أولًا : عقد بيع المزايدة لغة : إنّ المزايدة لغة تعد مصدرًا فعله الأصلي (زايد)، وهي على وزن (مفاعله) من زايد غيره، وذلك يقتضي التشارك في أصل الفعل بين اثنين فأكثر. والدال؛ يزيد فهو زائد . ويقال زايده –أي نافسه في الزيادة، أي البيع الذي يتم بطريق الدعوة إلى شراء الشئ المعروض، وثمن المزاد؛ وتزايد السعر وتزيد. وتزايدوا في ثمن السلعة حتى بلغ منتهاه، ويتضح لنا في المجمل؛ أنّ المزايدة عند اللغويين عبارة عن التنافس في زيادة ثمن السلعة المعروضة للبيع . أما عن معنى العقد في اللغة بفتح العين – أي الإحكام والشد؛ فيقال : عقد الحبل إذًا شده وربطه . إن العقد في الاصطلاح الشرعي يعني بشكل عام هو ارتباط الإيجاب بالقبول، وهي لا تخرج عن المعنى اللغوي للمصطلح فضلًا عن إضافة بعض القيود والشروط؛ أنّ المزايدة هي أن ينادي الرجل على سلعته بنفسه أو بنائبه، فلا بأس للغير أن يزيد . ويقول الإمام العيني أنها؛ وعدم رضاه بالثمن؛ أما عن الإمام الزيلعي؛ فيقول بأنها أن يظهر من البائع ما يدل على عدم الرضا بالبيع؛ فيأتي آخر فيزيد عليه . 2. المذهب المالكي : عرفت من قبل عرفة المالكي بأنها؛ بيع لم يتوقف ثمن مبيعه المعلوم قدره، على اعتبار ثمنه في بيع قبله؛ أنّ الرجل يعرض سلعته في السوق، ويطلب زيادة من يزيد فيها . وبالتأمل في تعريفات المالكية في المجمل؛ عرف الشافعية وعلى رأسهم الإمام النووي؛ بيع المزايدة بأنه هو ما يطاف به فيمن يزيد، فلغيره الدخول عليه والزيادة فيه . 4. فقهاء الحنابلة: حتى تصل إلى الثمن الذي يرضاه البائع . فقد تحدثوا عنه أثناء كلامهم عن حكم البيع على بيع الغير . قد جاء مستوفيًا وشاملًا لشروط وأركان ذلك النوع من البيوع، ويليه تعريفات فقهاء المالكية من حيث استيفاء المعنى والشروط والأركان ؛ والناس يزايدون على بعضهم البعض؛ فما لم يكف عن المناداة؛ وكذلك يستفاد من تعريف ابن جزي أن المزايدة قد تكون في غير البيع، يعرف بأنه اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني محدد؛ سواء بإنشاء التزام أو تعديله أو إنهاؤه أو نقله . بأنها عبارة عن طريقة بمقتضاها تلتزم الإدارة أو الشخص باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها شروطًا سواء من الناحية المالية، عرفها البعض بأنها؛ طرح التعاقد في مزاد عام؛ ويكون المزاد علنيًا إذا كان مفتوحًا للجمهور، أو على الأقل لطائفة من الأشخاص دون أن يقتصر على أشخاص معنينين مقصودين بذواتهم مهما قلت أعدادهم . ويؤيد الباحث الرأي القائل بأنّ بيع المزايدة وعقده يمثل بيع التزام مشتريه ثمنه على قبول الزيادة، وله عدة مسميات كبيع الدلالة، وجاء في تعريف عقد بيع المزايدة؛ وإعلان السعر المقدم، وطلب الزيادة من الحاضرين . وقيل بأنه عقد البيع الذي بمقتضاه يتم بيع أموال معينة بإجراءات محددة بعد إعلان السعر المحدد، وبيع الحاكم أموال المفلس . المطلب الثاني مشروعية البيع بالمزايدة الفرع الأول : مشروعية بيع المزايدة في الفقه الإسلامي : والشافعية، والمالكية، والحنابلة، إلى جواز بيع المزايدة دومًا في حال إذا خلا من الغش والتدليس والاحتيال والخداع بشكل عام. ومن السنة النبوية كذلك في قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي سنرد ذكره مفصلًا في المطلب التالي : ". فذلك الحديث فيه دلالة واضحة على جواز الزيادة عللى الثمن إذا لم يرض البائع بها عين الطالب . ويستدل كذلك على جواز هذا النوع