من المصالح والفوائد ما يُصلح أحوال الناس فيكل زمان ومكان؛ مما جعلها شريعة راسخة وثابتة وشامخة على مر العصور والدهور بما حوته من الهدى والنور والبيان والخيور. ومن هناكانت العناية بعلم مقاصد الشريعة من أَِجل العلوم الشرعية الصناعية المعيارية؛ التي تُ َكون لدى الطالب بحق: ملكة الُوقوف على الحكم والغايات التي قصدها الشارع من تشريع الأحكام. وقد جعل الشاطبي  فهم مقاصد الشريعة من أهم شروط الاجتهاد فقال  ((إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين: أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها. والثاني: التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها)) ويقول ((من لم يتفقه في مقاصد الشريعة فهمها على غير وجهها)) يقول الإمام ابن القيم  ((وما مثل من وقف مع الظواهر والألفاظ، إلاكمثل رجل قيل له : لا تسلم على صاحب بدعة. وقال في سياق آخر  : ((وقدكانت الصحابة  أفهم الأمة لمراد نبيها وأتبع له، ويقول الإمام الغزالي  :((مقاصد الشرع قبلة المجتهدين، من توَّجه إلى جهة منها أصاب الحق)). واعتبر الإمام أبوبكر ابن العربي  : ((اتباع الظاهر على وجهه هدٌم للشريعة)). مقاصد الشريعة وبالأخص المقاصد الابتدائية التي هي من أ َج ّل مباحث علم مقاصد والتي يُعنى بها المعاني والحكم والغايات التي تنطوي عليها الأحكام الشرعية؛ إذ ما من نص شرعي إلا وله جانبان: ولا تخلوا أوامر الشرع ونواهيه من هذين الجانبين: من أمثلة ذلك قول الله تعالى ﴿ولاتقربوا الزنا﴾ ينظر إليه من الجانب الحُكمي وهو ِ ومن الجانب الحكمي الذي نبه ربنا سبحانه وتعالى عليه بقوله ﴿إنهكان فاحشة وساء سبيلا﴾. وحتى في جانب العبادات فقوله تعالى ﴿وأقيموا الصلاة﴾ الجانب الحُكمي في الآية: وجوب إقامة الصلاة، بل إن البُعد الحِكمي المقاصدي ليس مقصورا على جانب الأمر؛ إذ الكل من الله تعالى ﴿ألا له الخلق والأمر﴾ ومما يدل على البعد المقاصدي ووجوده في جانب الخلق قول ربنا سبحانه وتعالى في سياق الخلق ﴿وما خلقت الجن ِ إذ حينما سئل عن فيكونها ليست بنجس مع تحريم أكلها؛ ناستها بقوله  «إنها من الطوافين عليكم والطوافات». ومثله قوله  «يامعشر وأما رواه وجانب الخلق، ومن هنا ِ 4 تعريف مقاصد الشريعة: أولا: لغة: وشريعة، ناسب أن نتعرف على مفرداته؛ لنصل إلى تعريف مقاصد الشريعة في الاصطلاح باعتبارها علما ولقبا لهذا العلم. أولا: المقاصد في اللغة: جمع مقصد على وزن: مفعل مصدر ميمي والقصد والمقصد مترادفان، ويأتي القصد لمعان في لسان العرب، والنهوض إلى الشيء، ومنه قوله  چڤڤڦڦڦڦڄچ[سورة النحل: 9]. ج)) التوّسط والاعتدال وعدم الإفراط والتفريط، إلى غير ذلك من المعاني. ثم إن لهذه الاستعمالات علاقة بالتعريف اللقبي لمقاصد الشريعة التي تهدف إلى تحقيق مراد الشارع في أحكامه؛ (الشريعة)) نسبة إلى الشرع؛ 18]. وما ينحدر منه؛ مما يؤكد علاقة المعنى اللغوي بالاصطلاحي فكأنما أن الماء مصدر الحياة؛ بل والأبدان بالحفاظ عليها. ويراد بالشريعة في الاصطلاح: ((ما دل عليهكتاب الله تعالى وسنه رسوله  على فهم السلف الصالح من العقائد والأعمال)). إلى غير ذلك من المعاني التي يُقصد من إيرادها مع تقاربها في المعنى تدريب الناظر في 5 ليصل من خلالها إلى َغور وعمق المعاني الاصطلاحية، ثانيا: في الاصطلاح: عرفها شيخ المقاصد الإمام الشاطبي  بالتقسيم الحاصر الذي لا يقبل الزيادة ولا النقصان فقال  "والمقاصد التي ينظر فيها قسمان: