شاع السحر بين الناس في مختلف الشعوب والحضارات القديمة، فتداولوه وتفننوا في صناعته وتصريفاته. وتعد تقنيات محاكاة أصوات وحركات الحيوانات التي عرف بما الصيادون البدائيون المنبع العريق الذي تولدت عنه عمليات السحر الطقوسي (Les opérations de la magie ceremonielle). وإذا كان الصيادون البدائيون قد تمكنوا من الحيازة المسبقة لطرائدهم بفضل الرقص والمحاكاة والسحر، فإن سحرة بلاد الرافدين ومصر القديمة كانوا يتقمصون أدوار الآلهةوالشياطين الذين يتم استحضارهم عبر صلواتهم وطقوسهم ووصفاتهم السحرية. وقد يتم التمييز بين السحر الطقوسي أو غير المباشر Magie) (cérémonielle ou indirecte الذي يؤثر على الأرواح بواسطة وسيلة طقسية، وبين السحر الطبيعي أو المباشر (Magie naturelle ou indirecte) الذي يؤثر على الطبيعة بواسطة تقنية ما ترتكز على قوانين التماثل والتشابه التي تنحدر أصولها إلى العصور الماقبل تاريخية (Origines préhistoriques) حيث انبنى المظهران الرئيسان للسحر والكلام أو الحركة والصورة على علاقة التماثل بين العلامة وموضوع الطقس. وهي علاقة تعكس عملية الانسياق الأولية للفعل الذي يجسد السلطة الفعالةللساحر "يعتقد السحر إلا في فعالية آلياته وتقنياته .فهو خلافا لذلك يقترب من العلم، ويسعى إلى نفس الهدف ألا وهو تمكين الإنسان من السيطرة على الطبيعة. ويذهب معظم الاثنوغرافيين ومنهم ج. إلى أن السحر ثابت ودقيق حيث انتزع أصالته من كونه سلطة متوارثة؛ إذ يكفي مثلا أن يولد المرء داخل طبقة الرعاة أو الحدادين لكي يعتبر ساحرا. مرتبطا بالمساواة السحرية التي يتعلمها الساحر في الحلم أو اليقظة داخل جماعة معينة، ذلك أن كل قوة دورکهایم" و "موس " لا يمكن أن تكون إلا جماعية، جاعلين من "المانا" الأصل المشترك بين العقيدة والسحر. تميزه بعلاج المرضى عبر تجارب مباشرة تحظى في الغالب بموافقة الجماعة. فالعملية السحرية تنتظم حسب كلود ليفي ستروس - حول قطبين أحدهما مؤلف من تجربة الشامان الحميمية، والثاني من الرضى الجماعي (. فعندما يعالج الشامان مريضه يقدم مشهدا أمام الحاضرين». وعلى النقيض من التفسير العلمي للظواهر الاجتماعية والسيكولوجية، فإن مسألة العلاج السحري مرتبطة بحالات مبهمة وغير منظمة يتعذر على العقل فهمها لأنها تنتمي إلى غط من الميثولوجيا المتغلغلة في شعور ولا شعور الجماعة. يبقى السحر من بقايا الأساطير البدائية التي تقضي باهتمام الشامانات بعلاج المرض من أجل ترسيع الشعور بالأمن، وبناء عالم المنظومة الشعبيةوالواقع أن السحر قد تجذر في الثقافة الإنسانية بحكم ما تناقلته الذاكرة البشرية من ميثولوجيات وطقوس الحضارات القديمة، وقد عرف عن ذرية "هابيل" أنها أول من مارس السحر في "بابل" ثم انتشر بعد ذلك في اصقاع الأرض ومنها مصر والكلدان و آشور. وبعد "زوروستر" ـ صاحب الدعوة إلى عبادة الكواكب ـ أول من أمس ركائز بنیانه. بينما يؤكد القرآن أن الناس أخذوه من علم آصف بن برخيا، لكن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف كاتب سليمان، ودفنوه تحت مصلاه حين انتزع الله ملکه ولم يشعر بذلك سليمان، فلما مات سليمان استخرجوه وقالوا للناس إنها ملككم هذا (3)، يقول تعالى: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون التامر السحر وما أنزل على الملكين ببابك (6). غير أن الناس قد زادوا وتفننوا في صناعة السحر فكانت صاحف الكواكب السبعة"، ومؤلفات "جابر بن حيان" بالمشرق. أما "مسلمة بن أحمد المجريطي" إمام أهل الأندلس في الصناعة السحرية، فقد لخص مختلف هذه الكتب ونقحها وجمع طرقها في كتابه الشهير "غاية الحكيم". ولئن عرف كتاب "السر المكتوم"للإمام "الفخر بن الخطيب" تداولا منقطع النظير في المشرق، فإن المغرب قد من المنتحلين للتعاليم السحرية يسمون بالبعاجين الذين يمارسون تأثیران سحرية قويةبفعل الإشارة فقط وبما أن التصرفات السحرية