من البيوع من الآثار عن الصحابة والتابعين؛ فمنها ما روي عن عطاء بن أبي رباح التابعي؛ وأيضًا مما جاء من الآثار عن الصحابة والتابعين، في الموطأ عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس –رضي الله عنهما- قال : ولا بأس بالسوم بالسلعة توقف للبيع؛ فيسوم بها غير واحد. قال : ولم يزل الأمر عندنا على هذا . وكذلك من الإجماع؛ حيث استدل جمهور الفقهاء على مشروعية البيع بالمزايدة بإجماع المسلمين على إباحة بيع المزايدة، فقد روى ابن حزم بسنده إلى هشام الخزاعي عن أبيه : شهدت عمر بن الخطاب باع إبلًا من إبل الصدقة فيمن يزيد . ومن وجهة نظر العمل بالمصلحة؛ فإن إباحة مثل هذا النوع من البيوع ينطوي على مصالح كثيرة، وكذلك فيه مصلحة للمشتري الذي يعتبر بالنسبة له المزاد العلني، وسيلة للتعرف على البضائع المعروضة في الأسواق، فربما يفتش عن شئ ولا يتمكن من إيجاده إلا من خلال المزادات العلنية، وهو مخير أن يشتري إن شاء، أو على الأقل أن يكون قد أخذ خبرة وخلفية عن محتوى ومجريات الأمور داخل المزاد، وذلك يعد تيسيرًا على طرفي البيع (البائع والمشتري)، والتيسير هو منهج إسلامي أصيل في الشريعة الإسلامية الغراء ، قال تعالى : "وما جعل عليكم في الدين من حرج "؛ ولذلك قال فقهاء الحنفية عن البيع المزايدة : إنّ الحاجة تدعو إليه . حيث أنه من البيوع التي تمّ النهي عنها بيوع المساومة؛ وفي الحقيقة عندما تتسنى لنا الفرصة للتحدث عن حقيقة عقد بيع المزايدة بين الشريعة والقانون؛ فإنه لا عقد بصفة عامة بدون تراضي، وهو ما يتم في الكثير من العقود بطريقة التفاوض؛ حيث يفاوض المشتري البائع على ثمن المشترى، وينتهي الأمر بإبرام العقد؛ وهو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي اسم (المساومة)؛ وقد أجازت الشريعة والقانون بيع المزايدة، فقال له : ما في بيتكَ شئ؟ قال : بلى، فأَتاه بهما، فأَعطاهما إِياه، فأَعطاهما الانصاري، فأَتاه به، فشد الرسول عودًا بيده، فجاء وقدْ أَصاب عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثَوبًا، وببعضها طعامًا؛ فقال له الرسول : هذا خير لكَ من أَن تجيء المسألة نكْتة في وجهكَ يوم القيامة. إِن المسأَلةَ لا تصلح إلا لثَلاثَة : لذي دم موجعٍ، أو لذي فقرٍ مدقع . أحدها أنه يجوز بيع المزايدة؛ فالإقرار بأنّ عقد المزايدة عقد معاوضة صحيح، يعتمد دعوة الراغبين نداءًا أو كتابة، ويصح أن تعلن عن عقد مزايدة في الصحف، ويصح أن تعلن عنها بالإذاعة، ويصح أن تعلن عنها بالنداء الشخصي، ويتم هذا عند رضا البائع - أي إذا استقر السعر ورضي به البائع لزم البيع. وبالطبع يوجد لدينا مزايدات اختيارية بين الأفراد، قد يكون المزاد اختياريًا، وقد يكون إجباريًا . قال الكاساني في تعليقه على هذا الحديثِ : وما كَان الرسول ليبيع بيعًا مكْروهًا . وأَنه بيع الفقراء، كَما قال المرغِيناني، ولان النهْي إنما ورد عن السوم حال البيع، وخلاصة القول وباستجماع آراء العلماء وأدلتهم ومناقشتها تبين أنّ الرأي الراجح هو ما قد ذهب إليه جمهور الفقهاء بأنّ بيع المزايدة جائز؛ لأن هذا النوع من البيع كان موجودًا أيام النبي (ص)، فلو كان غير جائزًا لنهى عنه، فهدم النهي يدل على الجواز؛ فيجوز بيع المزايدة في جميع أنواع البضائع، ولا يختص بميراث أو غنيمة . الفرع الثاني : مشروعية بيع المزايدة في القوانين المدنية المعاصرة : - اعتبرت القوانين المدنية المعاصرة المزايدة طريقًا من طرق التعاقد المشروع، ونصت عليها في قوانينها. ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا وكل ذلك ما لم يتضح من قصد خلافه، أو ينص القانون على غيره. أو بإقفال المزايدة دون أن ترسو على أحد ذلك مع عدم الإخلال بأحكام القوانين الأخرى. وقد جاءت المادة 99 من القانون المدني المصري تنظم البيع بالمزايدة ؛ كالتالي : (لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلًا). وأيضًا ألا ضمان للعيب في البيوع القضائية ولا البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد ، وأنه إذ لم تمكن القسمة عينًا أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته، وتقتصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا هذا بالإجماع ، كما أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقًا لإجراءات رسمها القانون . أما عن التقنين المدني اليمني في المادة 103 فقد أيدت نفس فحوى قوانين المزايدة في دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية؛ إذا كان عطاؤه هو الأفضل ويسقط عطاء المتزايد بعطاء أفضل منه، ويكون للداعي إلى المزاد أن يقبل من بين العطاءات المقدمة ما يراه أصلح، وذلك ما لم يتضح غير ذلك من قصد المتعاقدين أو ينص القانون بخلاف ما سبق ذكره. فلقد أخذت جميع القوانين في الدول العربية بهذه الوسيلة في البيع . أن بيع المزايدة بيع جائز ومشروع، وبذلك تتوافق نصوص هذه التشريعات في هذه المسألة، مع ما هو ثابت في الفقه الإسلامي . المبحث الثاني تكوين مقومات عقد البيع بالمزايدة تمهيد وتقسيم : إنّ لكل عقد من العقود أركان وشروط، حتى يترتب عليه آثاره التي قررها الشارع . هما : المطلب الأول : مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون مقومات عقد المزايدة في الشريعة والقانون سواءٌ أَكَان جزءًا من حقيقته أَم لم يكن، ويرى الحنفية أَن الركْن في عقد البيع وغيره : هو الصيغة فقط. لان ما عدا الصيغةَ ليس جزءًا من حقيقة البيع، وإِن كَان يتوقف عليه وجوده . إنّ الباحث يرى من خلال العديد من القراءات أن هذا؛ ولكل من الصيغة والعاقدين والمحل شروطٌ لا يتحقق الوجود الشرعي لايٍّ منها إلا بتوافرها، وتختلف تلكَ الشروط من حيثُ أَثَر وجودها أو فقدانها؛ ومنها شروط الصحة، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفية. ويترتب على تخلفها أو تخلف بعضها عدم لزُوم العقد. ويصلح لهما كل قولٍ يدل على الرضا، أو ملكْتكَ بكَذا. وقال الحنفية : إِن الإيجاب يطلق على ما يصدر أَولًا من كَلام أحد العاقدين، ولا تختلف شروط الصيغة في البيع عن الصيغة في غيره من العقود المالية مما خُلاصته كَون الصيغة بالماضي، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكْسه صح المتقدم منهما، ولم يلغ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفًا. ويشترط : عدم الهزل في الإيجاب أو القبول. وعدم هلاك المعقود عليه. لا خلاف فيما إِذا كَان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل : بعت، أو اشتريت. ولا ينعقد البيع إِذا كَان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام؛ أَما الأمر مثل : بعني، واحتاج إِلى قبولٍ من الاول (الأمر بالبيع). ومقابل الاظهر عند الشافعية . وإِحدى الروايتين عند الحنابلة : ينعقد البيع بقول المشتري : بعني، وبقول البائع : بعتكَ، للدلالة على الرضا، أو تبيعني، لم