عرفت "العصور الوسطى الممتدة بين 1395-1953"، خضوع الآداب الأوروبية وتوحيد في بعض اتجاهاتها لسببين الأوّل ديني: يتمثل في سيطرة رجال الدين والكنيسة على الأدب مما حمل روحهم ومبادئهم، التي لعبت دورا في التوحيد بين الآداب الأوروبية. مما أمكن ظهور تلك الدّراسات المقارنة التي تبحث عن المؤثرات العامة التي تمكن من توحيد اتجاهاته. وكان القرن الثامن عشر حافلا بالتغيرات والأحداث التي مهدت الطريق للدّراسة المقارنة للأدب وقعدت لظهور علم له كيانه واستقلاليته عن العلوم الأخرى، وبعده معرفتهم بمذهب جوته الألماني (1832) الذي دافع عن فكرة القائلة أن أدب الشمال الأوربي خالي من الأصالة التي يتمتع بها أدب الجنوب. ثم جاء الفيلسوف بوس في نصف القرن الثامن عشر عندما قدم نظرية نسبية الجمال في الأدب التي تقوم أنه لا يوجد نموذج موحد للجمال، ترتبط بمناخات وشعوب وأزمنة متعددة. وإذا كان القرن الثامن عشر مهد الطريق فلسفيا وأدبيا للدّراسات المقارنة فإن القرن التاسع عشر، هو القرن الذي ولدت فيه فكرة الأدب المقارن وكان العامل الأساسي وراء ذلك الـثورة الفرنسية 1789 ضد لويس 16 التي كان فيها انقلاب سياسي واجتماعي وعقائدي على حكمه مما أدى إلى تغيير في مفهوم الأدب إنتاجا ودراسة، وتعددت التراجم للأثر الأدبي الواحد بمختلف اللّغات، كما أنّها مهدت لجميع المذاهب الأدبية الحديثة وساعدت الآداب على الاتصال فيما بينها، فمهدت لظهور الدّراسات المقارنة وقد وجدت ظاهرة علمية أخرى في القرن التاسع كان لها تأثير مباشر في الاهتمام بالدّراسة المقارنة للأدب فنشأ عنها علم الحياة المقارن وعلم اللغة المقارن. ونذكر أيضا المدام دي ستايل التي أسهمت هي الأخرى في اتصال الأدب. ونادت بأهمية التبادل الثقافي بين الشعوب فقالت: "إن الأمم ينبغي أن تستهدي كل واحد منها بالأخرى، إضافة إلى ذلك أشارت إلى النّقاد الفرنسيين الثلاث الذين هم أيضا مهدوا إلى خلق الأدب المقارن وهم: الذي دعا إلى تتبع المراحل والأسس التي من خلالها يكتمل النّص الأدبي إلى الشكل النهائي بحيث طبق في ذلك نظرية داروين.