كان محمد ابنا عاديا يساعد عائلته ويذاكر دروسه، لكن تغيرت سلوكياته بسبب الأصدقاء في المدرسة، الذين ينظرون إلى كل من يلتزم بتوجيهات البيت والمدرسة بأنه ضعيف الشخصية ولا يستطيع التحرر من القيود المجتمعية، فتطورت سلوكيات محمد حتى أصبح شخصا مختلفاً لا يبدي أي احترام للعائلة. وبحكم أن أصدقاء محمد يكبرونه بعدة أعوام، فكان يستمع إليهم ويسير خلفهم باستمرار، وفي يوم قرروا اصطحابه معهم إلى أحد الأماكن لتعاطي المخدرات، بدأ الأمر بالتجربة ظنا منه أنه سيكون شخصا مختلفا، ليكون هذا المكان بداية طريق الهلاك. اعتاد محمد على التدخين في المدرسة مع زملائه، ثم تطور الأمر للهروب من اليوم الدراسي وانقلبت حياته رأسا على عقب، فقررت العائلة الانتقال إلى منطقة أخرى، سعيا نحو تقويم سلوكيات الابن الذي ضل الطريق. لم تكن المنطقة الجديدة أحسن حالا، بل تعرف على أصدقاء جدد سلوكياتهم أسوأ من السابقين، واصطحبوه معهم في طريق شرب الكحوليات والتعرف على المدمنين، وظل الحال على هذا الأمر ولم يأبه محمد بتوجيهات عائلته وكان يتغيب عن المنزل في بعض الأحيان لمدة 3 أيام. بدأ محمد عامه الثامن عشر، لتبدأ معه رحلة جديدة من رحلات الإدمان، ففي السابق كان يتعاطى المخدرات لكن كان ينتابه شعور الخوف والسير في طريق الهلاك، لكنه في هذه المرحلة تمرد على هذا الشعور وكان يتعاطى كميات كبيرة ليثبت لأصدقائه المدمنين أنه قادر على فعل ذلك ليكون في نظرهم "شجاعا وبطلا". تنوعت السموم التي يتلقاها جسد محمد، وكانت له تجارب مع مختلف أنواع المواد المخدرة، واتسعت دائرة الأصدقاء المدمنين من داخل البلاد وخارجها، وأصبح يُلقب بـ"محمد المدمن" بعدما تغير شكله ومظهره وطريقة كلامه. وبطبيعة الحال، عوقب بالسجن بتهمة تعاطي المواد المخدرة، لكن هذا الأمر لم يُغير من شخصيته، بل كان يشعر بالفخر لأنه فعل ما لم يستطع أقرانه فعله، فلم يكن مدركا أنه في بداية مرحلة الإجرام ودمار نفسه لأنه قضى كثيرا من سنين حياته خلف القضبان. ظنت العائلة أنَّ الحل الأمثل سيكون بزواج ابنهم ليكون مسؤولا ويحرص على تعديل سلوكياته والسير في الطريق الصحيح والابتعاد عن الإدمان، لكن الزواج كان مُعاناة جديدة، فلم يكن قادرا على تحمل المسؤولية أو التعافي من الإدمان، فقرر الأب طرده من المنزل رغم أنَّه أنجب طفلة لم تجد أبا تستند إليه ليرعاها. انعزل محمد بعيدا عن الجميع، ولم يتردد في تجربة كل أنواع المخدرات، وكان يبحث على مواقع الإنترنت عن الأنواع المخدرة الجيدة ويدفعه فضوله لتجربتها، فقد أدمن 9 أنواع حتى شارف على الهلاك. عند هذه المرحلة استعاد وعيه وأحس بدمار حياته وحياة أسرته الصغيرة، فقرر توجيه بوصلته نحو التعافي بدلاً من الاستمرار في التعاطي. لجأ إلى المستشفيات والعيادات الخاصة وواظب على تناول الأدوية لمدة أسبوعين، لكنه عاد إلى ما كان عليه ليزداد ألمه النفسي والجسدي وحاول الانتحار أكثر من 5 مرات، كما أنه مرَّ بمرحلة صعبة فقد فيها والديه وابتعد عنه الجميع. كادت المخدرات أن تودي بحياة محمد عشرات المرات، وفي إحدى هذه المرات كانت نهايته قريبة فقد دخل في غيبوبة استمرت 5 أيام، وبعدما عاد إلى وعيه بدأ طريق التعافي بشكل جدي مع إحدى الطبيبات التي نقلته إلى مستشفى المسرة وبدعم من أخيه استطاع أن يستمر في طرق العلاج. استمرت فترة العلاج 9 أشهر وبعد تعافيه بشكل كامل، كان التحدي الأكبر بالنسبة له هو مواجهة المجتمع الذي ما يزال يعرفه بـ"المدمن"، وبدعم من الطبيبة استطاع أن يجعل المجتمع المحيط به يلمس التغير في سلوكياته وتصرفاته، ليعود من جديد إلى حياته الطبيعية.