ظهرت نظرية الاستعمال أو الألعاب في كامبردج وأكسفورد، مُجسّدةً في أعمال أوستين وسيرل. لم يقتصر اهتمام أوستين (1911-1961) على اللغة فقط، بل سعى للخروج من دائرة النماذج اللغوية عبر اللغة نفسها. تؤكد سندرا لوجيه أن أوستين لم يكن لغوياً بالمعنى التقليدي، بل فيلسوفاً *في* اللغة، مُحدثاً تحولاً من "الفلسفة اللغوية" إلى "فلسفة اللغة". يرى أوستين أن الإنسان يستخدم الكلمات كأدوات لفهم العالم، وأنّ أهمية اللغة تكمن في دورها التوسطي لتحقيق الاتفاق. يُؤسس مفهوم الاختلاف، حسب أوستين، لعلاقة اللغة بالعالم، حيث أن إدراك الاختلاف اللغوي يُؤدي إلى إدراك اختلاف الأشياء. يتحدد تطابق اللغة مع العالم باتفاقنا، وليس تطابقاً بديهياً، وهو ما يؤكد الطابع النسبي المعرفي والوجودي لمحاولة أوستين. ينتقد أوستين تقديم الحلول قبل فحص المقدمات، مُشدداً على أهمية التحديد والتعريف، مُستخدمًا اللغة العادية كوسيلة وليست هدفاً. يُحذر من الأحكام المسبقة في اللغة العادية، داعياً لتخيّل مواقف مُختلفة للوصول إلى اتفاق، بخلاف موقف فيتجنشتاين. يُعارض أوستين التقسيم التقليدي للجمل إلى خبرية وإنشائية، مُقترحاً أن الوحدة الأساسية هي "الأفعال الكلامية" التي تُنتج في سياق معين، مُؤكداً على أهمية السياق والمناسبة لا الصدق والكذب فقط. يُميّز أوستين في أفعاله الكلامية بين: العمل القولي (الأصوات ذات المعنى)، والعمل المتضمن (المعنى المُقصود)، وعمل التأثير (الأثر على المُتلقي). تُمثل نظرية أفعال الكلام موقفاً مضاداً للاتجاه الوضعي المنطقي، وقد طور سيرل هذه النظرية، مُضيفاً الفعل التعبيري (قول شيء ما)، والفعل الغرضي (طريقة استخدام التعبير)، والفعل التأثيري (تأثير الكلام على المُتلقي).