هناك فرق شاسع بين القائد والمدير، كثيرون من خبراء ومفكري علم الإدارة الحديثة تحدثوا عن ذلك، ومع ذلك كثيرون أيضاً لايزالون يخلطون بينهما، في حين أنهم أبعد ما يكونون عن القيادة، على الرغم من أنهم قد يكونون مديرين جيدين. تفاصيل كثيرة ودقيقة تُفرّق بين القائد والمدير، في العمل والمهام والأفكار واتخاذ القرارات، وفي أسلوب التعامل مع الآخرين، والتميز والارتقاء وتغيير مجرى الأمور، وخلق جوّ وروح الإبداع، وفي هذه التفاصيل وغيرها يظهر الفرق بين القائد والمدير، ومنها سنُدرك أنه ليس كل مدير يمتلك نفوذاً وصلاحيات يُعتبر قائداً! من السهولة بمكان الحصول على مدير، فالمدير يصبح كذلك بمجرد أن يعتلي منصباً من المناصب الإدارية، فالقيادة صفة يتصف بها الفرد، وهذه الصفة قد تكون فطرية أو مكتسبة، لكنها بالضرورة ليست متوافرة عند كل شخص يحصل على منصب مرموق. فالإنسان اجتماعي بطبيعته، وبإمكانه التأثير في سلوك الآخرين، فإذا نجح الشخص في ممارسة التأثير في المجموعة لتحقيق أهداف مدروسة ومخطط لها بشكل منظم، فهو بالضرورة قائد ناجح، أما المدير فهو الذي ينجز الأعمال من خلال الآخرين، لا أن يحاول أن يكون بطلاً وحده، وهو يسعى إلى تغيير الأوضاع بفكره وعمله، لا أن يُبقي الأوضاع على ما هي عليه، والمدير يركز على الأنشطة اليومية، ويعتمد على أسلوب المتابعة والرقابة، ويكثر من أسلوب العقاب على العاملين معه، وذلك ليعزز قيمته مديراً يمتلك صلاحيات، ويريد تفعيلها بطريقة إيجابية أو سلبية! لكنْ هناك فروق أهم من ذلك كله، فروق يصعب إيجادها، وهي العمل والإخلاص من أجل العمل والمصلحة العامة ولا شيء غيرهما، بدليل أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبّر عن ذلك في تغريدة نشرها على حسابه في «تويتر»، قال فيها: «أصعب مهمة تواجهني هي البحث عن قادة لديهم إنكار للذات والأنا، ولديهم إيمان بالعمل من أجل الغير، وإنجازاتهم تعطيهم دافعاً للتضحية المستمرة من أجل الوطن». فالقائد يعمل من أجل مصلحة عليا، لا ينتظر شهادة أو ترقية أو مكافأة، والمدير يعمل من أجل مقابل، القائد يعمل بتواضع ومن دون «الأنا»، وغيره تتضخم عندهم «الأنا» بمجرد الجلوس على كرسي المنصب، القائد يصنع التغيير ويحرك الجبال، والمدير يحرك الموظفين، ويصنع ما هو مطلوب منه فقط.