إن دراسة موضوع التدخل الدولي الإنساني يستوجب علينا استخلاص المبادئ والأطر القانونية الأولى وهي الأحكام التي دعت إليها منظمة الأمم المتحدة في احترام مبادئ السياسة الداخلية للدول من جهة وكذلك احترام حقوق الإنسان وحمايتها من جميع أنواع الانتهاكات المستمرة، حيث أنه حماية هذه الحقوق يحقق جوهر النظام القانوني الممثل في ضمان التطبيق الفعلي للالتزامات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي يتماثل الإلتزام بها مع أي إلتزام قانوني دولي من خلال وسائل محددة في الاتفاقيات الدولية ذاتها. ولكنها تستند الى الأجهزة الدولية الرئيسية التي تختص بالشؤون الدولية العامة، إذ أن وجود آليات دولية هو مسألة ضرورية وفعالة في سبيل تعزيز حقوق الإنسان غير ان هذه الآليات لا يمكن أن تتعدى حدود احترام سياده الدول واختراقها بدون ضابط قانوني ودولي، مما قد يؤدي إلى استفحال ظاهرة الإستبداد الدولي التي تمارسها الدول القوية على الدول الضعيفة من أجل الوصول الى أطماع اقتصادية قد تم التخطيط لها من قبل برسم خطة الدفاع عن حقوق الانسان والتدرع بأسس ومبادئ المسؤولية الدولية التي قد تقتضي على الدول والمنظمات الدولية المختلفة مساعدة الجنس البشري أينما كان كلما مورست عليه أنواع الإستبداد والانتهاكات. أصبح محلا لتخلي القانون الدولي العام بالتنظيم والحماية ومن هنا تثور مشكلة حول مدي وجود حق للدول والمنظمات الدولية في مراقبة تقرير وفرض احترام حقوق الإنسان تجاه سيادة الدول، ومع ذلك يجب عدم إطلاق أحكام عامة بإباحة التدخلات الانسانية واكثر من هذا فإنه يتوجب عند الاعتراف بفرضية واجب التدخل الانساني ان يتم تقييد هذا الحق بضوابط وتزويده بضمانات حتي لا يحيد عن الهدف سواء كانت ضمانات ذات بعد وقائي تحول دون تأزم الوضع او ذات بعد علاجي عندما تكون أمام وضعية لا مفر فيها من تدخل انساني مسلح بتكريس الالتزام بأحكام القانون الدولي الانساني ، وبالتالي فمن هذا المنطلق يكون القانون الدولي الانساني الحامي لحقوق الانسان أسمي من القوانين الدولية والوطنية ، وعليه تساهم الاعتبارات السياسية بدور مهم في مدي فاعلية أجهزة الحماية الدولية لحقوق الانسان وعليه يبقي موضوع التدخل الانساني موضوع شائك وفعال في نفس الوقت لارتباطه بحقوق الانسان من جهة وبسيادة الدول وإلزامية احترامها من جهة أخري ، وكذلك ملاهما مرتبط بما يسمي بنظام المسؤولية الدولية وقواعد الشرعية الدولية عامة. ان حماية حقوق الانسان في المجتمع الدولي بفعالية التدخل الدولي الانساني يفترض بداية تمكين كل فرد في المجتمع الدولي أولاً، وهي السيادة من جهة وحماية الجنس البشري من جهة أخري وتمكين التدخل الدولي للضرورة من جهة ثالثة، وهذه الحلقة الأخيرة التي تعكس مدي فعالية المواثيق الدولية والقوانين العامة التي تكفل حماية الدولة من جهة بسيادتها وحماية رعاياها كشعب سياسي واجتماعي من جهة أخري. ويمكننا القول ان القانون الدولي الانساني بكل مفاهيمه ومعطياته يفرض علينا ضرورة التكفل بجميع حالات الانتهاكات التي قد تحدث في العالم بأسره،