الأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعد النبي عن العرباض بن سارية ذلكَه ، قال: وعظنا رسول اللّٰه طلتكه يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل : إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول اللّه؟ قال : (أوصيكم بتقوى الله، والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، عضوا عليها بالنواجز)(١). نظراً لأهمية هذا الحديث الشريف وارتباط (وعظنا رسول اللّه ، وهذا من دأبه لتك أنه كان يحظ الناس بالمواعظ أحياناً على وجهراتب. إذا وجد سبب يقضي الموعظة. فأثرت فيهم تأثيراً بالغأ، حتى قالوا: يا رسول الله، لأن المودع إذا أراد المغادرة، فإنه يعظ من خلفه بعلواعظ البليغة التي تكون ذكرى لهم فلا ينسونها. لهذا قالوا : كأنها موعظة مودع فأوصنا. - فقال : (أوصيكم بتقوى اللّٰه). وهذه الوصية التي أوصى بها اللّٰه وعجَل عباده، كلمة جامعة من أجمع الكلمات الشرعية، ومعناها: أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله، ولا يكون هذا إلا بفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولا بد من عمل، وحصلت له التقوى. السمع والطاعة، .. وجعل اللّٰه له السلطة ، .. وأما ما ينكره الشرع، فإنه لا طاعة له. - ثم قال ك : (فإنه من يعش منكم، يعني أن من يعش منكم ويمد له في عمره، اختلافاً كثيراً في الولاية، واختلافاً كثيراً في العمل، وهذا الذي وقع ؛ فإن الصحابة ققا لم ينقرضوا حتى حصلت الفتن العظيمة في مقتل عثمان ظلت ، النظام العياسي الإسلامي والذي يجب علينا - لعن - إزاء هذه الفتن، وأن لا نتكلم فيه ؛ وصدق . ولا تسألون عما كانوا يعملون. وجد من ينتصر لبني أمية، ويقدح في علي ين أبي طالب وآل النيي تي، لأن التاريخ يخضع للسياسة. لإن التاريخ يكون فيه كذب، ويحذف ما يكون، كل هذا تبعاً للسياسة. ولكن - على كل حال - ما جرى بين الصحابة تقا يجب علينا أن نكف عنه، حتى لا يكون في قلوبنا غلّ على أحد منهم. نحبهم كلهم، ونسأل اللّٰه أن يميتنا على حبهم، - قال النبي : (وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً). وهذا هو الذي وقع. ولكن هل هذه الجملة تنزَّل على كل زمان، أو أن هذا خاص بمن خاطبهم الرسول اياسي الإسلامي . الا؟ نقول: إنه ينطبق على كل زمن، فمن عاش ومُدَّله في العمر؛ رأى التغير العظيم في الناس، وفي الأفعال، ثم إن الرسول 434 حثَّ عند هذا الاختلاف على لزوم سنة واحدة فقال: فقال: نلزم سنته، كما قال اللّٰه تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىْ يُحَكِّمُوكَ هِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمّ لَا تَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهمْ حَرَجَا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُجَلَمُوأْ تَسْلِيمًا ) (النساء : ٦٥)، فستة النبي ه هي سبيل النجاة لمن أراد اللّٰه نجاته من الخلافات والبدع. - وقوله : (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين). وعثمان، وعلي خنتقا ، وألحقنا بهم في جنات النعيم، هؤلاء الخلفاء الأربعة ومن بعدهم من خلفاء الأمة، هم الذين أمرنا باتباع سنتهم. والنواجذ: أقصى الأضراس، وهو كتاية عن شدة التمسك، فإنه يكون ذلك أشد شكاً ما لو أمسكه بيد واحدة، يعني أحذركم من محدثات الأمور، أي من الأمور المحدثة، وهذه الإضاة من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، والأمور المحدثة يعني بها صلوات الّه وسلامه عليه: المحدثات في دين الله. وذلك لأن الأصل فيما يدين به الإنسان ربه ويتقرب به إليه المنع والتحريم، حتى يقوم دليل على أنه مشروع. أما الأمور العادية وأمور الدنيا فهذه لا ينكر على محدثاتها إلا إذا كان قد نص على تحريمه، أو كان داخلاً في قاعدة عامة تدل على التحريم. وإن ظن صاحبها أنها خير،