لقد جرى تراجع ملحوظ عن مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، وتعرضت الحياة السياسية في البلاد إلى تشويه خطير وتدهور كبير، بحيث أنسد عمليًا أي أفق جدي للإصلاح والتغيير في إطار هذه الصيغة المشوهة، وهذا ما يتطلب أولًا وقبل كل شيء إعادة الاعتبار مجددًا إلى مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة في الإطار الدستوري الديمقراطي بوصفها المهمة الوطنية الأساسية، التي يمكن أن تشكّل قاسمًا مشتركًا بين مختلف القوى صاحبة المصلحة في إصلاح هذا الخلل السياسي الصارخ وتصحيح المسار وإقامة دولة المؤسسات والقانون. ولا أحسب نفسي مبالغًا عندما أقرر أن للإصلاح السياسي الديمقراطي أولوية تسبق غيره من الإصلاحات المستحقة، إذ لا يمكن البدء بإصلاح الاقتصاد أو السعي نحو إصلاح التعليم أو إصلاح جهاز الإدارة الحكومية من دون أن يكون هنالك بالأساس إصلاح سياسي على مستوى سلطة اتخاذ القرار في الدولة. إن الإصلاح المنشود ليس مجرد تدابير إصلاحية متناثرة هنا وهناك لا يجمعها رابط، وإنما يفترض أن تكون جزءا من نهج إصلاحي واضح يستهدف استكمال مشروع بناء الدولة الحديثة، وإلا فلن تعدو هذه الإصلاحات إن وجدت أن تكون إصلاحات جزئية،