لاشك أن عقل ووعي وإدراك الإنسان هو الذي يميزه عن بقية الكائنات الحية وهو الذي جعله يبني ويعمر الأرض ويستخدم معظم كائناتها ومواردها لصالحه . ولاشك أن صاحب العقل المميز يشار له بالبنان ويعتبر مثالاً يحتذي فيه . ولكن ماذا لو أصبح هذا السلاح يعمل ضد صاحبه دون أن يعلم ليكون العدو الخفي الذي ينهش في صحته وجسده وقلبه بينما هو يظنه الناصح الأمين والمستشار العظيم. معظمنا يسيء استخدام العقل والخيال فيصرف الكثير من الوقت والطاقة والمشاعر في الخوف من أشياء لن تحدث مما يجعله في قلق مستمر، وبالتالي تتأثر صحته وتأتيه أمراض يظنها دائمة لا مناص منها وأنها بسبب الطعام والتقدم في السن لكنها بشكل كبير من هذا الأفكار الفاسدة .مشكلة العقل أنه لا يجيد التعامل مع الأفكار الفاسدة والغير حقيقية فهو يتعاطى معها ويقتنع بها ، بخلاف المعدة التي تتخلص بشكل سريع من أي طعام فاسد لنأخذ بعض الآباء كمثال يهتم بالعائلة منذ أول يوم ويصرف جل طاقته ووقته وماله في سبيل إسعادهم وتطويرهم ويكبر الأبناء ويتزوجون وعقله لايتوقف عن التفكير بهم وحمل همومهم ومشاكلهم، ويتخلل كل هذه السنوات عقل لا يهدأ ولو ليوم واحد وفي حال توقف عن ذلك لظن أنه أناني مقصر وأن الحياة والعائلة سوف تتضرر بشكل كبير في حال غيابه أكثر من أسبوع للسفر والاستمتاع أو لغيره من الأسباب مثل هؤلاء نسي أن الحياة تستمر وأنه قد عاش الملايين قبل أن يولد وسيموت وستخلفه عائلته وأحفادهم وأحفاد أحفادهم .كل الكائنات الحية تعيش بلطف الله وتسخيره وتوفيقه وليس بجهدنا، ولذلك ينبغي أن لا نعطي الحياة أكبر من حجمها وأن لا يظن البعض أنهم محور الكون لعائلاتهم وأنه لابد أن يضحي ۱۰۰ . وهذا الأمر ينطبق على كل من يفكر كثيراً فيما يتعلق بأسرته ومستقبله ويضع خطط وسيناريوهات ومخاوف معظمها لن تحصل ، الذي يحصل هو أنه يدمر نفسه ويحرمها من الاستمتاع باللحظة ويجد نفسه كل يوم أسوأ من الذي قبله . ختاماً لن يأتيك أي شخص ليساعدك حتى ولو أقرب الناس لك مادمت لم تكتشف هذا العدو وهذه المشكلة وتسعى لتغييرها، وأن تدرك أن عقلك سيشغلك سلبياً إن لم تشغله فهو لا يتركك حتى في النوم (الأحلام) ، وأفضل الطرق لإشغاله هي أن تمارس ما تحب المشي في مكان جميل ، الخ ) أو تتعلم شيئاً جديداً يجعل عقلك مركزاً معه بدل التركيز في إزعاجك بالمشاعر السلبية .