الفصل الأول تمهيد في مناهج دراسة الفكر الإسلامي قضية شائكة. مهم جدا للمثقف المسلم اليوم ، لأن أصحاب تلك " الأيديولوجيات " قد سيطروا في ظل غفلة العالم الإسلامي وسقوطه على مساحة كبيرة من الميدان الفكري والتاريخي . ومن هنا فدراسة تلك المناهج تدفعنا إلى دراسة الإسلام وتاريخه وتراثه من حيث الحقائق المجردة ومن خلال أوضاعنا المعاصرة ، كي ندخل في حوار علمي بناء مع معارضي الإسلام بتفنيد مناهجهم ليهتدوا هم إلى الحق أولا ، ونحول بينهم وبين وصول مناهجهم وأفكارهم إلى أجيالنا الناشئة ثانيًا . وإن فعلنا ذلك بوضوح وموضوعية ، قدمنا منهجًا متكاملاً حول دراسة تراثنا الحضاري بجانب دراستنا لإسلامنا الذي يشكل أساس مذهبيتنا الإسلامية في الكون والحياة والإنسان . الآية : 19 . وهذا المعنى توسع في الاصطلاح ليشمل ما خلفته أمة من الأمم منذ بداية وجودها وصراعات حياتها في مجالات عدة في سبيل التطور والتقدم في سلم المدنية . أي أن التراث هو الإنتاج الحضاري الذي ينحدر من خصائص أمة من الأمم المتفاعلة مع البيئة التي نشأت فيها . من هذا المفهوم البشري للتراث ، فان المذاهب الفكرية المعاصرة التي انبثقت من من الحضارة الغربية الحديثة قد عدت الإسلام عقيدة وشريعة جزءاً من التراث الذي يسمونه ، أو التراث الإسلامي ، أو التراث العربي الإسلامي ] . لنأخذ على سبيل المثال ، المنهج الماركسي الذي كثرت كتاباته في هذا المجال ماذا سنرى؟ يُعِدُ الإسلام تراثًا بهذا المعنى الاصطلاحي الحديث . والتحليل الماركسي اللينيني يستهدف في هذه المحاولة إبراز المحتوى الثوري الكائن في كل تراث روحي قومي والربط بينه وبين المحتوى الثوري للثقافة المعاصرة . إذن فالماركسيون يأتون إلى التراث بالمعنى الذي يفهمون ، فيطبقون عليه فكرهم ومنهجهم . فما وافق الماركسية منه أخذوه على أساس أنه جزء من المحتوى الثوري الديمقراطي في كل عصر ، أم سنة ، أم تيارات فكرية إسلامية . بلا تفريق بين ما هو وحي الهي وبين ما هو فكر وتراث بشري ، ونحن لا يمكن أن نتوقع في كتابات الماركسيين غير هذا لأنهم لا يؤمنون بالوحي الإلهي . وهم يعدون الأنبياء والمرسلين في أفضل حالاتهم العلمية ، مصلحين قاموا بأدوارهم الإصلاحية . وعلى ذلك فان الماركسيين ينظرون إلى ظهور الإسلام وكأنه كان ثورة اقتصادية محدودة لثائر ظهر في مكة اسمه : [ محمد ] رفع صوته مدافعا عن المستضعفين والعبيد . ثم يتحدثون عن الحضارة الإسلامية ، والقرمطية ، والإسماعيلية الباطنية ] ، مع تغافلهم لمنطلقاتها الخرافية اللامعقولة في فهم الوجود ، تلك التي شكلتها فلسفات ومقالات متنوعة . فيحكمون على الأول بالثورية واليسار ، وعلى الثاني بالرجعية والسلطوية فالذي يجب أن يبقى من الإسلام في نظر الماركسيين ليس عقيدة الإسلام ولا شريعته العادلة ولا نظامه القيمي ولا خصائص حضارته الإنسانية ، بل عناصر الثقافات الأجنبية ، الفيضية والمادية اليونانية والإشراقية الغنوصية والمزدكية والمانوية ، هذه رؤية الماركسيين للتراث الذي يزعمون أنهم عادوا إليه لمعرفته معرفة ثورية ،