استهانة الخوارج بمقام الخلافة والإمارة كانت أحد العوامل الأساسية التي ساهمت في نشأتهم. رفضهم للاعتراف بشرعية خلافة علي رضي الله عنه بعد قبول التحكيم، وتحميلهم أئمة المسلمين مسؤولية عظيمة بناءً على اجتهاداتهم الخاصة، أدى إلى انقسام الأمة، وإشعال نار الفتن والتمردات داخل المجتمع الإسلامي. هذا المطلب يتناول كيف أن الخوارج استهانوا بمقام الخلافة والإمارة، معتبرين أن خليفة المسلمين يمكن أن يُعزل ويُحاكم بناءً على اجتهادات شخصية، مما كان أحد الأسباب الرئيسية في ظهور الفكر الخارجي.فالخوارج لم يعترفوا بالشرعية الدينية والسياسية للخلافة بعد معركة صفين وقرار التحكيم. و اعتبروا أن الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حتى وإن كان من أفضل الصحابة وأحق الناس بالخلافة، قد أخطأ في قبوله التحكيم، وبالتالي أصبح في نظرهم ليس أهلاً للقيادة. و أظهروا تحقيرًا لمقام الخلافة، معتبرين أن الخليفة يجب أن يكون وفقًا لمعاييرهم الخاصة، وأنه يمكن عزله إذا خالف رؤيتهم الدينية والسياسية. كانوا يرون أن الإمارة لا تكون إلا لمن يلتزم بكامل معاييرهم الشرعية المتطرفة. و لم يقتصر الأمر على تكفير الخليفة، بل اعتبروا أن الخلافة يجب أن تكون لمن يتبنى رؤيتهم ويطبّق ما يرونه صحيحًا من الشريعة، وكانوا يرون أن كل مخالفة لرأيهم هي بمثابة انحراف عن الحق.فالاستهانة بالخلافة والإمارة تأثر عل نشأة الفرق. ذه الاستهانة بمقام الخلافة دفعت الخوارج للتمرد على النظام السياسي الإسلامي القائم، مؤكدين على فكرة أن الحاكم يجب أن يكون منزهًا عن الخطأ وفق معاييرهم الضيقة. كما دفعهم ذلك إلى تحريض الناس على الخروج ضد السلطة، متصورين أن أي مخالفة لرأيهم في الشريعة تعد كفرًا يستوجب معاقبة الحاكم نفسه.كانوا يطالبون بأن يكون الحاكم مطبقًا للشريعة بالكامل، ورفضوا أي شكل من أشكال التفاهم أو التسويات السياسية، و ظهر عندهم مبدأ يُعرف بــ "إمامة العادل"، والتي تعني أن الإمامة يجب أن تكون للشخص الذي لا يخطئ في نظرهم، مما جعلهم يقيمون حكام المسلمين من خلال معاييرهم الخاصة.