إن الوضع الحالي للتعليم العالي في الجزائر غير مجهز للتعامل مع التوسع السريع في المعرفة والتقدم في العلوم على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز نظام التعليم، فإن الإصلاحات والاستراتيجيات التعليمية لتعزيز الاستقلال الفكري والنجاح المستقبلي بين الطلبة لا تزال غير كافية فهناك العديد من التحديات التي تعيق التعليم الجامعي في البلاد، ومن بين هذه التحديات نقص الكفاءات والتدريب للمعلمين، فنجد أغلبية المعلمين لا يزالون يعتمدون على أسلوب التلقين الذي يقوم بإعطاء الدور بأكمله للمعلم دون مشاركة الطلاب، ونتيجة لذلك يصبح الطالب مضطرا لحفظ كم كبير من المعلومات في فترة زمنية قصيرة دون فهم واستيعاب حقيقي لهذه المعارف، وكل هذا بدوره يؤدي الى نقص النقدي والإبداعي. يشير الواقع الراهن للتعليم الجامعي إلى أننا اليوم بأمس الحاجة إلى استخدام طرائق التدريس الحديثة التي جرى استخدامها بالجامعات في الدول المتقدمة، فهناك جامعات تستخدم أساليب واستراتيجيات تعمل على التركيب والتمييز بين المعلومات المؤكدة والتحقق من صحة المصادر، كما يساهم في استخلاص أفكار جديدة وغير تقليدية. وقد قدم الباحثون في مجال التفكير الابداعي تعريفات متعددة للتفكير الإبداعي، وهذا التنوع في التعريفات مرجعه للتصورات النظرية التي استند إليها كل باحث في معالجته لهذه الظاهرة النفسية المعقدة، فهناك من يرى التفكير الإبداعي بأنه عملية عقلية تتضمن مجموعة من المراحل المختلفة والمتابعة ليصل الشخص إلى إنتاج شيء جديد، وهناك من يرى التفكير الإبداعي بأنه إنتاج شيء جديد وملموس يراه الآخر و يسمعه، وهناك من يرى التفكير الإبداعي في ضوء دراسة سمات الشخصية، فالشخص المبتكر في نظرهم يتميز بسمات لا توجد في غيره من الأشخاص الآخرين. كما قدم الباحثون في مجال الإبداع تصنيفات عديدة لمهارات التفكير الابداعي مما وفر فهما شاملا ودقيقا، مع الأخذ في الإعتبار التعريفات المختلفة المتاحة، وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى أن أغلب المكونات الأساسية للتفكير الإبداعي هي الطلاقة، وصنف جيلفورد مهارات التفكير الإبداعي إلى ثلاث فئات حسب ترتيب حدوثها، حيث تشير الفئة الأولى الى القدرات المعرفية، أما الفئة الثانية فتشير الى القدرات الإنتاجية، وتشير الفئة الثالثة الى القدرات التقييمية. ولهذا فإن امتلاك التفكير الإبداعي يعتبر هدفا تعليميا ضروريا ومطلبا يسعى المربون إلى تحقيقه وتنميته لدى المتعلمين في عصر تتزايد فيه التطورات في مجال العلم والتكنولوجيا، فالشخص الذي يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي يكون مستقلا في تفكيره ويمكنه اتخاذ قراراته بناءا على تحليله الشخصي وتقييمه للمعلومات المتاحة. ومن الجدير بالملاحظة أن تنمية التفكير الإبداعي ليس بالأمر السهل في المؤسسات التعليمية، فعلى الرغم من أهميته في تطوير مهارات الطلاب وتحفيزهم على التحليل والتقييم العميق للأفكار والمعلومات، إلا أن تنميته تتطلب جهودا كبيرة من قبل المدرسين والإدارة التعليمية، فيجب توفير بيئة تعليمية تشجع على الإبداع والتفكير الإبداعي، بالإضافة إلى استخدام أساليب تدريس مبتكرة تشجع على التحليل والاستنتاج.