أحدهما: يرجع إلى قصد الشارع. فالأول يعتبر من جهة قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء، ومن جهة قصده في وضعها للإفهام، ومن جهة قصده في وضعها للتكليف بمقتضاها، أنواع". وهذه المقاصد الابتدائية هي التي وضعت لمصالح العباد في الدارين، وخا ّص؛ العباد في المعاش والمعاد)). الفرق بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلف: المقاصد باعتبار محل صدورها تنقسم إلى قسمين: أ- مقاصد الشارع. ب- مقاصد المكلف، وهي المقاصد التي يقصدها المكلف في سائر تصرفاته، اعتقادا وقولا وعملا، وما هو ديانة وما هو قضاء، وما هو موافق للمقاصد وما هو مخالف لها إذ ((المقصد كما هو عبد لله اضطرارا)). ومقاصد المكلف؛ قَصر علم المقاصد بقصد الشارع! موضوع علم المقاصد الشرعية: موضوع هذا العلم هو ما أشار إليه شيخ المقاصد الشاطبي  حين قال: "والمقاصد التي ينظر فيها قسمان: أحدهما: يرجع إلى قصد الشارع. والآخر: يرجع إلى قصد المكلف. فالأول يعتبر من جهة قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء، ومن جهة قصده في وضعها للإفهام، فهذه أربعة أنواع". ودرء المفاسد أو تقليلها، والمفاسد من حيث دفعها ودفع ما يدعو إليها. بل هي قبلة التكليف، وهي الآصرة الكبرى ِ إذ كل ما يحقق مصالح الناس في العاجل والآجل، فهو من الشريعة، وكل ما يؤدي إلى الفساد والضرر، ورحمةكلها، وحكمةكلها، وعن الرحمة إلى ضدها، ورحمته بين خلقه،  وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله  وأصدقها)). بما يحقق مقاصد الشريعة، ويتفق مع أهدافها في جلب المنافع ودفع المفاسد. لأن الألفاظ قد تتعدد معانيها، فتأتي المقاصد لتحديد المعنى المقصود منها. لاستنباط الأحكام عن طريق البيان العام أو الفرعيةكالقياس والاستحسان والاستصلاح وغيرها بما يتفق مع مقاصد الشريعة. 6) تعين مقاصد الشريعة المجتهد على الترجيح بين الأدلة عند تعارضها في الظاهر وفي نظر الناظر؛ لترجيح ما وافق مقصود الشارع؛ كما تعين على تقريب شقة الخلاف. بيان معاني المصطلحات ذات العلاقة بالمقاصد: 5) أصول الفقه. العلة في لغة العرب –بكسر العين- عبارة عنكل ما اقتضى تغييراً؛ ويترتب عليه قصر الصلاة الرباعية وجمعها تقديما وتأخيرا والقصد من الترخيص والحِكمة منه: دفع المشقة بسبب عناء السفر وتبعاته؛ وبهذا الاعتبار فالعلة هي ركن علم المقاصد وأساسه؛ وبخاصة أنه يُشترط فيها المناسبة، بل هي مفتاحه وأساسه ومع هذه العلاقة القوية بينهما فإن بينهما فروقاً تابعة للمراد بإطلاق العلة ونحو ذلك من الاعتبارات ومن ذلك: أ ) العلة سابقة؛ وذلك أَّن مقاصد الشارع هي بمعنى المصالح والغايات التي يترتب المترتب على علته؛ وبهذا الاعتبار تكون العلة والحكم: ُمقدمتان للمقاصد. أعني: الابتدائية هي الغاية من تشريع الحكم من َجلب المصلحة أو دفع المفسدة؛ أما العلة وما يُرادفها؛ العلة والسبب فلا يكونا إلا وصفين ظاهرين منضبطين؛ لا نبناء الحكم عليهما. وفي الاصطلاح: هي: ((السبب الذي من أجله صار الوصف علة))؛ بشرع القود والقطع )). إذ هي غاية الشريعة الإسلامية في شرعية الأحكام، فكل منهما يعبر عن الآخر وبخاصة إذا فسرنا الحكمة ُ أعني: جلب المصالح ودفع المفاسد؛ سوء أكان المقصد جزئياكما يقال علة تحريم الخمر حفظ العقل والمال، والحكمة من مثل المنفعة وزناً ومعنى، فهي مصدر بمعنى الصلاح، أو هي اسم للواحد من المصالح. والمصلحة المرسلةكل منفعة داخلة في مقصود