عندما نشر دوايت والدو عام 1968 م مقالته بعنوان ” نطاق نظريات الإدارة العامة” كتب والدو عبارته المشهورة ” حقل الإدارة العامة يعاني من أزمة هوية ” أن الأزمة المزعومة هي على وجه التحديد الفجوة بين ” النطاق ” والنظرية ” المرتبطة بد ارسة الإدارة العامة وهذا يعني أن الأزمة هي في فهم وتوضيح الهدف من د ارسة الإدارة العامة ومن الحقل ككل، والمشكلات تحمل بعدين أساسيين بعد نظري والآخر عملي ولكن لأجل تقديم تفسير لأزمة الهوية فأن الت اربط المنطقي بين المشاكل والنظريات والأهداف والحدود وما إلى ذلك لا يساعد أيضا في تحديد هوية الإدارة العامة )2010, وأن أحد أهم أسباب عدم تحديد هوية خاصة لحقل الإدارة العامة هو اختلاف علماء الإدارة أنفسهم في أيجاد أرضية مشتركة ينطلق منها الحقل، وإن أهم مفهومين لد ارسة الإدارة العامة كانا المفهومين الأمريكي والأوربي فقد اتفقا على أن حقل الإدارة العامة هو مظلة؛ كما يمتد النقاش المتعلق بهوية حقل الإدارة العامة إلى جذورها التاريخية وطبيعة الحقل الأكاديمي الذي ينتمي إليه وتعدد مجالات عملها كمهنة تطبيقية حيث تميز النقاش الفكري والأكاديمي والعلمي حول هوية الإدارة العامة بطابع الجدلية المزمنة أي تواصل النقاش على مختلف الأصعدة دون نتيجة حاسمة ) 1996, وقد شمل النقاش تساؤلات تقليدية أساسية ما ازلت مطروحة إلى الآن أهمها: إلى أي حقل معرفي تنتمي الإدارة العامة؟ وهل لها هوية علمية مستقلة بحيث أن لها خصائصها العلمية المميزة عن غيرها من الحقول العلمية ؟ وهل للإدارة العامة حدود فاصلة واضحة المعالم ومحددة بوضوح ؟ وهل لها منهجية علمية في البحث والد ارسة بحيث يمكن اعتبارها علم حقيقي؟ وهل هي مهنة لها قواعدها القانونية والأخلاقية المميزة ؟ وما طبيعة علاقة الإدارة العامة بغيرها من الحقول المعرفية الأخرى؟ (العوالمة، ومن أجل أن يستعيد حقل الإدارة العامة تقديره لذاته فأنه يجب على د ارسة الإدارة العامة أن تكتسب التماسك الأساسي عن طريق استعادة نموذج عام فإذا أخذنا فكرة” فرع معرفي” أو” نموذج” أو أي مسمى أخر يوحد مفهوم أو تصور باعتباره الأساس الشرعي الوحيد للد ارسة فأن النتيجة ستكون دائما هي أد ارك لأزمة الهوية في د ارسة الإدارة العامة ومع ذلك فأن د ارسة الإدارة العامة لا تشكل حقل موحد للد ارسة ومن الصعب أن تجد أي فرع من الد ارسات الاجتماعية يلبي هذا المطلب، Fernandez لذا فالبعض يعتقد أنه يجب التركيز في حقل الإدارة العامة على المرجعية الأخلاقية في خدمة المواطنين وتصريف الشؤون العامة بدل من التركيز على ضعف المرجعية العلمية الموحدة لد ارستها )2011 , وفي النهاية فإن أزمة الهوية في حقل الإدارة العامة تتجلى في التأثير الكبير والمبالغ فيه أحيانا لنظريات الإدارة العامة الأمريكية ومفاهيمها وعدم مناسبتها أحياناً للمحتوى الثقافي والاجتماعي والسياسي لبعض المجتمعات والحكومات مما دفع بالكثير من العلماء الى محاولة خلق أدبيات أدارة عامة خاصة بكل مجتمع ودولة وتناسب أهدافها وتحقق سياساتها المعلنة مما خلق كماً هائلاً من النظريات والمناهج ووجهات النظر والأفكار المتعارضة أحياناً والمتطابقة في البعض