اتجاهات الشعر المغاربي: الاتجاه المحافظ/ الاتجاه التجديدي ارتبطت الحركة الشعرية الحديثة في الجزائر بالحركة الإصلاحية، فقامت المؤسسات التعليميةوالد ينية الإصلاحية، و التي كان لها الدور الفع ال والتاريخي للحفاظ على إستمرارية تداول الل غةالعربية و صون الد ين الإسلامي الحنيف من كل “مبتدع لفاق“، وهذا لوثوق الصلة بين الل غةالعربية و الد ين للمساهمة في الوعي الثقافي، وسرعان ما انعكس ذلك بتأثيرات في الشعر السائدودورهم الفاسد في المجتمع، في تشويه معالم الد ين السمحاء، وتعرية أدعياء الد ين ومن هنا كانت واستحلال الخمر . وهذه صورة واضحة عن نشاط الطرقية المنحرفة،يتعرض الشاعر لخضوع العامة لهذا المنطق وإنصياغهم لهؤلاء الطرقيين إلى درجة اعتقادهم ب أن هوالطرقيين، فيقول:إن قال أن ي )ولي( صدقوه، وإن هو اد عى الغيب،وإن تعل م بعض الشـــيء تهجيـــة قليل ة، معذور وقد أثماــــ قالوا إنــ ها عسل ولا غرابـــة فــي هذا، ولا جرما1حذا حذو الز اهري في فضح سلوكات أدعياء الد ين الذين يزيدون على فقر الشعب فقرا و جهالة ا كان التنديد بالطرقيين و كشف جهلهم و فهمهم الخاطئ للد ين ، كان حري بالشعراء أنينظ موا قصائد تبي ن صحة الد ين و تصحيح كل فهم خاطئ للإسلام السامي ،بالقصيدة الد يني ة التي كانت بمثابة البلسم ، موسم الحج ،فقد خصص لهذه المناسبات قصائد عد ة و كل شاعر ينظم لها و يمج د أبطال التاريخ ، و يحييالماضي في شعره ، الذي يؤك د من خلال قصيدته توثيق الصلة بالماضي ،و هذا أنموذج منها : لم يخــب ويومك في الأي ام ذو ة، لا تماثله الدنــــى لخصب المراعي،كفى الناس طرا مرتعا، وإن أنكر الغـــرب 1 ف “ البشير الإبراهيمي “ و “ أبو اليقضان “ دعوا الأدباء الإصلاحيين إلى العنايةبالمخزون الشعري القديم،يتعل ق الشعراء الإصلاحيين بالأدب العربي القديم، فالحركة الإصلاحية أولتاهتماما كبيرا بالتراث العربي القديم على غرار ما كان يحدث في المشرق،أمثال ”المازني“ و“ البارودي “ وغيرهم، و هذا بالفعل ما نشهده في شعرهم ، إذ نلمس أثرالقرآن ال كريم في الشعر الجزائري الحديث في التعبير والتصوير معا،لغة القرآن الأنموذج الذي يجب الاحتذاء به .يقول ”محمد العيد ال خليفة“ تأثرا بالقرآن: أعيذكم ه فذهاب الريح عقبي التقسيمالآية التي اقتبس منها الشاعر هي: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾. وشعر المناسبات الاتجاهالديني يحوي أيضا قصائدا تلهج بالثورة والوطن، فألفاظها حماسية اندفاعية تشج ع الثو ار،على أن الشعب الجزائري بكل طوائفه لا يزال متمسكا بوطنه، ويضحي لأجله بكل غال ونفيس وأبرزهم“ مفدي فبقصائده يهاجم المستدمر بأقذع الصفات ويتوعد بالر د والهزيمة و ويعبر عن رفضهللإستدمار الفرنسي والتعسف والقهر الذي يلحقه بالشعب الجزائري ،اعصفي يا ريــــاــــح واقصفي يا رعودوأثخني يا جـــراح واحذقي يا قيـــودلا نمل ال كفاح لا نمل الجهاد في سبيل البلاد1كانت مظاهرات 08 ماي 1945 التي أضحت من مظاهرات سليمة إلى مجازر بشعة على يدالمستدمرين، انقضوا على المتظاهرين العزل الذين يطالبون بحقوقهم وهاته الأبعاد إن اتسمت فهي تتسم بالقاتمة والمأساوية، فقد انحبست يراع فقد وقف الشعر عاجزا غير قادر على إيجاد التعابير والصور لوصف المأساة وتلك هي الصدمة