ينعقد البيع حتى يقبل بعد ذلكَ . لانه يتضمن معنى قبلت البيع. ومثل ذلكَ عند المالكية والحنابلة. ونحو هذا للشافعية في مثل : أَعتق عبدكَ عني بكَذا، وتدل عبارات الفقهاء على أَن العبرةَ بالدلالة على المقصود، سواءٌ أَكَان ذلكَ بوضع اللغة أَم بجريان العرف، وفي كَشاف القناع : الصيغة القولية غير منحصرة في لفظٍ بعينه كَبعت واشتريت، بل هي كل ما أَدى معنى البيع؛ فيتناول كل ما أَدى معناه . ويحصل التوافق بين الإيجاب والقبول بأَن يقبل المشتري كل المبيع بكل الثمن. وكَذلكَ لا توافق إِن قبل ببعض الثمن الذي وقع به الإيجاب أو بغيره، إلا إِن كَان القبول إِلى خيرٍ مما في الإيجاب، كَما لو باع شخصٌ السلعةَ بأَلفٍ فقبلها المشتري بأَلفٍ وخمسمائة، وهذه موافقة ضمنية ولكن لا تلزم الزيادة، إلا إِن قبلها الطرف الأخر. أَما الحط من الثمن فجائزٌ ولو بعد البيع . وكَذلكَ لا توافق إِن باعه سلعة بأَلفٍ فقبل نصفها بخمسمائة مثلًا، وصرح بعض الشافعية بأَنه لو قال البائع : بعتكَ هذا بأَلفٍ ونصفه بخمسمائة، وقد عني الفقه القانوني بصيغة العقد من جهة أنها تعبر عن رضا المتعاقدين بالعقد وقصدهما إليه، لكنهم يستعملون مصطلح التعبير عن الإرادة في الدلالة على المعنى الذي يستخدم فيه الفقهاء صيغة العقد، نجد أنها تتلخص في : • الرضا. وبهذا فإن القانون المدني يقترب من رأي جمهور الفقهاء في اعتبار أن المحل من الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد . فعن فكرة السبب معروفة في الفقه الإسلامي، ولكن الفقهاء لم يعتبروا السبب أو المقصود من العقد من جملة الأركان التي يتوقف عليها تكوين العقد وإنشاؤه، وذلك خلافًا للقانون المدني الذي اعتبر السبب ركنًا في تكوين العقد . هذا ولكل ركن من هذه الأركان شروط خاصة بعضها يشترط لصحته، وبعضها يشترط لنفاذه، كما سبق وقد أسلفنا الذكر. فضلًا عن كل الأركان التي سبق وأن أشرنا إليها؛ وهو السمسار أو الدلال والذي يقوم بالمناداة على السلعة بالبيع ويطل الزيادة في السعر ؛ المطلب الثاني أحكام السمسار في عقد بيع المزايدة إن الدلال أو ما يعرف بالسمسار؛ يمثل عنصرًا رئيسيًا في شكل البيع بالمزايدة وقالبه الأساسي؛ حيث أنه يعد وكيلًا عن مالك السلعة حين المزايدة والعرض وإيجاب البيع. الفرع الأول : المعنى اللغوي والاصطلاحي والقانوني للدلال أو السمسار المعنى اللغوي : يعني الكاشف أو المرشد، وتعني كذلك أنه الدليل . ودلل _أي أدل عليه. وأدل فلان _أي هداه إلى مقصده. أن حرفة الدلالة تعني المناداة على البضاعة في السوق . ما بين أن الدلال أو السمسار هو اسم لمن يعمل لحساب الغير بأجرة شراءًا وبيعًا . وبما أن السمسار هو الذي يطلق الناس عليه لفظ دلال؛ وسمسر فلان –أي توسط بين المشتري والبائع في نظير أجر معين ؛ فهما مترادفان لغة واصطلاحًا. ويعرف الدلال أو السمسار؛ بأنه وكيل مكلف من قبل أحد العاقدين للبحث عن شخص آخر يقبل التعاقد مع موكله أو يقوم بتقريب وجهات نظر كلا الطرفين حتى تتم الصفقة بينهما في مقابل أجر معين؛ وذلك بمقتضى اتفاق صريح أو ضمني مستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته في إبرام الصفقه بمعرفته . وبالتالي فهو مجرد وسيط –أي ليست عليه أي التزامات تنشأ عن العقد المبرم . يمكننا القول؛ بأن تنقسم السمسرة حسب نوع التفويض إلى السمسار البسيط والسمسار المزدوج أنه من الممكن أن يكون الدلال شخصًا اعتباريًا –أي شركة مثلًا، أو