فلا يمكن العيش بدون الطعام، إلا لفترة محدودة يعاني الجائع خلالها من تدهور تركيزه وقوته ووعيه وصحته، وتراكم السموم الداخلية وحتمية الموت. وطرق البشر في تناول الأطعمة تختلف، فمنهم من لا يزال على طبع التوحش البدائي، فلا يمكن أن يخلو طعامه من اللحوم والدهون، وبعضهم من يبالغ بأكل اللحوم النيئة وبما تسببه لهم من أمراض بكتيرية وفايروسية قاتلة. وهنالك من استطاعوا أن يخلطوا الأطعمة بحيث تحتوي على تنوعات اللحوم والنباتات والنشويات أما النوع الثالث فهم من اختاروا الحمية النباتية بالكامل، معوضين مادة البروتين والدهون، من يعتمدون على الطعام الحيواني المصدر أغلبية، وهو يحتوي على الدهون المشبعة، والكوليسترول القاتل فيتسببون لأنفسهم بأمراض مزمنة مثل السمنة المفرطة وأمراض القلب والشرايين والسكري وغيرها، وهم بالمقابل من يشجعون الفحش التجاري في تربية الحيوانات بأعداد عظيمة وحبسها في مساحات ضيقة، ومنعها من التمتع بالحياة الطبيعية، ما يزيد خطورة إصابتها بالأمراض، ما يتسبب في تزويدها بالمضادات الحيوية والهرمونات في طعامها، رغبة في حمايتها من العدوى وزيادة أحجامها وأوزان لحومها، لتلبية حاجات الأسواق المتعاظمة، ما يحيل الإنسان إلى مجرد وحش ملتهم للحوم لا يعرف عن طبيعتها ونشأتها وتربيتها وظروفها الصحية شيئا.ثمانية مليار إنسان يستمرون بالبلع والحيوانات البرية والبحرية لا تكفي لما يحدث من جحف وهدر، ما شجع على صناعة استزراع الدواجن والحيوانات في أحواض صغيرة، تزيد من انتقال الأمراض بين الحيوانات، وزيادة التعاسة في عيشها، وتداخلها مع ما يتم تجريعها به من الأدوية والمقويات والمضادات والهرمونات، وبما يتسبب لها في أمراض عضوية عديدة وسرطانات وتحورات في تركيبة اللحوم والدهون تصيب الإنسان الملتهم لها بكثير من الأمراض والعدوى وهو غافل عن الأسباب. من يعتمدون الطعام الحيواني في أكلهم، وبما تقدمه مطاعم «الجنك فود يصبحون عبيدا مسيرين لتجارة تذبح أنفسهم، وتزيد من أمراضهم النفسية والجسدية، وتجعلهم مغمضي الأمين عما يقدم لهم من أطعمة ليست إلا أعضاء حيوانات تعيسة محبوسة متراكمة مريضة، تتسبب في أضرار صحية لمن يأكلونها تشكل حياتهم وأمراضهم وتحميلهم الأوزان وتصيبهم بالكسل والتعاسة، وهم يظلون يزدردون بغفلة المجرد رخص أثمانها، وفي المقابل فهذه الحيوانات المجترة والدواجن تخرج كميات عظيمة من البراز، والمحتوي على الغازات الدفيئة والمتسببة في تعكير الجو، وتحطيم الغلاف الجوي، الذي يؤثر على ظاهرة الاحتباس الحراري 25 مرة أكثر من غاز ثاني اكسيد الكربون الناتج من عوادم السيارات والمصانع خسائر تناول اللحوم ومنتجاتها بكل أنواعها، ليست محدودة فقط بالإضرار بجسد الإنسان، ولكنها تبلغ غلاف الكرة الأرضية الجوي، وخروم الأوزون والارتفاع الحراري المذيب الجبال الجليد بتزايد قاتل لكل أصناف الحياة.العلم قال كلمته بضرورة الوعي والتفكر بما يحدث على كل الأصعدة والعلوم الطبية تثبت وتشرح وتحذر من المبالغة في أكل الحيوانات، والخضروات والبقوليات بدائل يستخدمها البشر ولكن التعالي والتسابق في الاستزراع الحيواني الغاشم يحطم كل خطوط الرحمة والعقل. سعادتك نشاطك حياتك الزوجية صحتك النفسية والجسدية مرتبطة بما تأكل، وللأسف أن الكثير ما يزالون يعيشون بدائية الشهوة الإنسانية والجوع للبروتين الحيواني، هنالك سلسلة وثائقية بعنوان «أنت ما تأكل، وهي دراسة أكاديمية طبية أجريت على مجموعة توائم متشابهين، لتبيان تأثيرات الأنواع المختلفة من الأطعمة على البشر بفروقها وعيوبها وفوائدها وهي موجودة على قناة نتفليكس، وأنا أنصح المهتمين بمتابعتها لترقية وعيهم ومعارفهم ومشاعرهم حيال ما يأكلون ويشربون ويتوسع وحيطة وخبرة أكبر في الفوائد والأضرار.وبنظرة سريعة للحالة البشرية العامة، سنجد أن الخسائر تتكاثر علينا ومن حولنا، وتؤثر ليس فقط على من يعتمدون اللحوم مصدرا لغذائهم ولكن على البيئة، كما أن ذلك أمر معدي للأطفال، ممن ينشؤون على ما تربوا عليه في مجتمعات تسيء لذاتها وحياتها من خلال توحش نظرتها للطعام. وحتى لا يكون الكلام عن تحديد أضرار فقط، فإن علم التغذية الحديث تمكن من تصنيع جميع أنواع الأطعمة البديلة المحوم والدهون والأجبان الحيوانية والبيض وما عداها من بروتينات حيوانية، والعجب أن الأغلبية العظمى ممن جربوها لا يستطيعون التفريق بينها، وبين الأطعمة الحيوانية وأنهم يلحظون الفروق العظيمة بين خواص وعيوب ما كانوا يأكلون، وما تمكنوا من تغييره في أنظمتهم الغذائية من تطور صحي فاعل وذلك مجال مفيد للبشر، والمبيئة ومفيد للحيوانات والطيور والأسماك التي سيخف التركيز عليها، ولن يضطر مربوها لحبسها أو استزراعها. وكم هو عظيم أن ننظر للأضرار الناجمة عن ذلك على كل الأصعدة الشخصية والصحية والنفسية والبيئية والكونية، مع الفارق في كل ذلك عند من اعتمدوا البدائل الغذائية. البدائل الغذائية من أصل نباتي هي أفضل ما توصلت إليه العلوم الإنسانية الحديثة، من دمار محتم نستشف أضراره يوما بعد يوم من أخبار الطقس والمناخ.