عندما أشرق عصر البلاستيك في عام 1907 انفتح عالم جديد في حياتنا؛ فقد أتاح البلاستيك صنع أشياء كثيرة، من أكواب الأطفال المقاومة للكسر إلى قطع الآليات الحربية. فأقبل العالم على البلاستيك بشراهة لتعدد استعمالاته ومتانته، وهما الصفتان اللتان أدخلتانا في الأزمة التي تعاني منها حاليا. قيل في حسناته إنه «يدوم إلى الأبد، فليس هناك كائنات حية قادرة على هضم هذه المواد الاصطناعية المعقدة التي شكلها سلاسل طويلة من حلقات الكربون لا تستطيع الطبيعة تفكيكها، لكن هذه الميزة هي أيضا مشكلة كبرى؛ فقد يبقى البلاستيك في مطمر أو في الطبيعة آلاف السنين من دون أن يتحلل. «الوحش» ماثل بيننا. وما زلنا نستخدمها على نطاق واسع مغيرين البر والبحر تغييرا دائما. ولعل حقائق كثيرة أصبحت معروفة على نطاق واسع الآن تؤكد الجانب المظلم من هذه المادة العجائبية؛ فعلی الرغم من أن البلاستيك أدى دورا كبيرا في الحرب العالمية الثانية؛ إذ تم استعماله في كل شيء من المركبات العسكرية إلى المواد العازلة للرادارات، إلا أن الأمر اختلف بعد أن وضعت الحرب أوزارها؛ ففي تلك الفترة بنت شركات البترول مصانع لتحويل النفط الخام إلى (بلاستيك) استجابة لمتطلبات الحرب، واجهت صناعة البلاستيك مشكلة تم تجاوزها بابتکار أنواع لا تحصى من الاستعمالات الجديدة لهذه المادة كما أن إنتاج البلاستيك يستهلك نحو 8% من إنتاج النفط العالمي، وأن حوالي ثلاثمئة مليون طن من البلاستيك صنع سنويا ينتهي ثمانية مليون طن منها تقريبا في المحيطات حيث يتوقع أن يبقى لآلاف السنين، وهو موجود في كل مكان من أعماق المحيطات إلى جليد القطب الشمالي، بالإضافة إلى ذلك فإن البلاستيك الذي يدفن في مطامر يمكن أن ترشح منه مواد كيميائية ضارة تتسرب إلى المياه الجوفية. ون بيانات عن أكثر من سبعمئة نوع من الأحياء البحرية ابتلعت قطعا بلاستيكية ويتوقع العلماء أن يعثر على البلاستيك في أجسام 99% من الطيور البحرية بحلول سنة 2050.