لقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له ، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم قال تعالى : ( فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر ) [ الضحى : آية 9 ] وقال تعالى ( أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ ) [ الماعون : آية 1-2 ] ، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم . هو ورود كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم ، وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم ، ومراعاة الجانب النفسي لديه. آية : 83 ] ، فالإحسان إلى اليتيم متعين كما هو للوالدين ولذي القربى ، وقوله تعالى : ( فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر ) [الضحى : آية 9 ] . قال ابن كثير عن تفسير هذه الآية : فلا تقهر اليتيم : أي لا تذله وتنهره وتهنه ، ولكن أحسن إليه وتلطف به ، وكن لليتيم كالأب الرحيم. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) . ورتب عليه أشد العقاب ، قال تعالى إنّ الذِينَ يَأكُلُونَ أَمَوالَ اليَتَامى ظُلماً إنّما يَأكُلُون في بُطُونِهِم ناراً وسَيصلَونَ سَعِيراً ) [ النساء : آية 10 ] ، وعدَّ الرسول  أكل مال اليتيم من السبع الموبقات ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي  قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، وما هن ؟، وجه صلى الله عليه وسلم من كان ضعيفاً من الصحابة ألا يتولين مال يتيم ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، واستمراراً لحرص التشريع الإسلامي على أموال اليتامى ، أمر باستثمارها وتنميتها حتى لا تستنفدها النفقة عليهم ، فلقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ألا من ربى يتيماً له مال فليتجر به ، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ) ( رواه أبو داود) . كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( اتجروا في مال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة ) ، وجـماعاً لكل ما سبق ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكفالة اليتيم ، وضمه إلى بيوت المسلمين ، وعدم تركه هملاً بلا راعٍ في المجتمع المسلم ، فلقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله  قال : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) (متفق عليه)، كما عد رسول الله  خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه . فلقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يُحسَن إليه ، وشر بيتٍ في المسلمين بيت فيه يتيم يُسَاء إليه ) (رواه ابن ماجه ) . ولقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم لمن تكفل برعاية الأيتام ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ) (رواه ابن ماجه ) . كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجاً لقسوة القلب، ورتب على ذلك الأجر العظيم ، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة يمسح فيها على رأس ذلك اليتيم ، فعن أبي أمامة أن رسول الله  قال : ( من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ولقد تمثل المجتمع المسلم تلك التوجيهات عملياً بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى يومنا الحاضر، فلقد ثبت أن هناك العديد من الصحابة والصحابيات كفلوا أيتاماً ويتيمات وضموهم إلى بيوتهم، ورافع بن خديج ، وأبو سعيد الخدري ، وأم سليم ، وزينب بنت معاوية - رضي الله عنهم - وغيرهم كثير وكثير جدا من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . واعلم أخي المسلم أن رعاية المسلمين للأيتام ومن في حكمهم تقوم على أسس أصيلة قوية تنطلق منها جميع أوجه الرعاية التي يقدمونها لهم سواء من أحاد المسلمين أو من المجتمع المسلم بشكل عام، وهذه الرعاية لا تقوم على مجرد عاطفة قد تضمحل أو شفقة عابرة أو رحمة قد تزول وتتناقص على مر الأيام ، بل هي قواعد أساسية مرتكزة على توجيهات ربانية وهدي نبوي، ولاشك أن استحضار هذه الأسس تعين المسلم على الأقدام على رعاية هؤلاء الأيتام والعطف عليهم والشفقة بهم . وجنس الإنسان مكرم ، قال تعالى : ( وَلَقد كَرَّمنَا بنِي آدَمَ وحَمَلناهُم في البَّرِ والبَحرِ وَرَزَقنَاهُم مِن الطّيّباتِ وفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِير مّمَّن خَلَقنا تَفضِيلاً ) [ الإسراء : آية : 70 ] ، فلقد كرم الله هذا المخلوق البشري على كثير ممن خلق ،