الشارع دون أن يكون لها شاهد معين بالاعتبار أو الإلغاء؛ لذا سميت مرسلة؛ وقبل بيان العلاقة لا ب ّد من بيان أقسامها من حيث اعتبار الشارع لها وجوداً وعدماً عيناً وجنساً. وقام الدليل على رعايتها، وهي شاملة للضروريات الخمس من المحافظة على الدين والنفس والنسب والعقل والمال، وهذا القسم معتبر اتّفاقاً؛ كالقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في الميراث، فهذه مصلحة موهومة وملغاة اتّفاقاً؛ لمصادمتها للنصوص القطعية ثبوتاً ودلالة أو مصلحة بيع الخمر والتعامل بالربا. ج ) مصلحة مرسلة عن الاعتبار، قولنا: ((ـدون أن يكون لها شاهدا ))؛ أي: شاهداً معيّنا، وسميت مرسلة لإطلاقها عن قيد دليل الاعتبار أو الإلغاء المعّين. وهو في اللغة: طلب المصلحة والعمل بها على جادة السين 10 فإنه لا لكنها مشمولة وداخلة في عموم الأدلّة العامة الدالّة على حفظ الديانة، ثم ليعلم أ ّن المصلحة المعتبرة بسائر أنواعها لها ارتباط بالمقاصد؛ بل هي عين المقاصد باعتبار يقول أبو حامد الغزالي  ((وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودا بالكتاب والسنة والإجماع فليس خارجا من هذه الأصول لكنه لا يسمى قياسا بل مصلحة مرسلة؛ وكون هذه المعاني مقصودة عُرفت لا بدليل واحد بل بأدلةكثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات فتسمى وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها بل يجب وحيث ذكرنا خلافا فذلك عند تعارض مصلحتين ومقصودين وعند ذلك يجب ترجيح الأقوى )). الشريعة؛ كما قال أبو إسحاق الشاطبي ثم ليعلم أن خلاصة علاقة القاصد بالمصالح: أن يقال إن من نظر إلى واقع المقاصد الشرعية يظهر له بجلاء أن المصالح المعتبرة بعامة، لاشتراط الملاءمة لمقاصد الشرع؛ بحيث لا تنافي أصلا من أصوله ولا دليلا من أدلته؛ بحيث يحصل من الاعتماد عليها تحقيق المصالح ودرء المفاسد مما هو مقصود. رابعا: علاقة المقاصد بالاستحسان: ومنه ترك الدليل للعرف، 11 ومنه ترك الدليل لإجماع أهل المدينة، ومنه ترك الدليل للتيسير لرفع المشقة وإيثار التوسعة على الخلق)). وكل هذه الأنواع لها ارتباط بالمقاصد؛ الكبرى: رفع الحرج، وأن المشقة تجلب التيسير. قواعد الأصول والمقاصد كانت مقترنة وممتزجة بالنصوص، وفي فهم سلفنا الصالح؛ ثم استمر الحال أن أفردا بالتأليف، ثم تمايزا َجرياً على جادة التخصصات؛ إلا أن ذلك لا يدل على استقلال أحدهما عن الآخر منكل وجه؛ إذ قطب رحى النصوص يدور حول تحديد معنى النص، ودرك مقصود الشارع منه من خلال التنصيص على غايته وحكمته أو الاجتهاد في تحديد المناسبة وما يرمي الشرع إليه، وما يعرض له من كونه قُصد منه جلب مصلحة أو درأ مفسدة؛ إذ الشريعة مبنية على جلب المصالح أو تكثيرها ودرء المفاسد أو تقليلها، فالمقاصد لا تغيب عن مخيلة الأصولي؛ بل ُوضعت لتحقيق مقاصد الشارع في قيام مصالحهم في وصفو القول في علاقة المقاصد بالأصول مع التلازم الذي بينها أن يقال بما أن الحكم الشرعي هو ثمرة أصول الفقه؛ إذ به يستنتج الحكم الشرعي فالمقاصد هي الغاية والمقصد والهدف من شرعية الحكم الشرعي فهي ثمرة الثمرة. مع أنهما قد يتفاوتا في بعض الجوانب؛ إذ القاعدة الفقهية تعبر عن حكم شرع ٍّي كل ٍّي، إلا أنهما يتفقان في أنكّلا منهما يهدف إلى رعاية المصالح ودفع المفاسد، ورفع الحرج والمشّقة، ومراعاة أحوال المكلَّفين ومقاص ِدهم. مق َّدمةٌ على مراعاة القواعد الفقهية التي تاريخ علم المقاصد