مصر في ظل الاحتلال البريطاني ورأى المجتمعون ضرورة أخذ الثورة العرابية مفردة في مواجهة الثورة العرابية؛ وأكدوا أن أوربا ترغب رغبة القادة في ألا تنتزع لنفسها حقوقا أو امتيازات جديدة في وادي النيل، كما أنانية يجوز لأية دولة أن تستأثر لنفسها أو لرعاياها بحقوق جديدة لا تكون للدول الأخرى. بل إن الدولة العثمانية كانت رافضة للمشاركة في مثل هذا المؤتمر فالمسألة المصرية شأن عثماني خالص بالنسبة لها، لكن رفض طلبه عقد المؤتمر بالفعل، إلا بريطانيا التي طالبت بإضافة عبارة إلا إذا دعت الضرورة لذلك. في الوقت الذي كان مؤتمر الاستانة سائرا في مناقشاته النظرية واجتماعاته الشكلية كانت بريطانيا تجهز قواتها الحربية والبحرية وترقب الأمور في مصر بدقة متزايدة وتفكر جديا في حل المسألة المصرية خارج دائرة المؤتمر الذي قد أرسال مذكرة في ذات الوقت للباب العالي يعلن موافقته على التمرد العسكري الذي يقوده عرابي ورفاقه. لم تنتظر بريطانيا الابالا على التدخل العسكري العثماني لحل المسألة المصرية وإرجاع الطالبية الطويلة الحكومة المصرية بضرب المدينة إذا لم ينزع سلاحها، وبالفعل شرعت بالقران واستغلت التحصينات التي أعدها العرابيون بالإسكندرية وقامت بقي الا الان البريطانية بضرب الإسكندرية والالا لالالالات حتى سقطت القاهرة وحملتها القوات الإنجليزية في ١٤ سبتمبر ۱۸۸۲ بالنسبة للموقف الدولي، أولا: مرحلة ضرب الإسكندرية: إنجلترا ورأت فيه وجدت الدول الأوربية نفسها في تلك المرحلة أمام أمر واقع ولم تثير أي دولة معارضة حقيقية أمام إنجلترا. بل لقد قلت المانيا الدولة النمسوية المجرية أمراً مشروعًا. أما إيطاليا فلم تكن لغتها ودية وإن تظاهرات بالرضا بعد الموافقة ألمانيا النمساوية. أما فرنسا فما كانت تستطيع تهنئة إنجلترا ولكنها لم تحتج ووجدت أن السياسية تقتضي الا تضيع أي فرصة قادمة للاشتراك مع الحكومة الإنجليزية في تقرير ق مصر. فرئيس الوزراء الفرنسي فريسته ميالا للتدخل في مصر وكانت أزمات فرنسا الداخلية هي العائق الأكبر بالنسبة له، يرفض اشتراك بلاده في أي مغامرة حربية جديدة. فضلا عن كون ألمانيا أعلنت صراحة رفض فكرة انتداب فرنسا وبريطانيا لحل المسألة المصرية؛ وأما روسيا، فقد أبدت أسفها لضرب الإسكندرية لكن المسألة المصرية في ذلك الوقت كانت ثانوية في نظرها. وأخيرًا الدولة العثمانية، فلقد احتجت على ضرب الإسكندرية واعتبرت ذلك اعتداء على جزء من ممتلكاتها، وطلبت من الإنجليز سحب جنودهم من المدينة. لكن بريطانيا أكدت لها أن "البحارة" الإنجليز إنما نزلوا المدينة لحفظ النظام فيها لا لاحتلالها وأن وجوده ضروري لحماية الخديو. تاريخ مصر الحديث كانت النقطة التي انتهى عندها مؤتمر الاستانة هو اتفق الجميع على تعاون إنجلترا والدولة العثمانية لحل المسألة المصرية، وبالفعل تمت السيطرة وتباينت المواقف الأوربية من الاحتلال الإنجليزي: ففريق يؤيد الاستعمار ويري فيه فائدة جليلة لفرنسا وتعويضا عن هزيمتها أمام