تتضمن الدساتير صورا مختلفة للإجراءات التي يتم بها تعديل الوثائق الدستورية، فمن الدساتير من أسند مهمة اقتراح التعديل للسلطة التنفيذية ومنها من أسند حق اقتراح تعديل الدستور للسلطة التشريعية . ومنها من أعطت حق الاقتراح إلى جمعية تأسيسية ومنها من سمحت للشعب بأن يطلب اقتراح تعديل الوثيقة الدستورية بجانب السلطات العامة. كما أن جهاز المراجعة المكلف بتعديل الدستور ليس متماثلا في جميع الأنظمة الدستورية. فأما بالنسبة للجهة التي تملك حق المبادرة من أجل اقتراح تعديل الدستور، لذلك تباينت المواقف في هذا المضمار وذلك على النحو التالي : 1- قد يتقرر حق اقتراح تعديل الدستور إلى الجهاز التنفيذي وحده . ويتجلى هذا الأسلوب في الأنظمة التي تعمل على تقوية السلطة التشريعية أو على الأقل تجعلها صاحبة الولاية العامة في المجال التشريعي . 3- قد يجعل الدستور حق اقتراح الوثيقة الدستورية من اختصاص كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية بغية إيجاد التوازن بينهما، 4- وقد يمنح الدستور حق الاقتراح إلى جمعية تأسيسية منتخبة ، كما هو الحال بالنسبة لدستور الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تبين المادة 5 منه أن هناك وسيلتين من أجل اقتراح التعديل الوسيلة الأولى : أن يتقدم ثلثا أعضاء كل من المجلسين باقتراح التعديل . 5- وقد يمنح الدستور حق اقتراح تعديل الدستور بالإضافة إلى السلطة التشريعية والتنفيذية، الذي يقر في المادة 104 منه على ما يلي": يقرر المجلس الوطني التعديل والإضافة في أحكام الدستور بناء على اقتراح من ضمن أعضائه على الأقل أو من الحكومة أو من عشرة آلاف ناخب " غير أن الدساتير تباينت من حيث الجهة التي يناط بها إعداد مشروع تعديل الدستور، ولقد أخذ بهذا الأسلوب الدستور الفرنسي لسنة 1875 ، و يكتفي فقط بتوافر أغلبية خاصة في كل مجلس على حدة، دستور مصر أ لسنة 1923 4. وقد يجعل الدستور الهيئة المختصة بالتعديل متمثلة في جمعية تأسيسية تنتخب خصيصا لأجراء التعديل وبذلك يصبح في الدولة، فبالإضافة إلى الأسلوبين المتبعين في اقتراح تعديل الدستور، نجد أن المادة - الخامسة ذاتها تقرر بأن الموافقة على التعديلات الدستورية تم كذلك بإحدى الوسيلتين التاليتين: الوسيلة الأولى : موافقة الهيئات التشريعية في ثلاثة أرباع الولايات بحيث لا يصبح التعديل نافذا إلا بعد حيث خولت الفقرة الأولى من المادة 89 حق التعديل لكل من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير الأول وأعضاء البرلمان بمجلسيه. وتقرر الفقرة الثانية من نفس المادة بأنه:" يجب أن يتم الاقتراع على مشروع أو اقتراح التعديل في المجلسين بنصوص موحدة ويصبح التعديل نهائيا إذا أقرفي استفتاء عام "ويستغنى عن الاستفتاء بقصد تعديل الدستور إذا قرر رئيس الجمهورية عرض أمر التعديل على البرلمان مجتمعا في هيئة مؤتمر، ويستخلص من هذه المادة أن هناك طريقتين لتعديل الدستور في فرنسا: وهي التي تتحقق عند تصويت المجلسين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ كل واحد منهما على حدة، حيث يتم التعديل دون إجراء الاستفتاء في حالة اتفاق رئيس الجمهورية والوزير الأول على عرض مشروع التعديل على مجلسي البرلمان منعقدين في هيئة مؤتمر أي في جلسة مشتركة والتعديل في هذه الحالة لا يكون نافذا إلا بعد موافقة ثلاثة أخماس الأصوات المشتركة في الاقتراع للمجلسين معا والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا عن الدستور المغربي لسنة. 2011 ؟ وما هي الاجراءات التي ينبغي سلكها لتعديل الدستور؟ وما هي الجهة التي خولها المشرع الدستوري حق اقتراح مراجعة الدستور؟ بالرجوع إلى الدستور المغربي لسنة 2011 نجده قد خول هذا الحق إلى ثلاثة مصادر للمبادرة بالمراجعة الدستورية : حيث لها أن تستفتي الشعب مباشرة بشأن أي مشروع يروم مراجعة الدستور. لذا من المعقول لأن يكون لرئيس الحكومة الحق في مراجعة الدستور " قبة البرلمان لذلك عمدت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 إلى توكيل هذه الصلاحية أيضا إلى ممثلي البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين) وفي مقابل ذلك خول للمؤسسة الملكية حق اتخاذ المبادرة بقصد مراجعة الدستور إلى درجة أصبحت معه في وضع مريح أكثر . يحال المقترح إلى المجلس الآخر الذي يوافق عليه بنفس أغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم "(الفصل 173 ) وعليه فلا يصبح مقترح المراجعة إلا بنيله أغلبية موصوفة حددها الفصل 173 من الدستور في الثلثين في كل مجلس على حدة ويرد على هذا الاختصاص البرلماني هو أيضا قيد آخر يتمثل في عرض مقترح المراجعة على الاستفتاء كما يلزم لمقترح المراجعة ليصبح نهائيا أن يقره الشعب في استفتاء ينظم بهذا الخصوص. قد سيجها المشرع الدستوري بعدد من القيود ، ولم يقابله منح نفس الحق بالنسبة للبرلمان ولرئيس الحكومة .