تمهيد: ينظم نظام الإفلاس تصفية أموال المدين لضمان حقوق الدائنين، لكنه ينتج آثاراً غير مالية مرتبطة بالجوانب المالية، تساهم في حماية أموال الدائنين ومنع المدين من الإضرار بهم. يهدف النظام إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الدائنين بتطبيق مبدأ قسمة الغرماء، ويتطلب ذلك من المحكمة اتخاذ إجراءات لحفظ أموال المفلس. سيتناول هذا الفصل آثار حكم شهر الإفلاس على شخص المدين وأمواله. المبحث الأول: آثار حكم شهر الإفلاس على شخص المدين: تشمل هذه الآثار المسؤولية الجزائية، وتقرير إعانة مالية للمفلس وعائلته، وسقوط حقوقه المدنية والسياسية. المطلب الأول: المسؤولية الجزائية للمدين المفلس: يترتب على الحكم بشهر الإفلاس مسؤولية جزائية إذا اقترن بأفعال احتيال أو تقصير جسيم (المواد 370-371، 374 قانون التجارة الجزائري). يجب على كاتب ضبط المحكمة توجيه ملخص الحكم للنيابة العامة (المادة 230 ق.ت.ج) لتحريك الدعوى العمومية. يشمل ذلك جريمة الإفلاس بالتقصير (وجوبي أو جوازي) وجريمة الإفلاس بالتدليس. يحدد القانون حالات الإفلاس بالتقصير الوجوبي (إفراط في المصاريف، مشتريات وهمية، وفاء لدائن بعينه، إفلاس متكرر، عدم إمساك حسابات، مهنة مخالفة) والجوازي (تعهدات ضخمة، حكم بالإفلاس رغم صلح سابق، عدم التصريح بالتوقف عن الدفع، عدم الحضور، حسابات ناقصة). يعاقب قانون العقوبات الجزائري (المادة 383) على الإفلاس بالتقصير بالحبس من شهرين إلى سنتين. أما الإفلاس بالتدليس (إخفاء حسابات، تبديد أصول، ديون وهمية) فيعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات (المادة 383/3 ق.ع.ج). المطلب الثاني: تقرير إعانة للمفلس وعائلته: يُغل يد المفلس عن أمواله، لكن المشرع ينص على إمكانية تقرير نفقة له ولأسرته من أموال التفليسة (المادة 242/1 ق.ت.ج). هذا الأمر جوازي للقاضي المنتدب، يعتمد على حالة العوز المالي للمفلس. يُحدد القاضي مقدار الإعانة مع مراعاة ظروفه، ولا يشارك الدائنون فيها. يُخص هذا الأثر بالمفلس، وليس المستفيد من التسوية القضائية الذي يستطيع التصرف في أمواله بمساعدة الوكيل (المادة 244 ق.ت.ج). المطلب الثالث: سقوط الحقوق المدنية والسياسية: ينص القانون (المادة 243 ق.ت.ج) على سقوط حقوق مدنية وسياسية للمفلس، كحق الانتخاب والترشح، ومزاولة بعض المهن. كما ينص قانون العقوبات (المادة 09) على عزل المفلس، حرمانه من الحقوق الوطنية والسياسية، ومنع مزاولة بعض المهن إذا كان الإفلاس مقترناً بالتدليس أو التقصير. يهدف هذا السقوط لردع المفلس، ويمكن استعادة هذه الحقوق برد الاعتبار. هذا السقوط يخص المفلس، وليس من استفاد من التسوية القضائية.