تعتمد المقاربة الصوفية على منطلقات النصوص المرجعية للممارسة الدينية (القرآن والسنة)، باعتماد طريق التجربة الحية في تبيُّن مقاصد النصوص الأصلية. وفق جدلية التجربة الروحية ومقاماتها الذوقية، فتغدو التجربة العملية تعبيرا عن مدلول النصوص الأصلية، إذ كلما تعمقت التجربة الصوفية في حفرياتها الوجدانية إلا وتجددت معاني الحقائق الروحية في سلوك المتقرب، -على اعتبار أن من موجبات التربية الصوفية إيصال المريد إلى مراتب الذوق والمعرفة والأخلاق- تطرح إشكالية اللغة في نقل تلك المعاني التربوية، مع العلم «أن التجربة الوجودية لا يمكن نقلها من حيث هي تجربة نقلا لغويا إلا أن تترك أوصاف الوجود العالقة بها، ويبقى دخول «المتقرب» غمار التجربة العملية هو الكفيل في تحصيل السلوك التربوي، فالخطاب الصوفي عمل على «تقريب» تلك المعاني السامية بتوظيف كل الإمكانات التعبيرية، حتى يتحصل الوعي بالنسبة للمريد على أن تلك المعاني التربوية فوق ما تعطيه العبارة، فبين اللغة والوجود هناك برزخ التجربة العملية والمناسبة الوجدانية والصلة الروحية، فادعاء القدرة على قراءة النص الصوفي وإدراك غاياته[4]اعتمادا على انطباعات القراءة الأدبية- إحساسا بجمالية النظم الصوفي- تُعد مقاربة مجانبة للصواب، من حيث افتقادها إلى شرط المناسبة بين النظر والعمل، بين المعرفة والتجربة،