حلف الأباطرة الثلاثة ۱۸۷۳ - ۱۸۹۰ : ومما يذكر أن الألزاس تعتبر إمتداداً لإقليم (بادن) الألمانى سواء من الناحية الجغرافية أو السكانية حيث أن حوالي 90% من سكانها ألمان والبقية الباقية من الفرنسيين وكانت منطقة زراعية خصبة تنتج كميات كبيرة من المواد الغذائية. أما اللورين فكانت هضبة على الحدود الفرنسية الألمانية يتقاسمها الطرفان لغة وحضارة وعنصرا وعندما أستولى عليها الألمان عام ١٨٧١ كان الحديد. قد اكتشف بها منذ وقت قليل وحظيت بذلك ألمانيا على تكامل هام في المواد الخام الصناعية إذ كان الفحم متوفراً لألمانيا في إقليم الرور. استند الألمان إلى هذه الحقائق الجغرافية في تثبيت حقهم في ضم هذين الأقليمين بينما دافع الفرنسيون بالحقائق التاريخية لإثبات طابعها الفرنسي ومهما كانت قوة هذه الحجج فلم يكن في إستطاعه ألمانيا أن تعيدها إلى فرنسا إذ لو فعلت ذلك لكان مظهراً خطيراً من مظاهرالضعف ومن ثم لم يكن أمام فرنسا من وسيلة لإستردادها إلا بالقوة، إلا أن المانيا في سبيل عدم استرداد فرنسا لهما سعت لعقد حلف بينها وبين روسيا والنمسا والمجر عرف باسم " حلف الأباطرة الثلاثة - ۱۸۷۳ والذى كان له أهداف هي المحافظة على الحدود الراهنة في أوربا ومنع قيام أيه حركة ثورية وذلك على أساس أن فرنسا تمثل الأتجاه الثوري وأن الحركات الثورية في الدول الأخرى قد تكون مياله لها ووكانت مشاكل البلقان تسير نحو التعقيد وكان . إنفراد أي من روسيا أو النمسا في توجيه أمور البلقان أو التفوق فيه يعنى حربا بين الدولتين صديقتي ألمانيا، وبالتالي كان من مصلحة بسمارك أن تبحث أمور البلقان على موائد المفاوضات وليس في ميادين الحرب، خاصة وأن ألمانيا في حالة حرب بين روسيا والنمسا لا تستطيع أن تظل صديقتهما، ومعنى إنضمام أو إنحياز ألمانيا إلى أي منهما سيلقى بالثانية بكل تأكيد إلى أحضان فرنسا وهو ما لم تسع إليه ألمانيا . ظل حلف الأباطرة الثلاثة متماسكا إلى أن وقعت الحرب بين روسيا وتركيا في البلقان فكشفت أزمة البلقان عن وجود تعارض كبير بين مصالح كل من روسيا والنمسا في المنطقة. ومن المعروف أن الدولة العثمانية كانت تحكم أجزاء عديدة من جنوب شرق أوربا ، وقد ثارت الشعوب البلقانية ضد الحكم العثماني بأسم الدين أولا ثم باسم الدين والقومية في القرن التاسع عشرم وكانت روسيا هي أقرب الدول الكبرى إلى الشعوب البلقانية من حيث المذهب الديني. ومن حيث العنصر نجد أن أهم الشعوب البلقانية السلاف الذين يشتركون في أصلهم الجنسي مع الروس . انفردت روسيا بالاشتراك عسكريا في الأزمة البلقانية وانتهت الحرب في أوائل ۱۸۷۸ بفرض صلح ، وبريطانيا وفرنسا لأنهما اتفقتا على أن تسلل النفوذ الروسي إلى حوض المتوسط بعد تهديداً لمصالحها بصورة مباشرة. خاصة بعد أن لوحظ قرب وقوع صدام بين بريطانيا وروسيا بسبب مسألة الشرق الأدنى. فقد أجبرت روسيا على التخلى عن بعض مكاسبها في سان استيفانو. وسنرى كيف أن هذه الحلول جعلت وضع البلقان ينذر بالتفجر في أي وقت حتى شبهت المنطقة ببرميل البارود . لذلك شعر بسمارك بأن حلف الأباطرة الثلاثة قد إنهار فرأى أن يستعيض عنه بتدعيم الصلات بين بلاده وبين أمبراطورية النمسا والمجر هكذا عقدت معاهدة دفاع ثنائية بين برلين وفيينا في ۷ أكتوبر ۱۸۷۹ تعهدت بمقتضاها كل دولة بمساعدة الأخرى في حالة تعرضها لهجوم من جانب روسيا وفرنسا، كذلك تعهدت ألمانيا بمساعدة النمسا في حالة هجوم روسيا في البلقان، وقد وجدت الشعور معبنا في ۱۸۸۱ لدى الإيطاليين للتحالف مع النمسا وألمانيا وذلك لأنه في هذا العام استولت فرنسا على تونس وكانت إيطاليا تعتبر تونس استمرارا طبيعيا لشبه الجزيرة، فضلا عن ذلك فكان لديها جالية كبيرة العدد تعيش فوق الأراضي التونسية، ومنذ البداية لم يثق بسمارك بأيطاليا كحليف فقال أنها مستعدة لأن تأكل على جميع الموائد وستتحقق توقعاته بالفعل لأن إيطاليا ستتخلى عن الحلف الثلاثي وتنضم إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. بل وأخذت ألمانيا تنزلق يوما بعد آخر نحو الدخول في عملية التنافس الأوربي في البلقان.