‎ الفاعلية والإبداع / مفهوم التقنية والعلم ‎مدخل عام: ‎إذا كان الإنسان كائنا واعيا وراغبا واجتماعيا بطبعه، فهو أيضا كائن فاعل وصانع ومبدع. وتتجلى فاعليته الإبداعية على مستوى الطبيعة من خلال سعيه الدائم إلى رسم ذاتيته عليها، والعمل على تغييرها والاستفادة من طاقاتها من خلال ما يخترعه من آلات تقنية. كما تتجلى هذه الفاعلية من خلال الشغل الذي يعتبر خاصية إنسانية، وتتجلى أيضا هذه الفاعلية أيضا في الإبداعات الفنية التي يسعى الإنسان من خلالها إلى إبداع عوالم رمزية جديدة، كعالم الشعر والمسرح والرواية وغير ذلك. هكذا فالإنسان يسعى من خلال كل هذه الأشكال الإبداعية إلى تجاوز حالات النقص التي تميز وجوده، كما يطمح من خلال ذلك إلى إبراز قدراته وتأكيد ذاته سواء في علاقته بالطبيعة أو مع الآخرين. ‎-ماهي التقنية ؟ ‎-ما الذي يجعل التقنية خاصية إنسانية ؟ ‎-ما الفرق بين التقنية عند الإنسان و تلك الموجودة عند الحيوانات ؟ ‎تحليل نص شبنغلر: مفهوم التقنية ‎إشكال النص: ‎ما التقنية؟ وما الفرق بين التقنية عند الإنسان والتقنية عند الحيوان؟ ‎وبأي معنى يمكن اعتبار التقنية خاصية إنسانية؟ ‎أطروحة النص: ‎تعتبر التقنية خاصية إنسانية مرتبطة بالوجود الإنساني منذ القدم. وإذا كنا نتحدث عن التقنية عند الحيوان، فهي تظل مجرد خطة حيويّة للدفاع عن نفسه، كما أنها محكومة بمحددات غريزية، بينما ترتبط التقنية عند الإنسان بالعقل والفكر مما يجعلها خطة للحياة؛ أي أنها استراتيجية هادفة وموجهة للسلوك البشري. ‎حجاج النص: ‎للدفاع عن أطروحته القائلة بأن التقنية هي خطة حياة، استخدم صاحب النص مجموعة من الأساليب الحجاجية ارتكزت على الدحض والإثبات والمقارنة: ‎أما أسلوب المقارنة فكان بصيغتين: لأن الأول يفعل في الطبيعة ويمتلك استقلالا إزاءها، وهنا تظهر فاعلية الحيوان، بينما لا يتمتع النبات بهذه الخاصية. ‎ب‌- المقارنة بين الإنسان والحيوان: والغرض منها هو تمييز التقنية عند الإنسان عنها عند الحيوان؛ أما عند الإنسان فتعتبر التقنية خطة للحياة، أي أنها مرتبطة بالفكر وقائمة على التأمل ورسم أهداف للسلوك البشري. ‎تحليل نص مارتن هايدغر: ما التقنية؟ ‎إشكال النص: ‎أطروحة النص: ‎لا تتحدد ماهية التقنية حسب هايدغر في اعتبارها أدوات وآلات ناتجة عن العلم، وعن سيطرة الإنسان باعتباره سيدا على الطبيعة، بل أصبح خاضعا للفكر التقني الذي يسعى إلى الكشف عن أسرار الطبيعة واستخراج مواردها. ‎مفاهيم النص: ‎*التقنية / العلم : العلم لا يؤسس التقنية، بل على العكس من ذلك إن جذوره توجد في جوهر التقنية. ‎*التقنية / الإنسان : لم يعد الإنسان حسب هايدغر كائنا حرا صانعا للأدوات و متحكما فيها و يسخرها لتحقيق غاياته. ليحل محله البعد الآلي الذي أصبحت معه للتقنية منطقها الخاص الذي ينفلت من سيطرة الإنسان. ‎خلاصة موقف هايدغر ‎-ينفي هايدغر أن يتم فهم ماهية التقنية في إطار علاقة الذات بالموضوع؛ والذات هنا هي الإنسان، والموضوع هو التقنية. ومعنى النفي هنا هو أن التقنية لا تتحدد من خلال سيطرة الإنسان على الآلات التقنية وتسخيرها لغايات يرسمها بشكل حر، وأصبح لها مسارها ومنطقها الخاص الذي يتجلى في الكشف عن الطاقات الموجودة في الطبيعة بشكل تراكمي ولا محدود. ‎خلاصة عامة للمحور ‎يتعلق هذا المحور بإشكال رئيسي هو تحديد ماهية التقنية: فما هي التقنية؟ وبأي معنى يمكن اعتبارها خاصية إنسانية؟ في إطار الإجابة على هذا الإشكال تعرفنا على أطروحتين متكاملتين: الأولى لأوسولد شبنغلر وفيها يعتبر أن التقنية قديمة، إذ أن الأول يمارس فاعليته على الطبيعة في حين أن الثاني يستسلم لقوانينها. غير أن شبنغلر يميز بين التقنية عند الإنسان باعتبارها خطة للحياة وممارسة فكرية هادفة، أما الأطروحة الثانية فهي لمارتن هايدغر الذي يلتقي مع شبنغلر في التأكيد على أن التقنية ليست مجرد أدوات أو آلات، بل هي ذلك الفكر الذي يرتبط بالعلم، والذي يتميز بسيرورة خاصة به هدفها الرئيسي هو استفزاز الطبيعة وتحريضها وإرغامها على البوح بأسرارها وطاقاتها الخفية. ‎المحور الثاني: التقنية والعلم ‎إشكال المحور ‎كيف تتحدد العلاقة بين العلم و التقنية ؟ و ما هي النتائج المترتبة عن هذه العلاقة على الحياة الإنسانية والطبيعية ؟