تتناول الدراسات الإعلامية المتلقّي من زوايا مختلفة، بدءًا من المقاربة الكمية الأمريكية التي ركزت على الرسالة وكيفية استقبالها، مروراً بنظريات الاستخدام والإشباع التي تصف الجمهور بأنه نشط واختياري، ووصولاً إلى النظريات النقدية التي تُسلّط الضوء على الهيمنة الإعلامية وتأثيرها على تكوين المعنى. تطوّرت هذه الدراسات من التركيز على وظائف وسائل الإعلام (كالتنمية والترفيه) إلى فهم أعمق لعلاقة الجمهور بالنصوص، وكيفية بناء المعنى بناءً على مرجعياته الثقافية والاجتماعية. وقد نقدت دراسات التلقي بعض النظريات السابقة التي ركزت على "ما تفعله وسائل الإعلام بالجمهور"، مُشدّدةً على أهمية فهم "كيف يتفاعل الجمهور مع وسائل الإعلام". تتباين المناهج البحثية المستخدمة في دراسة المتلقي، بين المنهج الوضعي الذي يعتمد على الملاحظة والتجريب للوصول إلى قوانين عامة، والمنهج الوظيفي الذي يركز على وظائف الأجزاء المكوّنة للظاهرة الاجتماعية، والمناهج الكيفية التي تُعنى بفهم المعاني والدلالات ضمن سياقاتها الاجتماعية والثقافية. تُفضّل الدراسات الوضعية الكمية استخدام أدوات قياس كمية مثل الاستطلاعات، بينما تعتمد الدراسات الكيفية (التفسيريّة والظاهراتيّة) على أساليب مثل الملاحظة المشاركة، وتحليل الخطاب، ودراسة الحالة لفهم الظواهر الإعلامية في حالتها الطبيعية والديناميكية. على الرغم من اختلاف هذه المناهج، إلا أنها تسعى جميعها لفهم دور وسائل الإعلام في بناء المعنى وتشكيل الرأي العام، مع التركيز على دور المتلقي الفعال في هذه العملية.