في المذهب الاشعري نجد أبا الحسن الاشعري ـ مؤسس المذهب ـ يثبت الصفات الذاتية القائمة بذات الله تعالى لأنه لا يوجد ضمن الأصول الفكرية لمذهبه ما يمنع من ذلك. ومن ثم تقرر عنده "إثبات حياة لله عز وجل لم يزل بها حيا وعلم لم يزل به عالما وقدرة لم يزل بها قادرا وكلاما لم يزل به متكلما وإرادة لم يزل بها مريدا وسمعا وبصرا لم يزل به سميعا بصيرا مانعا في نفس الوقت أن يكون ضمن هذه الصفات ما هو متعلق بالمشيئة والاختبار المتعاقب والمتوالي صدورا عن الذات الإلهية المقدسة لأن ذلك يفيد عند أبي الحسن الاشعري حلول الحوادث بذاته تعالى لما تقرر في أصول مذهبه الفكرية من أن الله سبحانه"ليس بمحل الحوادث"ولأنه يذهب إلى أن ما لم ينتقل من سمات الحدث و"ما لم يسبق المحدث كان محدثا مصنوعا" لهذا تقرر في المذهب الاشعري ان تكون"صفات الله تعالى لذاته كلها من الحياة والقدرة والسمع والبصر وسائر صفات الذات"والاصول الفكرية المقررة في البحث التأسيسي للمذهب العقدي الاشعري هي التي جعلت الدرس العقدي الاشعري عند مؤسس المذهب كما عند أتباعه في مبحث الصفات الاختيارية يذهب إلى ارجاع محبة الله ورضاه وسخطه -الواردة في النص الديني-إلى إرادته لأن إرادته سبحانه في المذهب الاشعري "قديمة وأن الله لم يزل مريدا بها" لقد سلك القاضي عياض في هذا المبحث نفس المسلك وربط الأصول فيه بفروعها واثبت في ذلك نفس ما تقرر عند الاشعري وكبار أئمة أتباعه وفي ذلك ما يدلنا على أن العقيدة والفكر الاشعري عرفا عند علماء المغرب في وقت مبكر وانهم كانوا يتابعون نمو هذا الفكر العقدي وتطوره في المشرق كما يدل على اطلاع القاضي عياض الواسع على أصول ومفردات المذهب العقدي الاشعري وما تقرر فيه مما بني على تلك الأصول وارتبط بها:ورد في إكمال المعلم للقاضي عياض في تفسير الحديث النبوي الشريف رقم(222) الذي جاء فيه: أو إنكاره أفعالهم وذمها فيكون ذلك من صفات الذات ويرجع إلى إرادة والكلام" إنه نفس الكلام الصادر عن أئمة المذهب الاشعري حيث يقول أبو الحسن الاشعري في ذلك "إن رضاه عنهم إرادته لنعيميهم. كما أن هذه المقالة العقدية جاءت استجابة لأصول المذهب الاشعري الفكرية عند مؤسسيه :كأبي الحسن الاشعري وكبار أئمة أتباعه فإن القاضي عياض يربط المقالة بنفس الأصول ويقول في بيان ذلك ما نصه:"الغضب والسخط من الله تعالى على من يشاء وعمن يشاء من عباده وإرادته عذابهم أو إيعاده بعذابهم أو إنكاره أفعالهم وذمها فيكون ذلك من صفات الذات ويرجع إلى إرادة أو الكلام أو أن يفعل بهم فعل المسخوط عليه المعرض عنه المغضوب عليه من النقمة والعذاب والابعاد عن الرحمة فيكون من صفات الفعل ولما كان الاتصاف بالرضا والغضب يعني تعاقب الأحوال ويفيد التغير واختلاف الحال وهو ما تستبعده مباني الأصول الفكرية للمذهب اقتضى ذلك نفي هذا المعني واستبعاده في حق الله -سبحانه- بإرجاع الرضا والغضب - وهي ألفاظ وردت بها النصوص الدينية كما تقدم - إلى الارادة لأنه سبحانه في المذهب العقدي الاشعري مريد بإرادة "قديمة لم يزل مريدا بها"