كانت الجنّ تعمل بين يديه بتوجيهه، فيأمرهم بالقيام بما ينفع مملكتهم، فأقاموا المحاريب ودور العبادة، وكان لهم إنجازات عظيمة في فنّ العمارة، فكان يستفيد ممّا منح الله به الجن من القدرات الخارقة والسرعة العالية، وعلى أيديهم قامت دولتهم. ٢٤] فكان الحديد يسيل بين يدي الجنّ، ٢٦] فهم كلام ما لا ينطق من الحيوانات، وقد ورد ذكر فهمه للطّير لأنّ الطّير كان مسخَّراً بين يديه، فكان يفهم كلام الطّيور،