هو المدّ الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به، ولا يتوقف على سبب من همز أو سكون، أي لا يقع بعد حرف المد لا همز ولا سكون، بل يكفي فيه وجود أحد حروف المد الثلاثة المجموعة في كلمة "واي"وهي الألف والواو والياء التي جمعت في كلمة "نوحيها". وسمي مدا طبيعيا لأن صاحب الطبيعة السليمة لا ينقصه عن حده ولا يزيد عليه، ويمد بمقدار حركتين إحداهما حركة الحرف من فتحة أو كسرة أو ضمة والثانية هي مقدار حرف المد من ألف أو واو أو ياء، كما في هذه الأمثلة: قال - يقول - قيل فحركة القاف في هذه الأمثلة الثلاثة هي إحدى حركتي المد المقدرتين للمد الطبيعي، والألف والواو والياء كل منهم مقدار للحركة الثانية. وقد قدر العلماء وأئمة الأداء الحركة بأنها بمقدار قبض الأصبع أو بسطه بحال الإسراع بحيث لا يتجاوز ربع أو ثلث الثانية الواحدة على مقياس الوقت، ويدرك ذلك صاحب الذوق السليم زيادة أو نقصا. وأن الحرف قبل الواو يشترط أن يكون مضموما، وأن تكون هي ساكنة. والياء المدية يشترط أن يكون ما قبلها مكسورا وأن تكون هي ساكنة كما سبق في أمثلة: قال يقول وقيل. لأن الواو والياء إذا انفتح ما قبلهما سمي كل منهما حرف لين فقط ولا يسميا حرف مد مثل: ياء: عليهم - وكذلك وأو: يومكم وهذا المد الطبيعي المسمى بالمد الأصلي له ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن يكون ثابتا في حال الوصل وحال الوقف، مثل كلمة (أتجادلونني) لأن كل حرف منها لم يأت بعده همز أو سكون كما أنه لم يسبق بهمز أيضا، أي لا يوجد سبب من أسباب زيادة المد على المد الطبيعي الذي يمد بمقدار حركتين. الحالة الثانية: أن يكون المد ثابتا وصلا ومحذوفا وقفا، مثل هاء الضمير وصلا هكذا (بيده ملكوت) (ومن يأته) (مؤمنا) (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت). فالهاء ممدودة مدا طبيعيا في هذه الأمثلة وصلا فقط، وعند الوقف تسكن بدون مد، ويسمى هذا النوع أيضا مد الصلة الصغرى. الحالة الثالثة: أن يكون ثابتا وقفا محذوفا وصلا، أي عكس الحالة الثانية وذلك إذا كان حرف المد مبدلا من تنوين الفتحتين عند الوقف، كالوقف على (أحدا) (حكيما) (حسيبا)، فإن التنوين في هذه الأمثلة ونحوها يبدل حرف مد ألفا عند الوقف فقط، ويسمى هذا أيضا مد العوض. وقد وقع هذا المد في موضعين في القرآن العظيم كان اللفظ فيها من جنس الأفعال وهما (وليكونا من الصاغرين) بسورة يوسف ، (لنسفعا بالناصية) بسورة العلق. فيحذف تخلصا من التقاء الساكنين وصلا مثال وقالا الحمد لله الذي فضلنا) (وقالوا اتخذ الله) (أفي الله شك)، وعند الوقف يثبت حرف المد هكذا. لو وقفنا عليها اختبارا أو اختيارا لكنا بالمد باثبات ألف بعد النون وقفا تبعا لرسمها في المصاحف والكلمة أصلها (لكن انا هو الله ربي)وكذلك كلمات (فأضلونا السبيلا ربنا آتهم) (وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي) (وأطعنا الرسولا وقالوا) في سورة الأحزاب تحذف وصلا لحفص ومن وافقه هكذا. المد الفرعي عدل هو المد الزائد على المد الطبيعي أو المتفرع منه بسبب همز أو سكون، ولذلك عرفه الأئمة بأنه إطالة الصوت بحرف المد عند ملاقاة همز أو سكون، وسمي فرعيا لتفرعه من الأصلي. فيكون الهمز سببا لثلاثة أنواع من المدود هي المد المتصل والمنفصل والبدل. والسكون هو السبب الثاني للمد الفرعي سواء كان السكون عارضا أم أصليا، وفيه يتقدم الهمز على مده في كلمة، أي يأتي الهمز أولا ثم يمد ولا يكون بعد مده همز ولا سكون مثل (آمن) فأصلها "ءامن"، (أوتي)، (إيماناً)، (أوحي). وسمي بمد البدل لأن حرف المد فيه بدل من همزة ساكنة، أو لإبدال همزته الثانية حرف مد من جنس ما قبلها، فأصل (آمن) "أأمن" بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، فأبدلت الهمزة الثانية الساكنة حرف مد ألفا لأنها من جنس حركة ما قبلها، وأصل (أوتي) "أؤتي" بهمزتين الأولى مضمومة والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية الساكنة حرف مد واوا لأنها من جنس حركة ما قبلها وهي الضمة، كذلك أصل (إيماناً) "إئماناً" بهمزتين أيضا الأولى مكسورة والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية حرف مد ياء لكونها مجانسة لحركة الكسرة قبلها. والتسمية بمد البدل باعتبار الغالب والكثير، فمن أمثلة البدل ما لا يكون حرف المد فيه بدلا من الهمزة مثل همزات (قرآنا) (مسئولا) (إسرائيل) لكنه ألحق بالبدل لتقدم همزه على مده. وحكم مد البدل هو وجوب قصره بقدر حركتين فقط لحفص وجميع الأئمة، ويسمى مدا جائزا لجواز مده وتوسطه وقصره عند ورش من طريق الأزرق. ووجه قصره لحفص ومن وافقه هو ضعف سببه، ووجه جواز توسطه وإشباعه عند ورش من طريق الأزرق هو مجاورة الهمز لحرف المد، ومعروف أن الأزرق يمد المنفصل والمتصل مدا مشبعا بمقدار ست حركات. والخلاصة أن مد البدل من نوع المد الفرعي الجائز ويمد بمقدار حركتين فقط لحفص. إذن فمد البدل هو حكم تجويدي يلحق بالكلمات التي يأتي بها حرف مد بعد همز. وهو في الأصل عبارة عن همزتين الأولى متحركة والثانية ساكنة.