يتسم المجال العالمي بتفاوتٍ كبير في التقدم الاقتصادي والاجتماعي بين الشمال والجنوب، مرجعه عوامل اقتصادية واجتماعية متشابكة. تتميز الدول المتقدمة (الشمال) بطاقة إنتاجية ضخمة، وهيمنة تجارية ومالية، وقدرة هائلة على التحكم بالتكنولوجيا، ومستوى معيشي مرتفع. في المقابل، تعاني الدول النامية (الجنوب) من ضعف الطاقة الإنتاجية، واعتمادها على منتجات ذات قيمة مضافة منخفضة، وضعف النفوذ العالمي، وتأخر تكنولوجي، وتفاوت حاد في توزيع الثروة، وضعف في توفير الحاجيات الأساسية. تساهم عوامل اقتصادية كالهيمنة الاقتصادية عبر الاستعمار والعولمة، وتقسيم العمل العالمي غير المتكافئ، وعبء الدين، في هذا التفاوت. كذلك، تلعب عوامل بشرية دورًا؛ إذ يستفيد الشمال من بنية ديموغرافية ملائمة ورصيد بشري متميز، بينما يعاني الجنوب من انفجار ديموغرافي، وضعف الرصيد البشري. يتجلى هذا التفاوت في تركيبة المجال العالمي ثنائية الأقطاب، حيث يسيطر الشمال، خاصة "الثالوث" (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليابان)، على النظام العالمي، بينما يتوزع الجنوب ضمن مجموعات متباينة من حيث التقدم، من "البلدان الصناعية الجديدة" إلى "البلدان الأقل تقدماً"، لكل منها خصائصها ومكانتها في هذا النظام العالمي غير المتوازن.