طبيعيًا . وبحسب التفويض يصنف الدلالين؛ كالتالي: 1. الدلال البسيط: أي مفوضًا منقبل طرف واحد فحسب. 2. الدلال المزدوج: أي مفوضًا أو مكلفًا من كلا الطرفين. كالتالي: أ. الدلال الفرد: هو أن يمارس عمله بشكل فردي . ب. الشركة: أي أن تقوم شركة وساطة بأعمال السمسرة. ويمكننا تقسيم الدلالين حسب الاحتراف كما يلي : الدلال المحترف: أي الذي يحترف القيام بأعمال السمسرة؛ باعتباره تاجرًا ويخضع للالتزامات المفروضة على التجار ويجوز إشهار إفلاسهم . الدلال غير المحترف: أي من يقوم بأعمال السمسرة لمرة واحدة فقط وليس على وجه الاحتراف . أما تصنيفهم حسب طبيعة تنفيذ العقد: 1. الدلال الضامن: إنَّ مهمة الدلال تنتهي في العموم عند تقريب وجهتي نظر المتعاقدين، وإبرام العقد بينهما، ولا يمتد إلى تنفيذ الالتزامات التي يرتبها العقد، ويبرم العقد مباشرة بين العميل ومَن قدمه الدلال للتعاقد، لذلك فالأصل أن ينتهي دور السمسار عند هذا الحد. ولكن مهمته قد لا تقف عند هذا الحد، فقد يكون السمسار ضامنًا لإبرام العقد، وإنما يمتد ليشمل ضمان توقيع العقد وقيام الاتفاق بين الطرفين؛ كأن يتفق كل من العميل والسمسار على إيجاد شخص يرتضي شراء سلعة معينة من العميل بشروط وسعر محدد فلا تنتهي مهمة السمسار هنا بأن يجد بائع السلعة التي يريدها العميل، والتقريب بينهما في وجهات النظر، كما أنه قد يصل تعهد السمسار أحيانا ليس فقط لعقد اتفاق بين الطرفين ولكن إلى حد تنفيذ الصفقة أو تنفيذ العقد. ففي هذه الحالة يكون السمسارمسئولًا عن تمام تنفيذ الالتزامات كافة التي يرتبها العقد . لا تمتد إلى تنفيذ العقد، الفرع الثالث: مشروعية السمسرة أو الدلالة اتفق جميع الفقهاء أن الدلالة أو السمسرة مهنة مشروعة؛ وهناك دليلين هما : 1. من السنة النبوية؛ حيث روي عن أبو داوو الكناني؛ حيث أن سمسار لفظ أعجمي؛ وقد نصحهم (ص) بالتصدق؛ ولكن لم ينههم عن عملهم بالدلالة والسمسرة. 2. من المعقول أو المنطق العام؛ فأحيانًا يصعب على كل إنسان الاهتداء إلى سلع معينة؛ فهو يحتاج إلى من يقوم بإدلاله عليها . نظرًا إلى أن الغش يخالط هذه المهنة كثيرًا لإنجاح الصفقات بربح أكبر؛ لذا حث الفقهاء على ضرورة توافر سمات سلوكية وأخلاقية معينة للسمسار أو الدلال؛ للحفاظ على سلامة السوق، حيث أن أي تجاوز قد يؤثر على صحة وبطلان العقد؛ كالتالي : عدم زيادة الدلال في ثمن السلعة من تلقاء نفسه؛ فينبغي أن تكون الزيادة من قبل المشتري أو التاجر. ب‌. ألا يكون هذا الدلال صاحب أو شريك السلعة مع صاحبها؛ لأنه سيحرص على بيعها بأعلى ثمن، ج. ألا يبتاع السلعة لذاته ثم يقوم بإيهام صاحبها أن هناك من اشتراها منه؛ د. في حال علمه بعيبٍ ما في السلعة؛ استوجب عليه إخطار المشتري بذلك العيب. حتى لو من خلال من يعرف هذا المالك. وجب عليه التأكد من رغبة كافة الشركاء بالبيع وأخذ ميثاق يؤكد ذلك . الفرع الخامس : طبيعة عقد الدلال (القانونية والشرعية) أولًا : الطبيعة القانونية : إن الصلة بين الدلال أو السمسار وصاحب السلعة تعد في عقد بيع المزايدة بمثابة وكالة مدنية؛ فتسري عليها أحكام الوكالة العادية المقررة في نصوص القوانين المدنية "الوكالة تعرف بأنها عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بالقيام بعمل قانوني لحساب الموكل " في حال كان العمل مدنيًا حيث يوكله البائع في إبرام العقد . أما في حال كانت العلاقة بينما تكيف على أنها وكالة تجارية؛