التلقائية لمثل هذه المواقف على حد تعبير صالح”محمد العيد“ الذي عرف بشعره الإصلاحي كثيرا وجدناه هو الآخر قد شارك غيره من شعراء والتي عبر فيها عن هذه الأحداث بنبرة استعطاف واسترحام، وفي ذات الأبياتبصيص من الإصرار والصمود،فيالك من خطب تعذر وصفـــه فلم تجر أقلام فوق قرطاــــسولا خير في عد المظالم وحدهاــــ إذا لم تبن عن مرهفات وأتراس لا يدين بقسطاــــسيمكن أن نخلص إلى القول بأن الاتجاه التقليدي المحافظ يتضمن معظمه الشعر الديني، شعرالمناسبات، أما الشعر العاطفي فهو لم يحظ إلا بقليل من الاهتمام وهذالعاملين أو لهما: الثقافة التي كانت سائدة انذاك هي ثقافة محافظة تحتكم إلى التقاليد والعادات. فالأولوية لهذهالأحداث و مساندة الثوار والمجاهدين لاسترجاع السيادة الوطنية، فالمقام لم يسمح لوجود قصائدوجدانية غزلية، ويؤكد على هذا صالح خرفي حين يفسر عزوف الشعراء عن هذا الغرض عاشت حبيسة عاملين متضافرين :السائح “:فمن صوت البلاد، لنا نداء يكاد المرء يسمعه أنيناــــ2أ – الطابع التقليدي:نعني به العودة إلى التراث العربي في الشعر، وطغيان العموديةبقوالبها الرتيبةكانت هي المعيار الذي يعي ر به الشعر آنذاك، فقد أخذوا الشعر من أفواه القدامى وعرفوهكما كان سائدا في التراث العربي القديم أمثال“ معيارالشعر“ لابن طباطبة“ و“ العمدة“ لابن رشيق القيرواني وغيرهم.معنى.ب – التعبير المباشر والنبرة الخطابية:تعامل الشعراء الإصلاحيون مع اللغة تعاملا وطيفيا يقتصر في الغالب على استغلال جانبهاوالشاعر الجزائري ينتهج الأسلوب التقريري المباشر“ وانتهاج هذا الأسلوب الخطابي الاستنهاضيليس خاصا بالشعر الجزائري الحديث ولا بدعة فيه، ويتجاوز القصيدة في الجزائر الأسلوب الخطابي صيغة وتعبيرا إلى العناصر التركيبية للخطبة،من مقدمة وموضوع وخاتمة وكثيرا ما تكون دعاء أو سلاما أو آية قرآنية .“1ج – الوضوح والسهولة: لم يحاولوا أن يتعاملوا مع اللغة تعاملا غيرعادي باستخدام الرمز اللغوي، واتيان بعلاقات جديدة بين الالفاظ،والوضوح إلى نظرة الإصلاحيين إلى دور الشعر على أن ه أداة من أدوات الإصلاح.ما يلحظه الباحث في الشعر الجزائري الحديث من حيث الموسيقى والوزن، هو المحافظة علىالأعمال الشعرية، وهذا يعني استعمال الأوزان الخليلية التامة والالتزام بها. وهو الاتجاه الرومانسي، فالنهضة الأدبية فيالجزائر – بالر غم من الظروف القاسية آنذاك -كانت تواكب النهضة الأدبية المشرقية وتتأثر بها، كما كان في المشرق الاتجاه الرومانسي، الذي يدعو في مجمله إلى التغييرب الاتجاه الرومانسي:وقد يكون حسب يوسف ناوري“ أو ل شاعر رومانسي في سماء المغرب العربي،مفاهيم الرومانسية ودعا الى تحرير الممارسة الفردية من القيود التي كبلتها قرونا،والحاجة إلىالتعبيرعن صوت الأنا وإحساسات الفرد حيث يكون الشعر وحي الضمير وإلهام الوجدان أوقلب الطبيعة النابض“،ينطلق من مفهومه للتجربة الشعرية من هذا الاحساس أنه يريد أن يتحول من اهتمامه المسرف مضمون يستوعب واقع الأمة العربية،يتغنى بآلامها وأمالها، إلى شعر يقود الجماهير ويهتم بقضاياهم.