تعد مرحلة اختيار موضوع ملائم لعمل بحث علمي في أي من التخصصات، بما في ذلك الإعلام، بل إنها تكاد تكون أشقها على الإطلاق، فمن الأمور الشائعة بين الطلاب المتخصصين في الإعلام ممن يُكلفون بإعداد البحوث وكتابتها، أن يتساءلوا في أي الموضوعات يمكنني أعمل بحثي؟ وكيف ستكون عملية الاختيار ؟ وهل سبق وأن تناول أحد بالدراسة ذلك الموضوع أم أنه جديد في بابه؟ وهكذا. إذا فالمقبل على عمل بحث ما ربما يعيش مرحلة قلق طويلة يخسر فيها الكثير من الوقت والجهد قبل أن يستقر رأيه على موضوع بعينه، بل إنه ربما يشرع في عمل بحث ما ثم يفاجأ لسبب من الأسباب بأنه لا يمكن الاستمرار فيه؛ ليعود لنفس الدوامة التي ابتدأ منها قبل اختياره لذلك الموضوع، ولتجنب مثل هذه الحيرة التي يعاني منها الكثير هناك بعض الأمور التي لابد وأن يراعيها الدارس قبل اختياره لأي موضوع. بمعنى أن يضع نصب عينيه إطاراً معيناً من تلك الأطر التي يرى أنها تتلاءم مع رغباته الشخصية وميوله ويقرر بأن ذلك هو المجال العام الذي يريد أن يبحث فيه، وعليه أن يتذكر بأنه كلما أمكن حصر ذلك الموضوع في نطاق أضيق كلما يعني ذلك بأنه اقترب من موضوع بحثه، ففي البحوث الإعلامية على سبيل المثال يجب على الباحث أن يحدد أولاً تحت أي إطار عام يرى الباحث بأنه يملك فيه الخبرة المناسبة بل والرغبة الشخصية؟ ويبدأ ذلك ولا شك بتحديد الشعبة التي يريد أن يتناول فيها موضوع الدراسة، ويمكن للباحث أيضاً أن يستعين بعناصر أخرى كنوع الاتصال الذي يريد أن يركز عليه في دراسته كالاتصال الجماهيري أو الاتصال الشخصي، بعد ذلك يمكن الانطلاق إلى الخطوة التالية، ذلك أن الباحث يتعامل مع نهر ضخم من أنهار بحور المعرفة الإعلامية، كونته جداول واسعة يمثل بعضها على سبيل المثال: تاريخ التلفزيون، وعلى الرغم من أن أحد هذه الجداول يصلح لأن يكون موضوعاً مناسباً، إلا أنه كلما أمكن تضييق الموضوع مرة أخرى أصبحت فرصة الباحث في التركيز أقوى، أو أية جزئية يمكن ربطها بالعنوان العام الذي تولدت منه هذه الموضوعات، بل إن هذه الموضوعات نفسها يمكن تشعيبها هي الأخرى إلى شعب مختلفة تصلح لأن تكون مواضيع مستقلة لعمل بحث متكامل. وهي ما تعرف بعملية التعرف علىمشكلة البحث التي تدفع الباحث إلى الرغبة في التعرف على تفسير لها. إن تحديد مشكلة البحث يعد عاملاً حاسماً في تقرير أهمية الدراسة من عدمها، ولذلك يقال بأن الكثير من العلماء الباحثين) مدينون بتفوقهم لقدرتهم الحكيمة على اختيار مشاكل أبحاثهم، هذا القول يعني بأن تحديد مشكلة البحث ليست بالسهولة التي تتم فيها عملية تحديد مجال البحث، ويعني في الوقت ذاته بأن مشكلة البحث هي التي تقرر عنوان البحث وتحدده؛ وإنما يختار مجال بحثه ثم يحدد مشكلته.