انتشر خبر جنون سالم بن عبدالله القافر بسرعة في القرية، قيل إنه يبحث عن ماء في صخرة صماء في قمة نجد النوح. كان سالم يثابر على ضرب صخرة بمطرقة ضخمة، يستمع إلى همس الماء في باطنها. قبل سنوات، تردّد سالم بين مواصلة طريقه المعتاد أو اتباع شغفٍ جبليّ، فاختار الأخير واكتشف مكانًا رائعًا لكنه لم يجد ماءً هناك. عاد إلى بيته ولم يجد زوجته، التي خرجت للبحث عن قوتها. انتشر الخبر رغم صمته، فجاء الشيخ حامد بن علي ليتأكد بنفسه من جنون سالم الذي أصرّ على وجود ماء تحت الصخرة. هلال ود محجان شاهد سالم ونشر الخبر، فهرعت القرية ليشهدوا الحدث. وصل الخبر لزوجة سالم، نصرا، عبر جميلة الملسونة، فهرعت إليه تبكي، وأكدت حميدة بنت خميس الخبر. سالم طمأنها قائلاً إنه سيُنشئ مزرعة هناك. واصل سالم عمله، متجاهلاً الناس، حتى ظهر سلام ود عامور الوعريّ ضاحكًا من إصراره، فأخبره سالم عن خطته. حاولت نصرا إثنائه عن عمله، خوفًا من كلام الناس، لكنه أصرّ على حلمه، مؤمناً أن كلام الناس سيتلاشى. في الليل، رأى سالم مزرعته في أحلامه. في الصباح، ذهب سالم مجددًا إلى نجد النوح، لاحظ تربة رطبة تحت شجرة قفص، وبدأ يحفر في صخور سوداء حتى وجد حفرة صغيرة. خبرته في اقتفاء الماء علّمته أن للماء مفاتيح، وأنّ هناك أنواعًا مختلفة من المياه. العين التي يبحث عنها تشبه كنزًا مدفونًا. استمر سالم في حفر الصخرة، حتى عانى من صداع شديد. دهن الصخرة بعجين ثوم، فانتشر الخبر في القرية. بعد أسبوعين، جاء محسن بن سيف، طلب من سالم أن يساعده في إصلاح فلج في قرية ميتة، مقابل حصة من البلد. استشار سالم الوعري الذي أقرّ بالاتفاق، وكتب محسن بن سيف صكًا يضمن حقوق نصرا. أخبر سالم زوجته بالخطة، فخافت من عودته لأعمال الأفلاج، لكنه طمأنها. سافرا سراً، بحثا عن عمال، وسارت شهرة سالم قبلهما. وصلوا للقرية الميتة، وجدوا كهفًا للسكن، وأنشأوا حوضًا لمياه نبع قريب. بدأوا بإصلاح الفلج، ووجدوا "خاتمًا" (مكان ضيق في القناة) لكنهم عثروا على سقف منهار سدّ القناة. أغمض سالم عينيه، مستمعًا للأصوات في باطن الأرض، ثم أبلغ رفاقه أن الماء قريب. حفر، وفي لحظة يأسه العظيم، تهشمت صخرة وانطلق الماء، فقذفه السيل إلى الأعماق.