“3 هذا راجع إلى اتصاله بالرومانسية وترجمته لبعض أعمالهم،تأثر بالمشرقيين أيضا من أمثال “ جبران خليل جبران “ و“ أمين الر يحاني “، ل كن وتساهم فينشر دعوته ، عدا نماذج قليلة من الشعر المرسل ، مثل قوله :بكيت ومثلي لا يحق له البكا على أم ة مخلوقة للنـــوازلذرفت عليها أدمعا من نواظــر تساهر طول الليل ضوء ال كواكب2عشر مقطعات، جاعلا قافيتها خاضعة لتناوب حرف الروي بتوالي الحروف التالية: اللام، الميموالباء.أنت يا قلبي فريد من الألم والأحزان ونصيبك في الدنيا الخيبة و الحرمانأنت يا قلبي تشكو هموما كبار ا،أنت يا قلبي مكلوم، ودمعك الطاهر يعبث به الدهر الجباروقل الل هم إن الحياة مرة3وزع رمضان حمود الأبيات إلى مقاطع مختلفة، عامدا في بعضها إلى التحرر من كل وزنعروضي،يمكن القول أن هذا الكاتب والصحفي القدير: رمضان حمود الذي سطع نجمه في سماءالعشرينيات في الجزائر- رغم أنه لم يعمر إلا ثلاثة و عشرين عاما - كان من الر واد الذين نفثواأنفاس الثورة العارمة في الشعر بعد حماسة الأمير عبد القادر على اختلاف في فن هما ، فقد كانقلم الكاتب حمود المشعل في ميدان الصحافة في مثل شعلة انفعاله في قصائده للحث على الثورةإنما المجد قرين الجهــــاــــد ووئام وثبات في الظهــــــور1 وهذه اللهجة بوعيه وشعره الثوري النضالي .إذا تحدثنا عن الممارسات الرومانسية في الشعر الجزائري، نجدها لم تتحقق إلا مع ”مبارك جلواحالخ. معتمدين في العباسي“ و“ عبد ال كريم العقون “ و“ الطاهر بوشوش“ و“ عبد ه وساعدهم في ذلك أيضا إعجابهم بالأدب المهجري،وبأدب جبران خليل جبران، وبشعر أبي القاسم الشابي.في فترتي الأربعينيات والخمسينيات برز الشاعران: “ مبارك جلواح “ و“ أحمد سحنون“ بنظرة مع ممارستهما آلت القصيدة إلى إنشاء اتجاهيعتمد العناصر الرومانسية في فهم الشعر وبنائه، ليترجم بذلك إحساسات الفرد تجاه الحياة منيأس وأسى، و معاناة وآلام، إذ نجد مبارك جلواح العباسي يقول في قصيدته “ الذكريات “ :غادرت غرفة الرجا واختفت عن حقل الدهر في دياــــجير يــأسلا تباــــلي بمــــاــــ يعم البراياــــ من سيعود أو من غياهب نحس- أبرز الخصائص الفنية للاتجاه الرومانسي:إذا ما عرجنا للحديث عن الل غة الشعرية في هذا الاتجاه، بتطورها، وأدخلت بعض التراكيب اللغوية ذات الدلالات الموحية التي لميسبق استعمالها من قبل الشعراء التقليديين المحافظين.في هذه القصيدة نجده يستعمل ألفاظا لا يجرؤ الشاعر المحافظ على استعمالها: أنفاس الحسان، ذات الدلالات العاطفية. فقد تطورت بشكل واضح في أشعار هؤلاء الشعراء أمثال ”محمدالأخضر السائحي“،“ الطاهر بوشوشي“، وغيرهم، متأثرين في ذلك بالشعراء هكذا خرجت القصيدة-2 حركة الشعر الحر )1954 – 1960 (:أ – البداية والظروف: فيما يخص الشعر الجزائري الحديث قبل الثورة خاصة،واحد، وهو التقليدية، فبقيت الأغراض تدور في الفخر والهجاء ، والمدح . التي لا تغني ولاتسمن قضية الإنسان الجوهرية، التي تتبلور من الرؤية السطحية للعالم إلى التغلغل في أحشائه هذاعلى الصعيد المضامين، أما إذا التفتنا إلى الشكل،المعروفة واقتفاء أثر القافية المطردة .من )تشبيه، وسجع، وطباق وجناس . وإذا صح القول فإن هم أعادوا إنتاج المنتوج؛ أي أن همقاموابعملية مونتاج ميكانيكي ليس إلا . وكحوصلة عامة يمكن حصر تفاصيل واقع الشعر الجزائريقبل الثورة التحريرية في النقاط التالية،٭ كان الشعراء الجزائريون آنذاك ينقلون الواقع القائم نقلا كاميراويا.