مقدمة: يتنوع التضامن بين إيجابي (مع الدائنين) وسلبي (بين المدينين). يُعدّ خروجاً على قاعدة انقسام الالتزام متعدد الأطراف، فلا يُفترض إلا بقانون أو اتفاق. ففي التضامن الإيجابي، يحق لأي دائن المطالبة بالدين كاملاً، وتبرأ ذمة المدين بالوفاء لأحدهم. أما التضامن السلبي، فيحق للدائن الرجوع على أي مدين متضامن، ويتعدد ضمانه بتعدد المدينين. يقتضي التضامن مصلحة مشتركة. المبحث الثالث: تعدد طرفي الالتزام المطلب الأول: التضامن بين الدائنين الفرع الأول: مصدر التضامن الإيجابي: مصدره الاتفاق أو الإرادة المنفردة (الوصية)، وهو نادر عملياً لخطر إعسار الدائن المستوفي للدين. لذا، يفضل الدائنون عقد وكالة. لا يُفترض التضامن الإيجابي، بل يحتاج لإرادة واضحة، وهذا ينطبق على المسائل التجارية. أمثلة: بيع ثلاثة أشياء، ووصية بمبلغ يستوفى بالتضامن. الفرع الثاني: أحكام التضامن الإيجابي: تحكمه مبادئ: وحدة الدين (تبرأ ذمة المدين بالوفاء الكامل لأحد الدائنين، إلا في حالة الورثة)، تعدد الروابط (استقلال رابطة كل دائن، مراعاة الشروط الخاصة بكل رابطة)، والنيابة التبادلية فيما ينفع (استفادة الدائنين من إعذار أو وقف تقادم أحد منهم). يستوفي كل دائن حصته، ولهم الرجوع على المستوفي للدين بدعوى وكالة أو فضالة. المطلب الثاني: التضامن السلبي الفرع الأول: تعريف ومصدر الالتزام السلبي: التضامن السلبي بين مدينين ملتزمين بدين واحد، مسؤولية كل منهم كاملة. مصدره الاتفاق أو النص القانوني (مثال: المادة 126 ق.م. عن فعل ضار، المادة 667 ق.م. عن الكفلاء، المادة 554 ق.م.ج. عن المقاول والمهندس، وشركاء شركة التضامن). الفرع الثاني: آثار التضامن السلبي: تحكمه مبادئ: وحدة الدين (وفاء أحد المدينين يبرئ الباقين، ولا يمكن للدائن رفض الاستيفاء الكامل)، تعدد الروابط (مراعاة العيوب الخاصة بكل رابطة، والأوصاف، وأسباب الانقضاء)، والنيابة التبادلية فيما ينفع لا فيما يضر. أسباب انقضاء الالتزام: المقاصة (بقدر الحصة)، اتحاد الذمة (بقدر الحصة)، الإبراء (بقدر الحصة أو كلياً بتصريح الدائن)، الإعذار والمطالبة القضائية (لا يؤثر إعذار أحد المدينين على الآخرين، إلا إذا أعذر أحد المدينين الدائن)، الإقرار واليمين (لا يسري إقرار أحد المدينين على الآخرين). في علاقة المدينين، ينقسم الدين بينهم بحصصهم. للمدين الموفى حق الرجوع على الآخرين. المبحث الثاني: عدم قابلية الالتزام للانقسام المطلب الأول: أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام: لأسباب: محل لا يقبل التجزئة (مطلقاً أو نسبياً)، أو اتفاق المتعاقدين (صريحاً أو ضمنياً). المطلب الثاني: آثار عدم قابلية الالتزام للانقسام: إذا تعدد المدينون، يلتزم كل منهم بالكامل، ولهم الرجوع على الآخرين. إذا تعدد الدائنون، يحق لكل واحد المطالبة بالكامل، مع إمكانية اعتراض أحد الدائنين. الخاتمة: فروق بين عدم قابلية الالتزام للانقسام والتضامن: التضامن اتفاقي أو قانوني، أما عدم القابلية للانقسام فقد يكون طبيعياً. في التضامن، الاستحالة تؤدي لدفع تعويض، أما في عدم القابلية للانقسام، فالتعويض يُقسم. في التضامن، انقضاء الدين بسبب غير الوفاء يؤثر بحصة المدين/الدائن فقط، أما في عدم القابلية للانقسام، ففي تعدد المدينين، يستفيد جميعهم من انقضاء الدين، وفي تعدد الدائنين، لا يستفيد المدين إلا بقدر حصة الدائن الذي انقضى دينه.