تظاهرات انفعالية ذات طبيعة فكرية عميقة، فإن الأنساق الرمزية هو الكفيل وحده بمعالجة هذا الوضع الفكري للإنسان الموزع داخل فيض من المعاني بين نظام الدوال ونظام المدلولات وتعود طقوس الإشفاءBhils)Lesيسبحالأوليو " التفاهو Le Nivaho والنكاهي Nakani) إلى الأسطورة التشكونية وأسطورة أصل المرض والإشفاء. فالمريض حسب هذه القبائل والشعوب داخل الكمال الأولي، وهو بذلك يسمح للقوى العملاقة المسببة للخلق الأول باقتحام جسده، ومن أجل إشفائه لابد من إنشاد هذه الأساطير التي تشكل أصل المداواة، سيما وأن رقيات وتعزيمات شامانات هذه القبائل موروثة عن الشامان (Le Chaman primordial) دتومبا" (dto-mba) الذي قاوم الأمراض والأرواح الشريرة في العصر الأسطوري. ولا تزال معظم المجتمعات الإفريقية مثل قبائل "التالونسي بشمال غانا" (Tallensi) تعتبر السحر شأنا وراثيا تورثه الأم للأبناء ذكورا وإناثا ، بينما تنتقل السلطة السحرية عبر الخط الذكوري من الأب إلى الابن لدى قبائل الأزاندي الأنوني من الأم إلى البنت) لدى قبائل اليوريبا (Youruba ؛ غير أن القدرات السحرية لا يمكن أن يرثها إلا من يمتلك استعدادا فطريا من اكتساب المعارف المتعلقة بالسحر. أما قبائل "نياكيوزا" (Nyakyousa) التانزانية،عندمابرناردخلوا فارس بقيادةفالاد" Bernard Valade) الغموض الذي يلف دلالة السحر سواء على مستوى التعريف أو التفسير. قد أفرز تعريفات تفيد أن «كلمة المجوس (Magi) كلمة يونانية الأصل (Mages) أطلقها اليونانيون على كهنة زرادشت الإسكندر الأكبر والكلمة معناها العظيم أو الهائل وذلك لأنهم برعوا في السحر». ومن هنا، وقد اتسع معنى هذا المصطلح، ليشمل المعتقدات والممارسات التي لا تدخل في طقوس العبادات المنظمة والتي تفترض الاعتقاد في القوى الفوقطبيعية المتأصلة في الطبيعة فهذه الفضفضة في التعريف هي حدت بـ"جيمسفرازر" (James Frazer) إلى النظر إلى السحر باعتباره شكلا من أشكال الماقبل علم (Pre-science) وأفضت بـ"مارسيل "موس" إلى القول بأن السحر طقس خاص وخفي وملغز ومحظور (Rite privé, mystérieux et prohibe). مما أدى إلى ظهور الصياد - الساحر (Le chasseur-magicien) ذي القدرة على النفوذ والتأثير والاستمالة. ومن ثم، سيغدو سحر المحاكاة هو الشكل الأول للتوقع والحدس والعرافة وهي التصورات التي كانت سببا في انتقال الحضارة من اقتصاد الصيد إلى ثقافة الزراعة حيث ساد مفهوم الأرواحية (Animisme)والطوطمية.إن هذا التحول، قد أدى إلى ظهور طبيعية "الفن" (1art. وهو ما حدا بالإنسان إلى التوجه نحو الاشتغال المبهم حول العلامات والرموز المجردة الفعالة. وبين الأفكار والتصورات السحرية المشتركة بين الشعوب التي استوطنت أوربا مثل الهيللينية واللاتينية، كالجرمانية والألبانية والأرمينية والسلافية، مما أفاد أن اسم الهندي . البرهماني، واللاتيني الفلاماني هما اسمان أعطيا لذلك الكاهن خادم آلهة السحر كإله الجرمانيين "أودين"(Odhinn) الذي كان يمثل الساحر الأكبر للمعارك،9)الأشخاص،وهيمصطلح تنفرد قد توجد في معدة بعض كليكهوهم"ويميزمن السحرمادة تجعل من ممتلكها شخصا ساحرا. وهو بصدد دراسة ثقافة "النفاهو" بين أربعة أصناف وهي (Witch) و (Wizard) و(Sorcerer) و (Frenzy witch) معلقا أن هذه المصطلحات الانجليزية ليست متوازية دلاليا مع تلك المستعملة من قبل "النيفاهو" (Nivaho)، ليبقى كتابه حول السحر لدى هذا الشعب، في جزئه الأول، بمثابة تحليل لعلم "مصطلح" هذا البلد.أيضايتغذيان من قوة خفية ذات القدرة الفائقة على الجذب والاستمالة والتأثير وهو ما استخلصه العلماء المتخصصون في عصور ما قبل التاريخ لما كشفوا عن التأثير فقد جاءت المتون المسرحية المغربية المعتمدة في هذا الفصل السحور عند اليهود والنصارى والمسلمين" للطيب الصديقي، ومرتجلة "شميسا للا" محمد الكغاط مرتبطة بتمظهرات مفهوم السحر باعتباره عبادة غير منظمة،