٭ انفصام شخصيات أغلبية الشعراء حيث تجد الشاعر الواحد منهم يمدح آخرين ويهجو آخرينويتغزل بحبيبته لا وجود لها إلا فيما ندر فهذا الشاعر المنفصم الشخصية ليس الشعر عنه نسيج وليس لغته وطبيعته وصوته بقدر ما هو وصف خارجي لعالم ما،الحالات. فإن إنتاجهم ظل أمينا لمناخات القصيدة العربية الإنحطاطية،النظام الخليلي الموسيقي ويشبهون الأشياء بالأشياء على طريقة شعراء عصور الإنحطاط، هناكمسافة بين المشبه والمشبه به فهذه المسافة بالضبط هي أزمنة القصيدة ).الشعرية الحديثة تسعى للتوحيد بين الأشياء لامتلاكها والنقاد إلى داخلها،الشعرية العصرية حط مت جدار الثنائية القائمة بين الشعر والعالم وبين الذاتي والموضوعي“.“الأرضية التي بس طتها الترجمة في المشرق للشعر الحر ، لم تتح للشاعر الجزائري الذي وقف من فلم يحتك بها إلا في وقت متأخ ر،التي رفعها “ رمضان حمود “ في العشرينات للأخذ بأسباب الحضارة الأوروبية، والن هوض فإن طابع القطيعةكان ولا يزال يفو ض نفسه على الثقافةالعربية و الفرنسية في الجزائر “.إن مقالة“ رمضان حمود “ الموسومة بــ “ الترجمة و تأثيرها في الأدب “ كانت تنم عن الوعيالثقافي، ومدى الحاجة الملحة للتغيير ، إلى أن قصر عمر “ رمضان حمود “ الذي كان رائد الاتجاه لم يسمح بتبلوره ، و بقي هذا التيار غير مكتمل الملامح في الجزائر . ومهما يكن من أمر فإن “ حمود رمضان “ استطاع أن يحدث نمطا جديدا في وهذا جزء من قصيدته يا قلبي“:أنت يا قلبي فريد في الألم والأحزانونصيبك في الدنيا الخيبة والحرمانأنت يا قلبي مكلوم، ودمك الطاهر يبعث به الدهر الجبار ارفع صوتك للسماء ةمن خلال شعره نلمح ذلك الإحساس الرومانسي الحزين، ذو طابع مختلف إلى حد ما“ وفي ذلكالل “ 1930 ،كتابته لقصيدته الأولى و نشرها في البصائر بتاريخ 25 مارس 1955 “.الل “ عن تجربته الأولى في الشعر من كتابه “ دراسات في و قد أخذنا مقولة“ أبو القاسم سعد هالأدب الجزائري الحديث “ و فيها ما يلي : “ كنت أتابع الشعر الجزائري منذ 1947 ، باحثا فيهعن نفحات جديدة و تشكيلات تواكب الذوق الحديث ، و ل كن ي لم أجد سوى صنم يركع أمامهكل الشعراء بنغم واحد ،والنظريات النقدية حملني على تغيير اتجاهي ومحاولة التخل ص من الطريقة التقليدية في الشعر“.الل “ يمكن أن نلاحظ أحد أسباب ظهور الشعر الحر في الجزائر،وهو الاحتكاك بالمشرق وإطلاع بعض الشعراء على هذا الل ون الشعري الجديد من خلالدراستهم في كل من “ مصر و لبنان “. فبانطلاق الرصاصة الأولىللثورة في ليلة أو ل نوفمبر التي تعلن عن فجر جديد للجزائر على جميع الأصعدة، فانطلقت التجربة لتساوق الأحداث آنذاك، “وبذا أتاح الشعر الجديد للشاعر فرصة التعبير عن تجاربه بحرية ).والرؤية الجديدة للواقع المتغي ر . ”. و هو العامل الن فسي “ أيبرغبة عب رت عنها الحاجة إلى بيت يحر ر ذات الشاعر من قيود القصيدة القديمة ، ويسمح له وحتى و لو كانت رد ة فعل نفسية انتقلت4 فالحالة النفسية للشعراء آنذاك تتوق للتحرر، وإخراج كل تلك1955 وهي من بحر“ الرمل “، جاءت على ستة مقاطع ويعب ر منلا تلـــمني عن مروقــيفقد اخترت طريــقي!وطريــقي كالحياــــةشائـــــــــــك الأهداف مجهول السيماتعاصف التيــــ اــــر وحشي النضالتتراى كطيـــوف فتوالت القصائد الحر ة،وهي من بحر “ المتقارب “،