كانت دمشق على مر العصور واجهة بلاد الشام، محتفظة بأهمية تاريخية وسياسية بارزة قبل وبعد انتشار الإسلام. كانت تعتبر من أقدم المدن المأهولة في بلاد المشرق، وقد عرف العرب المسلمون قيمتها عندما فتحوا بلاد الشام، فاهتموا بها وحافظوا عليها ورفعوا قدرها. أصبحت دمشق عاصمة الخلافة الأموية، مقر الحكم والإدارة. لكن هذا القدر السياسي تراجع مع ثورة العباسيين، الذين انتزعوا صفة العاصمة من دمشق. مع ذلك، حافظت المدينة على رونقها الحضاري والمعالم الإسلامية. بحلول القرن الرابع الهجري، اشتدت المنافسة بين القاهرة عاصمة الفاطميين وبغداد عاصمة العباسيين. سعت كل مدينة لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي على العالم الإسلامي، واستطاعت القاهرة تحقيق الغلبة بعد سيطرة الفاطميين على بلاد الشام وأجزاء من بلاد الحجاز. بعد سيطرة الفاطميين على الشام، دخلت دمشق اللعبة السياسية، وشهدت جميع التجاذبات بين الدول والدويلات، إلى أن عادت مدينة دمشق لاستعادة مكانتها السياسية والعسكرية في عهد الدولة الأيوبية. اهتم الأمراء الأيوبيين بالعمل السياسي في بلاد الشام بشكل عام ودمشق بشكل خاص. اتبعوا طريقين: إقطاع إداري للأمراء من الأسرة الأيوبية الحاكمة وكبار موظفي الدولة، وآخر عسكري مرتبط بما يؤديه صاحب الاقطاع من مجهود وخدمات حربية للدولة. في عام 581هـ/1185م، أعاد صلاح الدين تنظيم الإقطاع العسكري في جميع بلاد الشام، ووزع هذه الاقطاعات على الأجناد، واستدعى ولده الأفضل نور الدين من مصر وقام باقطاعه مدينة دمشق. لعبت دمشق دورًا كبيرًا في الفتوحات الأيوبية والمعارك مع الصليبيين. لكنها عانت أيضًا من التجاذبات والأزمات جراء الصراعات بين الأمراء، مما أدى إلى صعوبات لأهلها نتيجة الحصارات والحرائق. تبقى دمشق واجهة المدن الشامية، وقد تأثرت بطبيعة السياسة الأيوبية، خاصة لجهة التفاوت الإقطاعي وتوالي الحكام على إدارة أمورها.