الألمان. وفريق آخر يري عدم جدوى الاستعمار ويعتقد فيه عبئًا ثقيلا وإضعافا لمركز فرنسا في اوربا. ولكن بإزاء المسألة المصرية كان رأى هذين الفريقين واحد لا يختلف، وهو المحافظة على ما تعتقد فرنسا حقوقًا لها في مصر، وعدم الاعتراف لدولة أوربية كائنة من كانت بالسيادة أو التفوق في وادى النيل، لكنها كانت تنتظر جلاء سريع للإنجليز من مصر كما وعدوا. ففرنسا أرسلت بعد أسبوع من الاحتلال البريطاني لمصر برقية للإنجليز تساءل عما الإجراءات التي سوف يتخذونها بشأن مصر من أجل التشاور معهم، لكن الإنجليز لم يرسلوا ردًا واضحًا. على الفور شرعت فرنسا في معارضة عنيفة للاحتلال البريطاني، ورفض فكرة إلغاء المراقبة الثنائية، وعارضت بشدة سياسية إنجلترا المالية. ولقد سار الإنجليز شوطاً بعيدًا في استرضاء فرنسا؛ على أن تصبح مصر دولة محايدة على نسق بلجيكا بعد انتهاء الاحتلال وتقرير ضمان حرية الملاحة في قناة السويس. لقد ظهر عداوة فرنسا للوجود الإنجليزي في مصر في أكثر من مناسبة، منها رفض مشروع حملة استعادة السودان واصفة الأمر بأنه " اعتداء صرف لا يبرره الحق". كانت النقطة الأكثر حسمًا في الموقف الفرنس تجاه الاحتلال البريطاني أزمة فاشودة ۱۸۹۸ : ففي أوج الهروع الاستعماري إلى أفريقيا في آخر القرن التاسع عشر كان هناك مشروعين متنافسين بريطانيا تريد إنشاء سكة حديد القاهرة - كيب تاون أي تسيطر على حزام بطول أفريقيا من مصر إلى جنوب أفريقيا. ومقابل ذلك كانت فرنسا تسعى لفرض سيطرتها على السودان الكبير، الممتد من شنقيط موريتانيا على المحيط الأطلسي إلى تاجورة (جيبوتي على مضيق باب المندب. وفي عام ۱۸۹۸ ، تصادم الجيشان الفرنسي والبريطاني في بلدة فاشودة، كان الفرنسيون قد تلقوا تحذيرًا من قبل القائد الإنجليزي كتشنر بعدم الدخول إلى فاشودة باعتبار أن لهم حقوق في تلك المنطقة التي يقومون بإعادة فتحها باسم خديوي مصر، لكن الفرنسيين لم يأبهوا لذلك وأصروا على إرسال قائدهم مارشان إلى هناك. كادت أن تنشب حرب ووجدت باريس الوعيد في لغة لندن، كانت النتيجة الطبيعة لحادثة فاشودة تحول فرنسا تجاه صداقة بريطانيا خصوصا وأنه من العسير عليها التقارب مع عدوتها ألمانيا بعد اقتطاعها لمنطقتي الألزاس واللورين بعد الحرب السبعينية، كل ذلك أدى إلى الوفاق الودي Entente Cordiale عام ١٩٠٤ لتسوية عدد من النزاعات الاستعمارية التي كانت ناشبة بينهما. كان أهم ما محاضرات في مصر بالمطالبة بتحديد موعد لانتهاء الاحتلال الإنجليزي المصر؛ وبذلك ثانيًا: ألمانيا: كانت الموقف ألمانيا يري القضية المصرية من منظور تاريخ مصر الحديث قناعته بضرورة تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية بين الدول الكبرى؛ بل إن الوثائق الألمانية تعدد المواقف التى حس فيها المستشار الألمانى بسمارك الإنجليز على ، وأكد للإنجليز أنهم إذا كانوا - وزير الدراسي، فما عليهم إلا أن يتفاوض مع القران من التقسيم الشرق الأدنى إلى المال نفوذ بينهما، فتأخذ بريطانيا