3- ترشيدية فيبر: ونستطيع القول إن ماكس فيبر كان له تأثير شديد على مدرسة فرانکفورت فقد تناول في مؤلفاته مقولات مثل التشيؤ والاغتراب، وكذلك حديثه عن العقلانية التقنية، فكان اهتمام فيير بمشاكل الاقتصاد وبنية السوق بقدر اهتمامه بينية السلطة فيؤكد على الصلة الترابطية باعتبارها الأكثر عقلانية، ويلزمنا أن نشير في البداية إلى ملاحظة قد تبدو بسيطة ولكنها في حقيقة الأمر ملفتة للنظر، وهي مدى التطابق الملفت للنظر بين النزعة التشاؤمية الثقافية العميقة في أعمال ماكس فيبر السوسيولوجية، وبين النقد المتطرف للثقافة والفكر العقلاني الذي قدمه منظر و فرانکفورت وبين فكرة ماكس فيبر عن عملية ترشيد العالم الحديث والترشيد عند فيبر تم تصوره كقوة مجردة تشكل مجتمعاً يقع خارج نطاق التحكم البشري، حيث أن المنطق الداخلي للنظام الذي خلقه العلم والإدارة العقلانية يقوم بعمله، وعملية الترشيد ضرورية تظهر في طرق جديدة لتنظيم السلوك البشري، وقد تأثر كثير من مفكري المدرسة بهذه النقطة، (1) نشير في هذا الصدد إلى أن أهم من تأثر بفكر ماكس فيبر هو الفيلسوف الألماني هابرماس فهو يرى أن العقلانية لعبت دوراً هاماً في المجتمع الرأسمالي الغربي. ففي كتابه " التقنية والعلم بوصفهما أيديولوجيا" Technology and Science as Ideology يشير إلى أن ماكس فيبر حين قدم مفهوم العقلانية Rationlaitat كان يقصد تحديد شكل النشاط الاقتصادي الرأسمالي وقانون حق الملكية الخاصة والسلطة البيروقراطية، ويتلاءم مع هذا تصنيع العمل الاجتماعي وما يتبعه من تغلغل معايير العقل الأداني في مجالات حياتية أخرى، وأن عقلنة المجتمع ترتبط على نحو مطرد بمأسسة النقد العلمي والتقني ويستحضر هابرماس فكرة فيبر التي مؤداها " أن علمنة صور العالم الموجه بالفعل الإنساني وخلع الخرافة عنها بل إن كل الموروث الثقافي هو الوجه الآخر لعقلانية نامية للفعل الاجتماعي " يؤكد ماركيوز الذي يرتبط بدوره بالمدرسة النقدية في مقالة له عن فيبر " إن فالتكنولوجيا مشروع اجتماعي وما يؤخذ منها وما يعتزم المجتمع أن يأخذه منها ما يسيطر بها على الناس والأشياء " (1) خطأ تاريخياً إن لم يكن جريمة تاريخية. من الموضوعات الهامة في فكر مدرسة فرانكفورت الانشغال الهائل بمصير الفرد في المجتمع الراهن، وهو موضوع له صلة واضحة باهتمامات فيبر. إن قراءة نصوص المدرسة النقدية المتعلقة بضياع استقلال الفرد وخاصة کتابات ادور تو وهو ركهيمر، وهو الشعور بانحطاط شريحة معينه من المجتمع وهي الشريحة العليا المثقفة من الطبقة الوسطى، وإذا رجعنا إلى كتاب فيبر "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية" فإننا نجد دراسة مهمة لغطرسة العقل الغربي، وهو عمل يثير مسألة مهمة، وكما يضع فيبر المسألة،