جواب الفرض الجريمة الدولية يُعدّ موضوع الجرائم الدولية من الموضوعات الحيوية المهمة التي تشغل اهتمام الحكومات والمختصين في المجتمع الدولي. إذ تُمثل تلك الجرائم تحدّياً وتمرّداً على النظام القانوني الدولي؛ لكونها تقع على مصالح وقيم تهم المجتمع الدولي الذي يحرص على حمايتها ويسعى إلى ضمان معاقبة مرتكبيها. والتعاون المطلوب لمنعها وقمعها وضمان معاقبة كل من يرتكبها أو يُسهم في تنفيذها. تُعرّف الجريمة بصفة عامة بأنها عدوان على مصلحة يحميها القانون، ولا يختلف الأمر في تعريف الجريمة الدولية، وينصرف تعبير القانون هنا إلى القانون الدولي الجنائي، لكونها من الأعمدة التي ينهض عليها بناء المجتمع الدولي، فمنهم من يُعرّفها بأنها «الفعل الذي يرتكب إخلالاً بقواعد القانون الدولي، ويكون ضاراً بالمصالح التي يحميها ذلك القانون مع الاعتراف لهذا الفعل بصفة الجريمة واستحقاق فاعله العقاب. فيما يُضيف آخرون بأنها تلك الأفعال التي تتعارض مع أحكام القانون الدولي، وهي لا تكون إلا للأفعال ذات الجسامة الخاصة التي تحدث اضطراباً وإخلالاً بالأمن العام للمجموعات الدولية». فهي واقعة إجرامية تخالف قواعد القانون الدولي، وصفت لجنة القانون الدولي الجريمة الدولية بأنها تمس اساس المجتمع البشري نفسه، او من اجتماع بعض هذه العوامل او كلها، لا يتوافر الفقه الدولي العام على اتفاق كامل بشأن الجريمة الدولية، طبقا لرأي أول فإن الجريمة الدولية هي افعال خطرة للغاية يكون من شأنها احداث الاضطراب في امن الجماعة الدولية ونظامها العالم. وطبقا لرأي ثان فإن الجريمة الدولية هي التي يترتب على وقوعها إلحاق الضرر بأكثر من دولة. الجريمة الدولية هي تصرفات مضادة للقواعد القانونية الدولية. وتتميز الجرائم الدولية كونها توجب تسليم المجرمين الدوليين، ويعد نظام تسليم المجرمين من ابرز صور التعاون الدولي في مجال المعاقبة على الجرائم الدولية التي يرتكبها الأفراد وهو نظام الغرض منه كفالة عدم افلات المجرم من العقاب اذا ما انتقل من منطقة الى أخرى او اذا ما وجد نظاما سياسيا يتستر على جرائمه او يسعى لإبعاد الطابع الدولي عنها. وتعتبر الاتفاقية الخاصة بعدم تطبيق مبدأ مضي المدة على مجرمي الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1968 (في قرارها رقم 2391) وثيقة أخرى تدخل في دائرة مصادر القانون الجنائي الدولي. ثالثاً - أنواع الجرائم الدولية: ينتمي إلى أحد طرفي الصراع ضدّ أشخاص أو ممتلكات أفراد العدوّ العامّة أو الخاصّة إبان فترة الحرب أو النزاع المسلّح، وما استجدّ من اتفاقيات ومعاهدات وأعراف دولية في هذا الصدد. وكانت النظرة التقليدية إلى جرائم الحرب تقصر مفهومها على الجرائم التي ترتكب في الصراعات الدولية المسلحة، أو كانت تقصره على الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف الأربع المعقودة عام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الذي ألحق بها عام 1977. ولكن التطورات الأخيرة أدت إلى توسيع هذا المفهوم، وتشمل القتل العمد والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية؛ وإرغام أسير الحرب أو غيره ممن يتمتعون بالحماية على الخدمة في قوات دولة معادية؛ واتخاذ السكان المدنيين أو أي فرد من المدنيين هدفاً للاعتداء وشن الهجوم بلا تمييز مع الوعي بأنه سوف يتسبب في إحداث خسائر أكثر مما ينبغي في الأرواح، أو إحداث إصابات بالمدنيين أو الإضرار بأهداف مدنية. على الرغم من الحداثة النسبية لمفهوم إبادة الجنس فإنّ الظاهرة نفسها ليست جديدة، قبيل منتصف هذا القرن إلى تكثيف جهودهم بهدف وضع الخطوط العامّة لمفهوم إبادة الجنس، ومن ثمّ دفع المجتمع الدوليّ نحو تجريمه ومعاقبة مرتكبتيه وهو ما أدى إلى تبنّي الجمعية العامّة للأمم المتحدة اصطلاح إبادة الجنس معرِّفة إيّاه بأنه إنكار حقّ الوجود لجماعات بشرية بأكملها، وفي عام 1948 أقرّت الجمعية العامة بموجب القرار (260)، لم يتخذ مفهوم الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شكل القانون المكتوب إلا بعد وضع ميثاق محكمة نورمبرغ التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة قادة الحزب النازي. أما القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الناشئة فيتضمن في المادة 7 تعريفاً للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية قائلاً: إنها أفعال معينة، إذا ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، ففي حالة جرائم الحرب لا بدّ أن ترتكب تلك الجرائم خلال صراعات أو نزاعات مسلحة، أما الجرائم ضدّ الإنسانية فمن الممكن أن ترتكب في وقت السلم أو الحرب، إلا أنها لا بدّ أن تكون جزءاً من عملية منهجية منظمة للقضاء على جماعة إنسانية بعينها، تُعد جريمة العدوان من أخطر الجرائم الدولية وأكثرها فداحةً على ألإطلاق فهي الجريمة الدولية الكبرى التي تُرتكب في أثنائها وخلالها وبمناسبتها العديد من الجرائم الدولية الكبرى، وقد عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة العدوان خلال دورتها التاسعة والعشرين في العام 1974 بأنه استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة وفقاً لنص هذا التعريف. واعتبرت أن الحروب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي والعدوان يرتب المسؤولية الدولية وليس قانونياً ولا يجوز أن يُعدّ كذلك أي كسب إقليمي،