ومن أعظم الأحاديث النبوية التي تبين أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يتعامل مع المواقف الصعبة والنفوس المختلفة. إنه حديث تقسيم غنائم حنين. حينما انتصر المسلمون في يوم حنين في السنة الثامنة من الهجرة، غنم المسلمون من هوازن وثقيف غنيمة عظيمة، فقسمها النبي صلى الله عليه وسلم في المؤلفة قلوبهم، وهم كبار القوم الذين أسلموا حديثا من كبار كفار قريش، أسلموا قبل قسم الغنيمة بأيام قليلة، ولم يعط النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار شيئا، وهم الذين بذلوا دمائهم وأرواحهم. وقالوا بحسرة وأسى سيوفنا تقطر من دمائهم، فرأوا غنام غنائمهم، ولم يفطنوا للحكمة الرشيدة المقصودة، حتى قال واحد من الأنصار لقي والله رسول الله قومه، أي لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قومه من قريش نسينا، ولم يتمالك كذلك زعيم الأنصار سعد بن عبادة رضي الله عنه نفسه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصارحه، ويخبره بما يجول في خواطر الناس، فلما أخبره بذلك تعجب النبي صلى الله عليه وسلم كيف حل ذلك في قلوبهم، وقال له فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال ما أنا إلا من قومي رضي الله عن سعد، بل صارح النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي فأجمع لي قومك، فقال ما حديث بلغني عنكم؟ أراد أن يتحقق، فألفكم الله به كنتم فقراء معدمين لا مال لكم، ثم جعلت هذه الكلمات تقرع قلوبهم، ثم قال لهم ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله؟ قالوا ودموعهم تسيل على خدودهم الله ورسوله أمن، نملك، ثم قال أما ترضون أن يذهب الناس بالشات والبعير، وأعطيكم أنتم نفسي ووقتي، ما أوقعه في نفوس صحابته الكرام، ولو سلك الناس. وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها كل هذا حتى يبين لهم فضلهم ومكانتهم عنده، انظروا وتأملوا لهذا الثناء، وأبناء أبناء الأنصار، هكذا يستعطف قلوبهم، ويجبر خواطرهم، تلقوني على الحوض، فاصبروا،