وتطوره، مرت قواعد الأصول، بخصوص التدوين لكل منهما؛ وند أن قواعد الأصول والمقاصدكانت مقترنة بالوحي، في تطبيقاتهم لفهم مراد الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على وجه السليقة. والرجال الذين لهم إسهامات في إبرازه؛ ويمكن تلخيص المراحل التي مر بها علم المقاصد بالمراحل التالية: المرحلة الأولى: عصر النبوة ويمثل عصر ما قبل التدوين وقد كانت المقاصد مراعاة في الوحي قرآنا وسنة وفهوم الصحابة  ويظهر ذلك بجلاء لمن يقف على دلالات النصوص ولديه طرائق الاستنطاق للأدلة ومن ذلك: ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: أ- التنصيص على المقاصد العامة: وقوله تعالى: ﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ [الحج 78]. وفي السنة النبوية المطهرةكثير من الأحاديث؛ وقوله  «لا ضرر ولا ضرار». ب) التنصيص على المقاصد الجزئية: ومن السنة النبوية قوله  : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن 13 وشد معاقده السلف الأخيار، وشيد أركانه أنظار النظار». وتبعهم في فهومهم لمقاصد الشريعة التابعون  فمن بعدهم؛ إذ تكلموا في القياس واحتجوا به وهكذا من دّون في أصول الفقه، ومبنى القياس على العلة واستخراج العلل، وكل ذلك آيل إلى الكلام على مقاصد الشريعة، وكذلك نبهوا كثيراً على الحكم المفهومة من الأحكام الشرعية. المرحلة الثانية: مرحلة التدوين والتأليف في المقاصد الشرعية، ولعل أبرز من ألف في هذا الفن وكان له تأثيرا عليه وتميز في إظهار مسائله وتجديده الأئمة التالية أسماؤهم: 1- الإمام الشافعي  فهو مؤسس علم المقاصد وأصول الفقه فيكتابه الرسالة 2- الحكيم الترمذي وهو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشير المؤذن المعروف بالحكيم الترمذي اشتهر بالفقه والحكمة التي تعني الفلسفة في هذا السياق فيكتابه الصلاة ومقاصدها، وغيرها. 3- أبو الحسن العامري فيكتابه: الإبانة عن علل الديانة. 4- أبو بكر الشاشي القفال الكبير الشافعي فيكتابه: (محاسن الشريعة)؛ 14  تلميذ أبي وشفاء الغليل. 7- العلامة محمد بن عمر بن الحسين البكري الطبرستاني الرازي المعروف بابن الخطيب 544- 606) وذلك فيكتابه المحصول. 8- العلامة العز بن عبد السلام وهو عبد العزيز بن يزيد عبد السلام الملقب بسلطان العلماء  . 577 ـ660) فيكتابه قواعد الأحكام في مصالح الأنام. و((الفروق)) وغيرها. 10- شيخ الإسلام ابن تيمية  كما في مجموع الفتاوى، وشفاء العليل. 15 ويمكن اعتبار هذه المرحلة من أبي إسحاق وأقسامه، وكتاب المقاصد، وكتاب الأدلة الشرعية، وكتاب الاجتهاد. والمقاصد التي ينظر فيها قسمان: أحدهما يرجع إلى قصد الشارع، فكان أَّول من أفرد للمقاصدكتاباً بهذا الاسم؛ ضمنكتاب الموافقات، وحلل فيه القسم الأول؛ ثم ذكر مقاصد المكلف وفيه اثنتا عشرة مسألةكلها مرتبطة ومنضبطة بمقاصد الشارع، في ربط محكم بين الأصول والمقاصد، مع العلم أن المقاصد حاضرة فيكل الكتاب؛ إذ بناه على الاستقراء والمقاصد  ؛ وأن هذا الاستقلال إلى ح ٍّد ّما لا يدل على الانفصام التام عن أصول الفقه؛ بل موافق ُمرافِق ف ُهما َجنباً إلى جنب لا يُستغنى بأحدهما عن الآخر. ثم توقف الحال عند الشاطبي إلى أن جاء الطاهر بن عاشور  فكتب في المقاصدكتاباًمستقلاًيحملاسمهذاالفن: ((مقاصدالشريعةالإسلامية ))وهومن أوائل دعاة الفصل بين العلمين، فمن بعده إلى وقتنا الحالي المعاصر؛ وأصبح لكل منهما صبغته الخاصة؛ 16 ُ  وصفو القول