هيجل: يرى أن الإنسان يعيش في حالة اغتراب حتى عن نفسه مما دعاه إلى القول "إننا منفصلون في الحياة المباشرة مغتربون والحب هو وسيلة لعبور الانفصال والاغتراب فالحب يقهر الانفصال. فالحب عنده إيجابية وحركة وفعل ونشاط والواقع أن الحب هو الذي يوجد، بول تيليش: يرى أن الإنسان في حالة اغتراب عن ذاته وان الحب هو السلاح الوحيد القادر على استعادة وتوحيد اشد الكائنات انفصالا. أيضا يرتبط مفهوم الحب عند تيليش بالقوة والعدالة فالعدالة هي جزء جوهري من نسيج الحب والقوة عنده هو قوة الجديد في كل إنسان وفى كل تاريخ والحب بهذا لا يشيخ ولا يهرم ونختتم هذه القيم الهامة في حياة الانسان والتي لا تستقيم حياته بدونها، فالسلام هو الطريق الذي يصل بالإنسان إلى الأمن والأمان والراحة والطمأنينة النفسية والقومية. السلام فالسلام أولا يعنى السلام النفسي والطمأنينة القلبية للإنسان، وعندما يستشعر الأنسان الأمان فهو بالضرورة سوف يشعر بالسلام، وينشره بصورة أمنة لمن حوله صورة متقدمة وبناءة لوطنه ومجتمعه. ولكن نتساءل؟ كيف تناول بعض الفلاسفة هذا اللفظ وكيف فسر كل منهما هذا المفهوم؟ بداية إذا تناولنا بعض فلاسفة اليونان سوف نرى أن هذا المفهوم اختلف عندهم اختلافا كبيرا وفهموا معنى صراع الحرب والسلام على انه صراع دائم بين قوى الخير والشر. إذن فهو صراع طبيعة وليس صراع أشخاص وهذا المفهوم يتضح عند الفلاسفة السابقين على سقراط مفهوم السلام عند بعض فلاسفة اليونان هيرقليطس فكل الأشياء تحتوي أضدادها داخلها. وفى الصراع والتطاحن بين المبدأين المتعارضين تقوم حياة الأشياء ووجودها وكيانها وقد عبر هيرقليطس من هذه الفكرة بأشكال مختلفة يقول: "النزاع هو أصل جميع الأشياء" (الله هو النهار والليل، إذن الصراع قائم بين الأضداد وهذا الصراع هو الذي ينتج التناغم وعندما تتغلب واحدة من هذه القوى على الأخرى تكون إما حالة حرب أو حالة سلام. أنباد قليس داخلنا للقوى الآلية للجذب والتنافر العاملة في العالم الواسع. ويستمر الصراع بين الحب والكراهية إلى ما لا نهاية. السلام في الفكر الإسلامي وعقيدة من عندهم لقد صباح الإسلام منذ مطلع فجره وإشراق نه صيحته المدوية في أفاق الدنيا يدعو إلى السلام ويضع أسس أن الإسلام بحب الحياة ويقدسها ويحب الناس فيها وهو لذلك يحررهم من الخوف، ويرسم الطريقة المثلى لتعيش الإنسانية متجهة إلى غايتها من الرقي والتقدم، لان السلام والإسلام، يلتقيان في توفير الطمأنينة والأمن والسكينة كذلك من أسماء الله. الحسني "السلام" الذي يؤمن به الناس بما شرع من مبادئ وبما رسم من خطط ومناهج وحامل هذه الرسالة هو حامل راية السلام والهدى والنور والخير والرشاد وهو يحدث عن نفسه، فيقول: "إنما أنا رحمة مهداه". وقد كثرت الأحاديث النبوية في هذا المضمار لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل نمتنا". وما ينبغي لإنسان أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأه بكلمة السلام، أيضا تحية الله المؤمنين تحية سلام من شانه أن يوقظ الحواس جميعها، ولكن على العكس فقد غلب على المسلمين في كل زمن روح الإسلام، فإذا انقطعت أسباب الشغب تراجعت القلوب إلى سابق عهدها من اللين والمياسرة. وخذلانهم له، وسعى الكثير منهم في هدمه بعلم وبغير علم، ولم يخلو زمن من ظهور جموع كثيرة من ملل مختلفة تنزع إلى الأخذ بعقائده على بصيرة فيما ينزع إليه لا سيف وراءها، ولا داعي أمامها، وإنما هي مجرة الاطلاع على ما أودعه، مع قليل من حركة الفكر في العلم بما شرعة. وإقبال الناس على الاعتقاد به من كل ملة إنما كان لسهولة تعقله، وعدالة شريعته وبالجملة لان فطرة البشر تطلب دينا ترتاد منه ما هو أمس بمصالحها، وأقرب إلى قلوبها ومشاعرها وادعى إلى الطمأنينة في الدنيا والآخرة. ودين هذا شانه يجد إلي القلوب منفذا، وإلى العقول سبيلا وبدون حاجة إلى دعاة ينفقون الأموال الكثيرة والأوقات الطويلة، ويستكثرون من الوسائل ونصب الحبائل النفوس إليه. لجذب ونحن نذكر أمر سيدنا عمر للمسلمين من إلا يقيمون الصلاة في كنيسة كانوا بجوارها خوفا من أن يتخذها المسلمون بعد ذلك مسجداً لهم فالإسلام ترك لأصحاب الديانات الأخرى حرية العقيدة وتركهم يمارسون طقوس دياناتهم ولم يكره الناس على اعتناق الإسلام قال تعالى( لا إكراه في الدِّينِ (البقرة: ٢٥٦ . فلقد حرص الإسلام من أول عهده على بيان حرية المرء في اختيار عقيدته، قد فتحت باب من التأمل في الإسلام والانتهاء إلى الدخول فيه عن عقيدة سليمة وعلى هدى وبصيرة قال تعالى: ويتضح هذا المعنى في قوله تعالى: ولو شَاء رَبُّكَ لا مَن مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جميعا أفانت تكره الناس حولي حتي يكونوا َمُؤْمِنِين )يونس: ۹۹ وطهارته التي أنشاه الله عليها، إذن السلام يساعد على هدوء النفس وإحساسها بالسعادة والطمأنينة، لذلك فقد اهتم فلاسفة الأخلاق بالنفس المسلمة من حيث هي مصدر السلوك الخلقي. وقد قال المسلمون إن ما يأخذ به الإنسان لنفسه من الأدب يسمى خلقا لأنه يصير كالخلقة فيه أي حال النفس وفعل من أفعالها، تقوم به باستمرار أو بحيث يصبح عادة وطبيعة لها وطريقة ومنهاج ما يسلكه ويسير بمقتضاه. وغاية الأخلاق هي تحقيق السعادة النفسية والطمأنينة القلبية للإنسان وتهيئة الحياة الآمنة والعيشة الراضية له في كل من حياته العاجلة والآجلة. وفي هذا دليل على السلام، لان السلام يتحقق من خلال الاستقرار النفسي والطمأنينة النفسية للإنسان وبما أن السلام مرتبط بالأخلاق فهو مرتبط أيضا بالسلوك الذي يتمثل في الآداب والمعاملات. السلام في الفكر الحديث يتضح من فلسفة كانط الأخلاقية أن الأخلاق ترتبط بالواجب، والواجب يأتي عن طريق الالتزام بالقانون الأخلاقي، لان الأخلاق في النهاية هي التي تؤدى إلى الفضيلة والفضيلة حتما ستؤدى إلى السعادة وهذا لن يتحقق إلا في ظل من الأمن والسلام ومن أجل السلام والطمأنينة النفسية للشعوب والأفراد تحاول أن نجد حلا لكل هذه الصراعات التي تؤدى إلى الحروب والدمار. كل هذه الصراعات من الممكن معالجتها بطرق عديدة. ١. أن يحلل الشخص الصراع على مستوى عالي من التفكير ٣. أن يتم مساعدة الشخص على تطوير وتنمية الوعي الذاتي. ٤. ان يتم مساعدته أيضا ليتفهم الآخرين ويتعاطف معهم ومع مشاكلهم وآلامهم ومع مخاوفهم. لذلك فالسلام لن يتحقق ويكون حقيقة ملموسة إلا إذا عرس في نفس أبنائنا وأصبح منهج في حياتهم ومستقبلهم لذلك فلابد أن تربي ابنائنا على حب السلام ونشبع أنفسهم به. ان السلام ضرورة وله أهميته الواضحة التي لا جدال فيها بل هو مبدا وعقيدة وفلسفة تمسك بها الحكماء والفلاسفة وكان الفيلسوف المعاصر راسل صاحب دعوة واضحة ورسالة سامية لفكرة السلام. ثانيا: السلام هو المناخ الملائم لنمو الطاقات الإبداعية لدى البشر تلك الطاقات التي يشلها الخوف وتقضى عليها الكراهية عما يمكن أن تفضي إليه الحرب من التدهور الاجتماعي والانحطاط الخلقي بوجه عام. بل أصبح كذلك ضمانا لمجرة استمرار الوجود البشرى كجنس على ظهر الأرض. فان الحرب التي تستخدم فيها مثل هذه الأسلحة قد تعنى الإبادة القامة لكل أفراد الجنس البشرى أو قد تعني على أحسن الفروض القضاء على كل منجزات الحضارة وإعادة الإنسان إلى فجر التاريخ مرة أخرى. رسالة راسل إلى الجنس البشرى كذلك وجه راسل رسالة إلى الجنس البشرى فيقول: "أود أن أقول للجنس البشرى إنك من خلال ما أوتيت من معرفة، تملك من القدرات ما لم يكن لدى الإنسان من قبل، لو تحققت من أن الجنس البشرى كله إنما هو أسرة واحدة، ونحن أبناء هذه الأسرة في أيدينا أن نكون سعداء وفي أيدينا في ذات الوقت أن نكون بؤساء لقد انقضى الزمن الذي كانت فيه القلة السعيدة تستطيع أن تحيا على حساب مؤسس الكثرة الكبيرة، ولن يقبله البشر مرة أخرى فعلى الجنس البشرى أن يعلم من خلال ما أوتى من معرفة أنه لن يعيش سعيدا، ما لم يعيش جيرانه في سعادة. وفي يقيني أن الناس لو عملوا على ترشيد تعليمهم وتوجيهه في طريق الحكمة لتفتحت أمامهم أفاق الطبيعة ولن يجدوا صعوبة في أن يمنحوا غيرهم السعادة ، كشرط أساسي لكي يعيشوا هم أنفسهم سعداء وظالما رأيت بعين عالما من سعداء البشر. عالما من بني البشر على وعي بان مصالحهم المشتركة أرجح كفة من نزعات التنافس والتناحر التي من شانها القضاء على الإمكانيات العظيمة التي بوسع الخيال البشرى أو الذكاء البشرى أن يجعلها أمرا قابلا للتحقيق. وعملوا على تحقيقه ولو قدر لهذا العالم أن يوجد، أو أن يكون في حيز الوجود، فياله من عالم مجيد إلى أقصى درجات المجد وياله من عالم عظيم إلى اقصى درجات العظمة،