أدى إدخال البعد البيئي في مجال الاقتصاد إلى تغير مفهوم التنمية الاقتصادية البحتة والتي يدعوها البعض بـ(التنمية السوداء)، فالتنمية الاقتصادية كانت تقتصر على مجرد الزيادة في استغلال الموارد الاقتصادية لإشباع الحاجات الإنسانية، أما التنمية المستدامة أو التنمية الخضراء فتعرف بأنها: نوع من أنواع التنمية تفي باحتياجات الحاضر دون الجور على قدرة الأجيال القادمة في تحقيق متطلباتهم. وهي تحرص على الحفاظ على البيئة لأجل الأجيال القادمة، ولا تحملهم أعباء إصلاح البيئة التي تلوثها الأجيال الحالية. ولقد تم اعتبار المعايير البيئية في النظام العالمي الحاضر على مستوى المؤسسات الاقتصادية والأسواق العالمية، وأصبحت الشروط البيئية ضرورية لممارسة الأنشطة الاقتصادية. وعلى المستوى الأمني شمل مفهوم الأمن الوطني حماية البيئة والاستخدام الرشيد للموارد. والتحدي العالمي الآن هو التوفيق بين النمو الاقتصادي والسكاني والحفاظ على البيئة وعناصر الحياة الأساسية. وتغير مفهوم الأمن العالمي إلى مفهوم "الأمن المشترك" والذي يبين أن الأمن الحقيقي يتوفر فقط من خلال التعاون والتنسيق بين جميع الدول، وذلك لتداخل المشاكل الاقتصادية والسياسية مع المشاكل البيئية، فلا بد من ضرورة التعاون الدولي لضبط استهلاك الموارد الاقتصادية وتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك وذلك للحفاظ على التنمية المستدامة، وإن تجاوز هذا التوازن يؤدي إلى مشاكل بيئية خطيرة تهدد التنمية وتنتقل تأثيراتها عبر الحدود من خلال الهواء والمياه. يؤكد الاقتصاديون أن المشكلة الاقتصادية هي محدودية الموارد مقابل الحاجات المتزايدة، لكن الواقع يبين أن الأراضي الزراعية لا تُستغل بشكل كامل، ويعاني الملايين من الجوع والفقر حتى في الدول الغنية، ويُفسد الإنسان المتحضر البيئة ويهلك الموارد. وحديث الاقتصاديين عن شح الموارد الطبيعية يحمل مقاصد ذات حدين: أولهما رفع أسعار المواد الخام بحيث لا تكون في متناول الجميع، وثانيهما تحفيز الدول النامية على بيع مواردها بشكل مفرط لتحقيق التنمية، مما قد يؤدي إلى استنزاف تلك الموارد قبل تحقيق النمو المطلوب. ويرى رواد الرأسمالية "الإنتاج" كصناعة للمادة، وهذا المفهوم لا يزال مستخدمًا في وصف العمليات الإنتاجية. بل يستخدم موارد الله لإضافة منافع شكلية أو زمانية أو مكانية أو خدمية في العمليات الزراعية والصناعية والتجارية. ولكي تحصلها الأمم لا بد من تحقيق أمرين: أولا: العمل على استغلال النعم. وثانيا: الإصلاح في الأرض بطاعة الله. والمشكلة تكمن في كفر الإنسان بنعم الله، إما بإفساده في الأرض وتدميره للحرث والـنـسـل، قال تعالى: (وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرۡيَةً كَانَتۡ ءَامِنَةً مُّطۡمَئِنَّةً يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ) [النحل: 112].