رافق الحظ الإنسان منذ القدم واندرج في أساطير الأمم السالفة وبقي إلى اليوم مقياسا لفرصنا في الحياة: هذا شخص تأخر عن رحلة في طائرة شاء القدر أنها ستكون منكوبة، فينجح أضعفهما مستوى ويرسب الأعلى تعلما وخبرة، فنحكم على هذا بعظمة الحظ وعلى الآخر بأنه منكود. وتبقى الأخرى على قارعة البوار لأنها منكودة الحظ. ويعتقد الكثيرون أن الحظ مرتبط بأقدار وفرص عشوائية مبرمجة لكل منا في حياته، ومنا من يربط الحظ بتفسيرات متعلقة بالإيمان وبالخرافة. والحظ جزء لا يتجزأ من حياة الناس فكل مصيبة يعيدون أسبابها إلى سوء الحظ. والحظ في اللغة هو النصيب من الخير والفضل، الصدف الحسنة وحسن الطالع والتوفيق من الله، وقد يطلق على النصيب من الشر، فيتحول إلى نحس وتعاسة وسوء طالع. وقد ذكر الحظ في عدة آيات من الذكر الحكيم، فقد وصف القرآن حظ قارون بالحظ العظيم “يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم” ووصف الفائز بجنة النعيم، بأنه “ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ”. بعد أن وُزِّعت في الدنيا توزيع ابتلاء. وقد تحول كل شيء في حياتنا إلى حظ: فالمال حظ والصحة حظ والزواج حظ. وهناك حقيقة في عالمنا هذا هي أنه رغم علمنا بأن كل شيء يحدث من حولنا لسبب ما أو نتيجة لشيء آخر، ومع ذلك نسعى دائما لتوقع ما سيحصل في سبيل التفاعل والتعامل مع الأحداث والمستجدات بطريقة تصب في مصلحتنا. ومن الأمثلة المعروفة عن هذا الموضوع هو اعتقاد الرومان ان إلههم المسمى بـ “فورتونا” هي إلهة الحظ وربطوا هذا الموضوع بمعتقداتهم الدينية، بينما الفلاسفة وأشهرهم دينيت اعتبر “الحظ هو مجرد حظّ! وليس شيئاً أو خاصية أو ميزة يختص بها فرد أو جماعة ما” فيما وصفه كارل يونغ بالتزامن الذي يحدث في الوقت المناسب أو غير المناسب واختصر توصيفه بجملة صغيرة “الحظ صدفة ذات معنى” أما الكاتب ماكس غونتر فوصف الحظ بأنه “أحداث تؤثر على حياة المرء ويبدو أنها خارجة عن سيطرته” إذن الحظ ليس سوى تفسير نعطيه للأشياء الجيدة والسيئة التي تحدث بالصدفة، وهو مجرد إسناد نستخدمه لإعطاء معنى للأحداث العشوائية. وللحظ عند الكثيرين أشكاله ورموزه المختلفة باختلاف الثقافات والمجتمعات والأديان ومستوى التعليم والمستوى المعيشي فيها. وهناك مختصون في أمور الحظ يقرأون علامات الوجه والسمات ويبنون عليها حظ صاحبها: فمثلاً تدوير الجبين وبروزه وكثافة وسمك الحواجب، كلها رموز وعلامات على جودة الحظ. وقص الشارب عن طريق الخطأ علامات للحظ الجيد، كما أن ضحكة الطفل الصغير بدون سبب بارقة حظ، وفي حال انكسار آنية فخارية فيجب عليك أن تكسر ثلاث أوان فخارية غيرها كي يتحول حظك إلى الأحسن. وشق الثياب بأنها أمور جالبة للحظ السيء. وبينما يعتبر البعض أن الحظ الحسن هو تفسير الناس للتوفيق الإلهي الذي يعطيه الله للإنسان المؤمن مكافأة له على حسن السلوك والأخلاق والجدية في حياته، بل ترى ما يسمى بحظ الإنسان مرتبط بجهده وبالطاقة التي يبذلها في سبيل تحسين ظروفه الذاتية.