مصر وتأخذ فرنسا سوريا. وما أن وقع الاحتلال حتى أعلنت المانيا تأييده وأبرق بسمارك إلى اللورد جرانفيل . الخارجية البريطاني - يوكد له أن حكومته لن تثير صعوبات أو متاعب أمام إدارة الإنجليز لمصر. ورغم زوال بسمارك عن المسرح السياسي عام ١٨٩٠ إلا أن سياسية القيصر الألماني فلهلم الثاني لم تتغير مدفوعا برغبته في مواجهة التقارب الفرنسي الروسي بتقارب مع بريطانيا، كما أن المانيا كانت سعيدة ببقاء المسألة المصرية محورًا للخلاف بين فرنسا وبريطانيا، وعليه فقد دعمت الإنجليز في حروبهم ضد الثورة المهدية وظل هذا هو موقفهم حتى قيام الحرب العالمية الأولي. ثالثا: الدولة العثمانية غمضت سياسة إنجلترا تجاه الدولة صاحبة السيادة على مصر. فكثيرا ما كانت تعلن لها عن نيتها في سحب جيوشها منها، وكثيرا ما حددت الميعاد. وقلقت الدولة العثمانية لهذا الوضع، فاستعانت بجمال الدين الأفغاني صاحب صيحة وحدة العالم الإسلامي التي هي قبلته، وعندما أرادت تعيين الحدود بين مصر وممتلكاتها رأت أن تضم العقبة وملحقاتها وشبه جزيرة سيناء إلى ولاية الحجاز، وأرسلت الفرمان الجديد لعباس الثاني في ١٧ يناير ۱۸۸۲ حاملا هذا المعنى. اعتبرت إنجلترا أن ذلك تهديدا للمصالح الإنجليزية في مصر، وتبع ذلك أن طلب كرومر من وزير الخارجية المصرية عدم إحداث أي تغيير في العلاقات بين مصر والدولة العثمانية ألا بموافقة إنجلترا. كما عرضت الحكومة العثمانية في أواخر أكتوبر عام ١٨٨٢ الدخول في مفاوضات مع إنجلترا بشأن جلائها عن مصر. ولم تهتم إنجلترا بطلب الدولة العثمانية ولكنها وجدت في النهاية أن من صالحها التفاهم مع الحكومة العثمانية ولذلك قررت إيفاد سير هنري درمند ولف Sir Henry Drummond Wolff" في بعثة إلي استانبول و القاهرة للتفاوض مع الحكومة العثمانية علي أساس تحديد موعد للجلاء في سنوات معينة ، والاتفاق علي عودة الاحتلال ثانية بالاشتراك مع الدولة العثمانية في ظروف معينة تحدد ، واستغرقت مهمة البعثة المدة من أغسطس عام ١٨٨٥ إلي يوليو عام ۱۸۸۷ ، وتوصل السير ولف إلي اتفاق مع الحكومة العثمانية في ۲۲ مايو عام ۱۸۸۷ ولكن علمت فرنسا وروسيا علي فشل هذه الاتفاقية ، وهددتا السلطان لأن إنجلترا لم تعين في هذه الاتفاقية تاريخياً فعلياً قريباً للجلاء عن مصر . و أبلغتا السلطان أنه إذا وافق على شروط السير هنري ولف فإنهما تصبحان في حل من احتلال أي جزء من أجزاء الإمبراطورية العثمانية فتحتل فرنسا سوريا ، وتحت تأثير هذه المعارضة القوية رفض السلطان التصديق علي الاتفاقية ، وبذلك لم تعد إنجلترا تفكر إطلاقاً في احتمال دعوة الدولة العثمانية للتعاون معها في المسالة المصرية ، بل أخذت تقوي تدريجياً لديها فكرة لإطالة أمد الاحتلال في مصر، ومما ساعدها أيضا علي التمادي في هذا الاتجاه معارضة اللورد كرومر الشديد للجلاء وهكذا ضعفت فكرة الجلاء عن مصر فعلاً بعد عام ١٨٨٧ بسبب زيادة المصالح البريطانية في البلاد ، وأصبحت قناة السويس " مصلحة إمبراطورية " وزادت مصالح إنجلترا التجارية و القطنية في مصر . كما زادت أهمية مصر في نظر إنجلترا حين فكرت الحكومة البريطانية جدياً في استرجاع السودان لمصر ، اريخ مصر الحديث وكانت سلوى الإيطاليين الوحيدة في الواقع أن احتلال الإنجليز لمصر سيكون ضربة حاسمة موجهة إلى نفوذ فرنسا في البحر المتوسط؛ هذا النفوذ الذي كانت تخشي إيطاليا انتشاره إلى طرابلس. وعليه رأت إيطاليا تأييد الاحتلال البريطاني بعد أن لمست تأييد الإنجليز لهم في منطقة مصوع كما أنهم أيدوا الإيطاليين في احتلال ليبيا ولم يسمحوا للجنود العثمانيين بالمرور عبر مصر لنصرة ليبيا عام ١٩١١. أخيرًا بالنسبة للروس فلم يكن لديهم اهتمام إفريقى كانت منطقة البلقان ذلك كانت أميل لمعارضة الإنجليز بسبب والملمة الحكومة البريطانية التي كانت كفر الله الالم ياني على حدود الهند. لما لهم الروسيا اهتماما مباشرا بمسالة مصر الى اني صراعه مع اليابان؛ فقد ثارات مسألة نقل الأسطول الروسي إلى مياه شرق آسيا عن طريق قناة السويس ثات رفضت بريطانيا مما جعل الروس يطرحون قانونية مركز بريطانيا في مصر وسيطرتها على القناة. لكن حلف الثلاثي بين روسيا وفرنسا وبريطانيا عام ١٩٠٧ أنهى المعارضة الروسية للاحتلال البريطاني لمصر تماما معالم سياسية الاحتلال البريطاني في مصر. أتاها فوجدوا بها دولة تتكون من مجلس للوزراء وبرلمان منتخب، ومن وزارات ومصالح وإدارات، وإدارات إقليمية، وهي عينها الدولة التي استطاعت بجيشها وإداراتها منذ أربعين عاما أن تناوئ المطامع الأوربية وأن تهزم الدولة العثمانية وتهدد وجودها بالاندثار، وأن تنشئ دولة قوية موحدة تمتد من أواسط إفريقيا جنوبًا إلى حدود تركيا شمالا، وتقدم نمطا للحكم أكثر تطورًا من النمط العثماني التركي السائد في منطقة الشرق الأوسط. وجد الإنجليز بمصر شعبًا على درجة عالية من التوحد، يتمتع بقدر كبير من النضج القومي، وله صحافته وجماعاته السياسية وغير السياسية. وفوق ذلك له ثورته التي تمثل طموح الثورات الوطنية على أنضج ما عرفت مجتمعات القرن التاسع عشر، وهي الثورة العرابية، وإذا كان العرابيون قد هزموا ، فليس من المشكوك فيه أنهم كانوا على أبواب النصر لولا أن واجههم الغزو البريطاني بقوة ما كان لمجتمع شرقي وقتها سلطان على مقاومتها. وهم أن حققوا الغزو بقوتهم المادية المجردة، وإذا كانت الثورة العرابية قد صفيت فإن الأرض التي أخرجتها لا تزال قادرة على إخراج مثلها. لقد أناطت بريطاني اللورد دفرن " Dufferin" - سفيرها في القسطنطينية بوضع الخطوط العريضة لسياسة الاحتلال البريطاني في مصر، ووصل بالفعل إلى القاهرة في 3 نوفمبر عام ١٨٨٢. واشتملت التعليمات التي أرسلتها الحكومة البريطانية إلى اللورد دفرن على شيء من التناقض ففي الوقت الذي تؤكد فيه رغبتها في تقصير مدة الاحتلال بقدر الإمكان تري من اللازم ألا تضع عن كاهلها هذه المهمة حتى توفر الضمانات الكافية لإقرار السلام وتثبيت سلطة الخديو، وأن يضع نظاماً مستقراً من شأنه تأييد