الفصل الأول: التعريف بالشيخ القرضاوي وبمفردات البحث المبحث الثاني: التعريف بمفردات البحث والألفاظ ذات الصلة المطلب الأول: تعريف الاختيارات لغةً واصطلاحاً أولاً: تعريف الاختيار لغةً: (خير) الخاء والياء والراء أصل واحد بمعنى العطف والميل، وفضله على غيره، ومال إليه، ومنه قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا }[الأعراف:155]. والاختيار: الاصطفاء وكذلك التخيير، والخيار: خلاف الأشرار والخيار: الاسم من الاختيار. وخايره فخاره خيرا: كان خيرا منه، وهو طلب خير الأمرين: إما إمضاء البيع أو فسخه ( ) ، ومنه قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ }[القصص:68]. وهذا التعريف شامل لجميع العلوم كالعقيدة وغيرها، وليس هذا المراد في بحثي، وإنَّما المراد الاختيارات الفقهية كلفظة مركبة من جزأين، ولعل وضوح المصطلح جعلهم لم يضعوا له تعريفاً. إلا أن المعاصرين من الفقهاء تناولوا تعريفه، فمن هذه التعاريف أنَّه: " اجتهاد الفقيه في معرفة الحكم الشرعي الصحيح في المسائل المختلف فيها، وذهاب الفقيه إلى قول من أقوال الأئمة أصحاب المذاهب"( ). ومما عرف به الاختيار أيضاً بأنَّه: " الانتقاء من الخلاف المذهبي، بناء على اجتهاد في الترجيح للقول أو الرواية أو الوجه الذي يختاره الفقيه "( )، وعرفه الشيخ القرضاوي رحمه الله: "أنَّه اختيار أحد الآراء المنقولة في تراثنا الفقهي العريض للفتوى أو القضاء به، ترجيحا له على غيره من الآراء والأقوال الأخرى ( ). كما يلحظ ورود كلمة اجتهاد فالاختيار الفقهي مبني على الاجتهاد وليس على الهوى والتشهي، كما يتوهم. ويمكن استخلاص تعريفاً للاختيار بأنه: اعتماد الفقيه لأحد الأقوال الفقهية بعد النظر فيها والموازنة. والذي أعنيه في بحثي دراسة ما ذهب إليه الشيخ القرضاوي سواءً كان قولاً لأحد المذاهب أو كان قولاً تفرد الشيخ به. المطلب الثاني: تعريف الفقه لغةً واصطلاحا وكل علم بشيء فهو فقه. وفقه فقها: بمعنى علم علما. وفقه الشيء: علمه. وكل عالم بشيء فهو فقيه وتفقه: تعاطى الفقه. وفاقهته إذا باحثته في العلم. والفقه: الفطنة، ومنه قوله تعالى: { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ }[الإسراء:44]، والثاني: العلم، ومنه قوله تعالى:{ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون}[التوبة:122]. أي ليتعلموا تعاليم الدين. ثانياً: تعريف الفقه اصطلاحا: مرت كلمة فقه في التراث الإسلامي في مرحلة تطور وتجديد، "وهذا التجديد الاصطلاحي لكلمة الفقه، لم يتم فجأة وإنما استغرق وقتًا كافيًا تقلبت فيه الكلمة في مراحل مختلفة ، فقد وجدنا علماء القرنين الأول والثاني يطلقون كلمة الفقه على ما يشمل موضوعات الزهد وعلم الكلام وقد استمر عدم التحديد هذا حتى منتصف القرن الثاني الهجري"( )، ويدل على ذلك قول الإمام الغزالي( ) :" ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقاً على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب، ثُمَّ قال: ولست أقول إن اسم الفقه لم يكن متناولاً للفتاوى في الأحكام الظاهرة ولكن كان بطريق العموم والشمول أو بطريق الاستتباع فكان إطلاقهم له على علم الآخرة أكثر"( ). وقد عرف الفقه بعدة تعاريف تتفق غالبها في المضمون وسأذكر بعضها ثم أختار الراجح منها. التعريف الأول: عُرف" الفقه بأنه: العلم بأحكام الشريعة"( ). التعريف الثاني: جاء عن أبي حنيفة( ) أن الفقه:" معرفة النفس ما لها وما عليها"( ). التعريف الثالث: وهو تعريف الآمدي( ) حيث قال: أن "الفقه مخصوص بالعلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال"( ).