وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في 20 نوفمبر 1997م قرارها باعتبار سنة 2000 هي "السنة الدولية لثقافة السلام"، وفي 6 أكتوبر 1999م أصدرت الجمعية العامة إعلان ثقافة السلام، الذي أعتبر مرشدا عاما للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي لدعم وتعزيز ثقافة السلام. لقد اتسعت الدعوة لتعزيز ثقافة السلام لتشمل كل دول العالم، بما في ذلك الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، وكافة المنظمات والهيئات ذات العلاقة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. فتنوعت وتباينت معالجاتهم كلا حسب مجال تخصصه، الأمر الذي ساهم في إثراء بحوث ثقافة السلام . فهناك من أكد على أهمية وأولوية المستوى الدولي لثقافة السلام، فتناول الموضوع تحت عناوين مختلفة مثل حوار الحضارات أو الديانات والثقافات، وهناك من ركز على نبذ العنف في تنشئة صغار السن وتبنى مفاهيم التفاهم والتعايش في بيئة تشهد متغيرات تفرضها العولمة وتقارب المجتمعات والثقافات، أما البعض الأخر فقد أكد على المفهوم الشامل والمتكامل لثقافة السلام، حيث تبنت الجمعية العامة فيها إعلان ثقافة السلام. و تستند ثقافة السلام على أسس أهمها:- أولاً: نبذ العنف وإنهاء مظاهره وتجلياته في مختلف مجالات الحياة، واللاعنف، ثانياً: استراتيجيات التنمية السياسية التي تقوم على تخفيف مظاهر الفقر والأمية والجهل، ثالثاً: حقوق الإنسان و حرياته الأساسية، والتسامح والتضامن والتعددية، والحوار والتفاهم، ووثقتها نصوص ميثاق العمل الوطني و دستور مملكة البحرين. لقد أصبح نبذ العنف وعلاج أسبابه في مقدمة الأولويات التي تفرضها ثقافة السلام، سواء كان ذلك على مستوى الجهود التي تبذلها الحكومات، ويرتبط كل محور بالنهضة والإصلاح والتحول الذي تبناه النظام السياسي في مملكة البحرين. و فيما يتعلق بمحور التنمية فإنه في ذاته يعزز ثقافة السلام من خلال ما تحققه التنمية من أهداف في مقدمتها: وتخفيف حدة الفقر والسير قدماً من أجل القضاء عليه. فقد أكد برنامج الأمم المتحدة لثقافة السلام على: تعزيز المشاركة الديمقراطية، وتوفير المساعدة الانتخابية وقت الحاجة إليها. وكذلك غسيل الأموال وإنتاج المخدرات أو الاتجار بها. يعتبر ميثاق العمل الوطني في مملكة البحرين نموذجا حضاريا لما تضمن من أحكات تهدف إلى تعزيز المسارات التي من شأنها نبذ العنف وتكريس ثقافة السلام وذلك من خلال التركيز على القيم الأساسية التي تصون المقومات الأساسية للمجتمع ، ومن ضمن هذه القيم الأساسية الطمأنينة والأمن والتراحم والتعاون والمودة والتضامن الاجتماعى بين المواطنين كأسس ودعامات تكفلها الدولة . كما أكد ميثاق العمل الوطني على أهمية أن تعنى الدولة بنمو الشباب البدنى والخلقى والعقلى وبالتربية الدينية والوطنية ، وهو ما يسهم فى نشر ثقافة التسامح والسلام ونبذ العنف . أما على المستوى الخارجي ، يؤكد الفصل السابع من الميثاق على تمسك مملكة البحرين بالسلام العالمى والاقليمى كهدف أساسى واستراتيجى تهون دونه كل الجهود، وعلى التمسك بالمبادىء الأساسية التى تقرر ضرورة تسوية كافة المنازعات الدولية بالطرق السلمية.