سلطة الخديو ومنع الاستبداد في الإدارة والحكم، ولذلك رأي تصفية الثورة بتكوين لجان تحقيق ومحاكم لهذا الغرض، وإنشاء جيش جديد تحت قيادة إنجليزية بحيث لا يضم العناصر التي سبق لها الاشتراك في الثورة، له حق حضور جلسات مجلس الوزراء. أما من ناحية نظام الحكم: فقد رأي ضرورة استمرار حكم الخديو وحق تعيين الوزراء على أن يأخذ بنصيحة المعتمد البريطاني في كل هذه المسائل وينفذها، كما رأي أن النظام النيابي الذي يناسب مصر هو إنشاء مجلسين نيابيين، أحدهما يعرف بمجلس شورى القوانين والآخر بالجمعية العمومية. ويتكون المجلس الأول من ثلاثين عضواً تعين الحكومة منهم أربعة عشر، وتنتخب مجالس المديريات بقية الأعضاء. وقد عرف المجلس " بشوري القوانين " لأن أعضاءه لم يكن لهم حق في إجازة أي قانون بل يبدون آراءهم فيما تعرضه الحكومة عليهم من مشروعات، ولها الحق في أن تقبل رأي المجلس أو ترفضه، كما لم يكن من حق هذا المجلس النظر في بعض أبواب الميزانية المتعلقة بالإيرادات والنفقات التي حددتها المعاهدات الدولية. أما الجمعية العمومية فتتكون من أثنين وثمانين عضواً، وأربعين عضواً فقط والباقون هم الوزراء الستة وأعضاء مجلس شورى القوانين الثلاثون، وكان من اختصاص هذه الجمعية ألا تفرض ضريبة مقررة جديدة من غير موافقتها، وأما فيما عدا ذلك فرأيهما كرأي مجلس الشورى استشاري محض. كان هذا إذن هو الدستور الذي وضعه اللورد دفرن، ويلاحظ أن دفرن لم يكن يهدف إلى إنشاء حكومة مسئولة أو إقامة حياة نيابة حقيقية؛ وإنما كان الهدف منه إقناع المصريين بأن صوتهم أصبح 001 مسموعاً، من خلال ممثليهم من الأعيان والوان وغيرهم، في شئون البلاد دون الزام الحكومة بأية قيود برلمانية، ولك اللي افهام الدول الأوربية بأن ادلون الى البريطانية تعود المصريين على نظم التحكيمة الحديثة. لقد أعطى تقرير لقرن انطباعا مفاده أن الاحتلال لن يطول أمده، فلم يلق التقرير بالا إلى الشؤون المالية مثلا فلم يتناولها بالبحث التفصيلي ربما لكونها ذات طابع دولي تمس المصالح الأوربية عامة، لكن المعنى العام أن التقرير أوضح أن بريطانيا كانت في تلك المرحلة ترى أن وجودها في مصر مؤقت. وهكذا انتقلت السلطة الفعلية في مصر بطريقة مستترة إلى ممثل إنجلترا في مصر أو القنصل البريطاني وإلى أعوانه من المستشارين الإنجليز الذين عينوا في الوزارات المختلفة. وأصبح من الضروري تعين معتمد بريطاني بدلاً من السير " إدوارد مالت " - قنصل بريطانيا في مصر يقوم بتنفيذ الاقتراحات التي قدمها اللورد دفرن في تقريره. ولقد رأت الحكومة البريطانية أن أدوار مالت لا يصلح للقيام بهذه المهمة لأنه كان قليل الحنكة، لذلك عينت في ١١ سبتمبر ١٨٨٣ السير" إفلن بيرنج " (١٨٤١- ۱۹۱۷) - اللورد كرومر فيما بعد – معتمداً جديداً في مصر. مصر وكان كرومر - الذي عهدت إليه الحكومة البريطانية بتنفيذ سياستها في أحد بناة الإمبراطورية البريطانية، كان في مطلع الأربعينيات من عمره، أنضجته تجربة العمل بالهند، وقلبت