تتناثـر مجموعـة مـن البيـوت يزينهـا مسـجد كبـر يربـض بشـموخ وعـزة علـى رأس التـل، تصـدح التكبـرات مـن مئذنتـه كل يـوم لتمـأ الـوادي عظمـة وخشـوع ً ا، متمنّيًـا أن يحظـى بفرصـة العيـش فيهـا ولـو لأيـام قليلـة بعيـد ً ا عـن ضجـة المدينـة وصخـب الحيـاة فيهـا. يتمتـع أهلهـا بهوائهـا العليـل، وينعمـون بخرياتهـا الـي لا تنتهـي، لكثـر مـن الخدمـات الـي يتمتّـع بهـا أهـل المدينـة، القمــح والزيتــون ألــذ ّ مــن كل مــا يتمتــع بــه أهــل المــدن مــن طعــام وشــراب فالجــراح كانــت أعمــق مــن ذلــك بكثــر. هنــاك في بيــت صغــر مــن بيوتهــا أظلمــت الدنيــا تمام ً ــا، كانـت أصواتهـم المرعبـة تقتـرب مـن البيـت شـيئًا يعلــو ضجيجهــم المخيــف كلمــا اقتحمــوا بيتًــا مــن بيــوت الجــران، وتوس ّ ــات مــن آبــاء وأمهــات يطلبــون الرحمــة. ووقــع خطواتهــم قــد صــار أقــوى وأكثــر وضوح ً ــا واقتحمـه جنـود يحملـون السـاح يبحثـون لكــن مــاذا يريــدون مــن ســكان قريــة حدوديــة نائيــة صغــرة دمّروهـا مـن قبـل وقتلـوا الكثـر مـن أهلهـا؟ هـل يريـدون فعـاً القضـاء علـى مـن بقـي فيهـا مـن أنـاس ضعفـاء؟ لم يتركــوا غرفــة ولا زاويــة إلا بحثــوا فيهــا. ابحــث تحــت هــذا الســرير المتهالــك ربّمــا وجدنــا تحتــه بعينـن خائفتـن وكأنـه يـرى المـوت علـى شـكل بشـر. كانــت أوصالــه ترتعــد مــن شــدة الخــوف، ازرقّــت شــفتاه ودمعــت عينــاه وصمــت لســانه عــن النطــق بحــرف واحــد -أيـن بقيـة أهلـك يـا ولـد؟ أيـن والـداك وإخوتـك؟ هيـا تكلـم، كعصفـور في قفـص يضـرب بجناحيـه كان يتمــى أن يكــون هــذا مجــرّد كابـوس سـيصحو منـه ويركـض إلى حضـن أخيـه كمـا في كل مـرة لِيُهـد ّ ئ مـن روعـه ويعـود لينـام بعمـق مـن جديـد. كان حســن يراقــب المشــهد مــن بعيــد برعــب وذهــول، كانـت تلـك الكسـرات وجبـة طعـام لكنـه وقـف متفرج ً ـا علـى مشـهد اختطـاف أخيـه والعجـز يكبّـل كلتـا يديـه، مــا هــو الحــل؟ هــل يمكــن أن يتخيّــل حياتــه دون أنــس؟ هــل يمكــن أن