في مراحل هذا العلمكالتالي: المرحلة الثانية: تميُّزه عن غيره من المباحث، ويمكن أن تُعتبر بداية هذه المرحلة من ويمكن اعتبار هذه المرحلة من أبي إسحاق الشاطبي العلم القاصد؛ في أطروحات متعددة، وصارت لديه أقسام متخصصة تحمل اسم هذا العلم)). طرق إثبات المقاصد : وغير ذلك ويمكن أن نورد بيان تلك المسالك ضمن مسلكين كبيرين، تندرج تحتهما بقية المسالك على ضوء ما قرره بالخصوصكل من الشاطبي وابن عاشور  وهما: 17 أو من خلال الاستقراء بتتبع النصوص للوقوف على عللها، ومثالها النهي عن الاحتكار وبيع الطعام قبل قبضه، وعن بيع الطعام بالطعام نسيئة، لذا لما أحدثه بعض لكونه بدعة وضلالة، وتقديم الخطبة على الصلاة في العيدين، 2)) الاستخراج من المقاصد الأصلية والجزئية: ومثال الاستخراج من المقاصد الأصلية استخراج مقاصد السكن والأنس بالذرية والاستمتاع بالزوجة من المقصد الأصلي الذي هو التناسل . ومثال ذلك: مقصد الأخوة ودوام العشرة المستخرج من علل النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه والسوم على سوم أخيه، والنهي عن الوقوع في العِرض أو المال أو الكرامة بالغيبة والنميمة، من خلال التتبع والاستقراء لنصوص الشريعة ظهر أن إثبات المقاصد في النصوص جاءت بطرق متعددة وأساليب متنوعة ومنها: موضعه اللائق به،  الطريقة الثانية: الطريقة الثالثة: إخباره سبحانه أنه فعلكذا لكذا أو من أجلكذا أو غيره من مسالك العلة المعروفة كقوله تعالى: ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا. وقوله تعالى: ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل. وقال سبحانه: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) الإسراء 9، ونحوها. الطريقة الخامسة: فمن المقاصد العامة قوله تعالى: (و ما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج 78، دلت على إرادة اليسر ورفع الحرج، ورود نصوص عامة تشمل تحقيق جميع المصالح من ذلك: 1- قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء 19 النحل 90، فهي أجمع آية في القرآن للحث على المصالحكلها والزجر عن المفاسد بأسرها. 2- قوله تعالى: (قد جاءتكم موعظة من ربكم) يونس 57. وهو حديث صحيح، وحديث (إن هذا الدين يسر) رواه البخاري، الطريقة السابعة : قد جاءكم من الله نور . المائدة 15، وقوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم . الأنفال 24، ثانيا: إثبات واعتبار المقاصد بالإجماع: ِ الاتفاق منعقد فيكثير من المسائل على مقاصدها وغاياتها وحكمها التي رعاها الشارع مما يدل على اعتبار أصل المقاصد بالإجماع؛ ومن ذلك أن علة الصغر موجبة للولاية على النفس والمال معاً، ثالثا: إثبات المقاصد بالأدلة العقلية: الدليل الأول: أن الله تعالى راعى مصالح عباده في مبدئهم ومعاشهم حيث أوجدهم من العدم وسخر  فهي بالمراعاة أولى ولأنها أيضا من مصلحة معاشهم إذ بها صيانة الأموال والدماء ولا معاش بدونها فوجب القول بأنه راعاها. الدليل الثاني: ) الإسراء 70، الدليل الثالث: أن أي نظام لا يقصد به تحقيق نفع أو دفع ضر فإنه نظام فاشل ينسب واضعه إلى فتنزيه شريعة الله أحكم الحاكمين أولى بذلك، وكيف يظن ذلك بشريعة الرحمن وأنه أنزل شريعة لا تحقق مصلحة ولا تدرأ مفسدة، الدليل الرابع: أن تعطيل الحكمة والغاية المطلوبة من الأحكام: إما أن يكون لعدم علم الفاعل بها، وهذا محال في حق من هو على كل شيء قدير، وهذا مستحيل في حق من لا يمنعه مانع عن