أفكاره رأساً على عقب. فبعد أن كان ليبراليا يرى أن وظيفة الإدارة الإمبراطورية هي تدريب أبناء البلاد على حكم أنفسهم تدريجياً، ويؤمن أن التطور الاقتصادي لبلاد الإمبراطورية يضيف إلى التطور الاقتصادي العام في الإمبراطورية، الإدارة الاقتصادية كانت المسالة المالية هي أول مشكلة واجهت كرومر عند تعيينه، إذ كان يريد مواجهة النفقات التي استلزمتها الاضطرابات التي نشبت في السودان، والنتائج المترتبة على انتشار وباء الكوليرا وانخفاض منسوب النيل في عام ۱۸۸۳ . ورأي كرومر أنه لابد من المساس بقانون التصفية - ما خصص لصندوق الدين مؤتمر دولي فى لندن في عام ۱۸۸٥ لبحث الوسائل الواجب اتخاذها لتلافي إفلاس مصر والنظر في تعديل قانون التصفية، وانتهى المؤتمر بعقد اتفاقية بين - بريطانيا . الدول السبع التي حضرت المؤتمر وهي ألمانيا. والدولة العثمانية) في ١٧ - إيطاليا - ـا - وروسيا - و - النمسا - فرنسا مارس عام ١٨٨٥ تهدف إلى تحسن مالية مصر، وتوصلت إنجلترا إلى ذلك باسترضائها ألمانيا وروسيا عن طريق اختيار عضوين ألمانى وروسي في صندوق الدين. ونتيجة والله تمكنت مصر من الحصول على قرض مقداره تسعة ملايين من الجنسية الضمان الدول الكبرى وبفائدة قدرها ثلاثة في المائة. وعملت قرارات مؤتمر لندن على تحسن أحوال مصر المالية، وسد عجز السنوات ما بين ١٨٨٢ - ١٨٨٥ ، وبقي لدي الحكومة بعد ذلك مليون تاريخ مصر الحديث كان أهم مجال عمد كرومر إلى تحسينه هو المجال الزراعي؛ فلقد تقدم نظام الري بسبب اتباع السياسة قائمة علي تخصص مصر في الزراعة وبخاصة القطن، لتوفير المواد اللازمة للمصانع الإنجليزية، وتصبح في نفس الوقت سوقاً رائجة للمنتجات الإنجليزية. ومن مظاهر الاهتمام إصلاح القناطر الخيرية، إنشاء قناطر أسيوط (۱۹۰۲) وإبسنا (۱۹۰۹) وزفتي (۱۹۰۳)، وأمكن بواسطته تخزين مياه كافية للري الصيفي. ولكن كرومر عمد إلى إهمال سياسة تنويع الإنتاج الزراعي، فهناك أدلة عديدة على معارضة فكرة تنويع مصادر الدخل عموماً، لعل أهمها موقفه من الصناعة والتصنيع، فقد ضربت كل تلك المحاولات، وحرص كرومر على إبقاء المستثمرين المصريين في إطار الإنتاج الزراعي، ومن ناحية أخري تبني الاحتلال الإنجليزي كذباً سياسة العطف على الفلاحين. لأن التحسن النسبى لأحوال الفلاح يعني استمراره فى سداد اهتم بتحسين حال الفلاح نسبياً، فقد جاء ذلك من قبيل الحفاظ على الالم في مدارات استمرار الاحتلال تاريخ مصر الحديث المصري أن الاحتلال لا يضمر له خيراً وذلك عندما وقعت حادثة دنشواي عام . ١٩٠٦ والمنسوجات القطنية. ولقد قضت سلطة الاحتلال كل ما من شأنه أن يعود ببعض التقدم في المجال الصناعي، فألغت البعثات الصناعية إلى الخارج، وفرضت في أبريل اعلام 1909 على جميع المصنوعات القطن إذ ذاك من الضريبة مقدارها ار تعادل الرسوم الجمركية التي كانت تحصل إذ ذاك عن الواردات من الغزل وتعد سنة ١٨٨٤ ذات أهمية خاصة إذ صار لمصر أن تعقد اتفاقات تجارية مستقلة عن الدولة العثمانية، ويلاحظ أن الميزان التجاري كان في صالح مصر في معظم سنوات هذه الفترة، إذ كان يهب معظمه لسداد الديون الخارجية، بالإضافة للسيطرة الأجنبية على الاقتصاد المصري. فوفق دراسة كراوتشلي A Crouchley. على حين لم يحظ رأس المال المحلى بأكثر من %9% من أصول تلك الشركات. وشكلت القطاعات الخدمية وقطاع الزراعة وما يتصل به من الري والصرف واستصلاح الأراضي البور، فمن عام ١٨٩٦ إلي عام ١٩٠٦ ازداد عدد الموظفين في الحكومة المصرية من ١٩٣٤ موظف إلي ۱۳۲۷۹ موظف ، وازداد من بين هؤلاء عدد الموظفين الأجانب من ٦٩٠ موظف إلي ١٢٥٢ موظف أي ، في عام ، فأصبح عدد إلي نحو الضعف ساخرات التلغراف وما إلى ذلك 6 6 إذ شغل أل في حين أسندت الوظائف الإدارية الكبرى إلى ٣٦ مراقباً ١٩٠٦ ، وشغل هذا المنصب من البسيطة أن الاحتلال البريطاني كان يعمل عامداً سياسة " نجلزة الإدارة المصرية ". أما نظارة المالية فكان المستشار المالي ووكيلاها ومراقب الضرائب بها من الإنجليز، وكان في نظارة الأشغال مستشار ووكيلان ومفتش شغل الإنجليز أيضا منصب وكيل نظارة الحربية وسردار الجيش المصري قائد عام للجيش. وشغلوا كذلك مناصب المستشار القضائي والمدعي العمومي والمفتش العام للنيابات في نظارة الحقانية. وبذلك سيطر الإنجليز من مستشارين ووكلاء للنظارات ومديرين للمصالح على جميع النظارات عدا نظارة الخارجية لقلة أهميتها حيث لم يكن لمصر وهي ولاية عثمانية علاقات دبلوماسية رسمية مع الدول، وقام جورست " Gorst" - المعتمد البريطاني بعد كرومر – بفتح مكتب دائم في لندن لتوظيف الإنجليز في الحكومة المصرية. عام للري، كما النظام القضائي لذلك تكاد تكون قوانين المحاكم الأهلية نسخة طبق الأصل من المحاكم المختلطة. دخل العنصر الأجنبي المحاكم الأهلية، وتلقى القانون في أوروبا في البعض الآخر، وفي ثم بريطاني، وتحددت درجات المحاكم بثلاث درجات؛ وابتدائية، وأنيط إليها الاختصاص المدني والتجاري والجنائي، والأخيرة اختصرت اختصاصاتها، وأصبحت قاصرة على الأحوال محاضرات في تاريخ مصر الحديث الشخصية بعد أن تحول الاتجاه القضائي، وتغير مساره وخضع للمؤثرات الأجنبية. كبير من النظام ودخل نظام النيابة العمومية (العامة)، وجاء متفقًا إلى حد . الفرنسي، للذين جازوا امتحاناتها، واتبعت القواعد الفرنسية. فتولى المستشار القضائي البريطاني توجيه دفة القضاء، وكانت الخطوة التالية إنشاء محاكم الجنايات، وأحكامها نهائية لا يبطلها إلا الطعن بالنقض والإبرام في حالات مخصوصة، يُنظر فيها فى صواب تطبيق القانون وخطئه، ونقل هذا النظام عن إنجلترا مع فارق؛ وهو وجود نظام المحلفين فيها واستبعاده من النظام المصري. كذلك استقدم كرومر بعض رجال القضاء الإنجليزي مثل السير ماكسويل والسير وست والسير سكوت، وطلب منهم وضع تصور لإصلاح النظام القضائي المصري، Scott) الذي جاء فيه "لقد وجدت قوانين جيدة بدرجة كبيرة فى ذاتها، والقضاء نفسه واقع تحت تسلط السلطة التنفيذية، وأكد أنه لا يوجد نظام لتعيين القضاة،